قضايا وآراء

مستشار المرحوم بين التجني والتشنج

مسعود حامد
1300x600
1300x600
قراءتي الأولى لكتيب "الإخوان والرئيس بين التجني والتشنج" لمؤلفه أحمد عبدالعزيز، والمكتوب بلا ناشر رسمي له فقد وصلني الكترونيا مؤخرا، أنه من مصنفات "السيرة الذاتية" التي تخصّ مرحلة من المراحل، وهي قصيرة جدا تكاد تقترب من العام، وهو أشبه بالشهادة الحيّة على حقبة من أهم الحقب قاطبة في تاريخ مصر الحديث والمعاصر.

تلك الحقبة القصيرة التي لا تجاوز سنة في أحسن تقدير كانت مفصلية؛ كونها تشي بتفاصيل إعلامية عن أول حُكم مدني ديمقراطي عرفه بر مصر، برئاسة الدكتور محمد مرسي رحمه الله، ومن خلال أحد المقربين للرئاسة، وضمن الفريق الاستشاري للرئيس في مجال الصحافة والإعلام.

وقد آثر المؤلف أن يدلو بدلوه من خلال المقارنة، وإن شئت الدقة، الاشتباك مع شهود آخرين، عبّروا عن شهاداتهم مع الإعلامي سليم عزوز على قناة الجزيرة مباشر. وباستثناء النقد اللاذع لبرنامج "الشهادة للإعلامي سليم عزوز"، فإن اللغة هدأت قليلا وانزاحت من العنف اللفظي في كثير من فقرات المؤلف، المحسوب على السرد الواصف، كاشفا أسرارا مهمة فيما يخص آلية المؤسسات الإعلامية، وشخصيات مسؤولة تقترب من هذا المجال.

تلك الشهادة كانت شجاعة في نقدها لذاتها الأيديولوجية؛ فلم تبرر، كما هو معتاد ونمطي، أخطاء قرارات لجماعتها، ولم تمررها، لكنها في الوقت ذاته ظلت تلك الشهادة متحركة بهاجس الدفاع عن الرئيس، والاستغراق تحت فضله ومثاليته، رغم منطقية أن يخطئ أي رئيس في ذلكم الوضع الملتبس وتلك المرحلة الانتقالية مع هذا الكم الخفي من الفلول والثورة المضادة. فلم يذكر أمرا سلبيا يخصه، بل يكيل الضربات لمن يقترب من نقد الرئيس.

ولم تحدد تلك الشهادة علاقة الرياسة بجماعة الإخوان المسلمين، ولا آلية اتخاذ القرار فيها وعلاقته بقرارات الرئيس. كما وجه انتقادات لاذعة لضعف أداء الوزير الإخواني صلاح عبد المقصود، وبدا لو أن هناك صلاحيات أهم للمؤلف من صلاحيات وزير الإعلام نفسه، رغم أنه فرد فريق يخص الرئاسة لا الوزارة.

على مستوى الشكل، فقد أصرّ المؤلف على إبراز صور فوتوغرافية لا معنى لها، ولا علاقة لها بالمحتوى، لكنها حرفته كونه خريج فنون تشكيلية لا كلية إعلام، وهي صور معروفة أصحابها لشهرتهم، فلا معنى جديدا تشي به الصورة حتى.

كما يبدو تأثره بالكتابة الصحفية التي عادة ما تلخص الأفكار داخل كل مقال، عبر عناوين ملخصة في براويز، وهو نمط غير ملزم في تأليف الكتاب. كما خلت تلك الشهادة من أية وثائق تعضد وتوثق لتلك المرحلة، وتعضد ما يقول.

الكتيب عبارة عن مقالات له وتعليقات على صفحته على فيسبوك، ولا يوجد له ناشر رسمي. وقد أرسل لي مؤخرا عبر صيغة "بي دي إف". وفيه هجوم عنيف على من عبّروا عن رأيهم في حقبة مرسي، أمثال عصام تليمة، والغريب أنه استثنى حمزة زوبع من النقد، رغم هجومه على المذيع منتقدا ما أسماه غياب المهنية والتحيز وأنه يكن حقدا للرئيس.

وتظهر مثل هذه السيرة الذاتية ضعف هذا النوع الفني من الكتابة عن أجيال الرواد، ربما مرد ذلك إلى غياب القصدية، فهي مقالات شتى تم تجميعها، لكنها تظل على كل حال شهادة مهمة كلوحة صغيرة في موزاييك كبير يبرز المعنى ويبينه، وأجمل ما فيها النثريات البكائية التي يرثي فيها المؤلف من عيّنه مستشارا إعلاميا له، وهي نثريات عالية الجودة الفنية لأقصى حد.
التعليقات (1)
محمود رمضان
الإثنين، 08-06-2020 05:17 ص
تحليل ونقد موضوعي الى اقصى حد.