هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار الرفض والهجوم التركي لأول مرة على عملية "إيريني" الأوروبية في ليبيا واتهامها بدعم الانقلاب في هذه البلاد، تكهنات وتساؤلات عدة حول قدرة "أنقرة" على إفشال هذه العملية وعمل تحشيد دولي لرفضها خاصة من قبل حلف "الناتو".
وهاجم وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، عملية "إيريني" البحرية واعتبرها محاولة لدعم الانقلاب في ليبيا بزعامة "خليفة حفتر"، وأنه لا أرضية قانونية لهذه العملية التي لم توافق عليها الحكومة الشرعية في ليبيا، مطالبا الدول المشاركة فيها بمراجعة نفسها في دعم "جنرال انقلابي".
حلف الناتو
وتساءل "أكار" عن شرعية "إيريني" من حيث القانون الدولي، وعن أبعاد تعاونها مع الأمم المتحدة، حيث لم يقم مطلقو هذه العملية بالتنسيق مع حلف "الناتو" والدول الأخرى بالمنطقة، مثمنا إعلان أمين عام حلف الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، استعداد الحلف لدعم الحكومة الليبية الشرعية، داعيا أطراف عملية "إيريني" إلى مراجعة هذه القضايا، في إشارة ضمنية لدور قادم للحلف"، وفق تصريحاته.
اقرأ أيضا: أكار: على أطراف "إيريني" مراجعة نفسها.. ولا قتلى لنا بليبيا
في سياق آخر، قدمت شركة البترول التركية (تباو) طلبا إلى ليبيا للحصول على إذن بالتنقيب في شرق البحر الأبيض المتوسط، وسط تأكيدات من وزير الطاقة التركي فاتح دونماز أن أعمال الاستكشاف ستبدأ فور الانتهاء من العملية، وفق وكالة "الأناضول".
والسؤال: هل ستبدأ "تركيا" في حملة دولية لإفشال عملية "ايريني"؟ وما أدواتها في تحقيق ذلك؟
تحركات دبلوماسية
من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية بحكومة الوفاق الليبية، محمد القبلاوي في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أنه "منذ إعلان الاتحاد الأوروبي لهذه العملية وحكومتهم تؤكد أنها عملية ستفشل وأنها انحياز لطرف وتضييق على حكومة الوفاق التي يعترفون بها وقدمنا ذلك رسميا لمجلس الأمن وللبرلمان الأوروبي".
وأوضح أن "نتائج هذه التحركات الدبلوماسية الرسمية بدأت تتحقق بالفعل فقبل أيام أعلنت مالطا انسحابها من هذه العملية، وإيطاليا أكدت لنا أنها في فترة قيادتها ستلبي كل الشروط التي طلبتها حكومة الوفاق"، وفق معلوماته.
وتابع في تصريحاته لـ"عربي21": "وبالتالي فعلى الاتحاد الأوروبي ألا يخرق قرارات مجلس الأمن بادعائه أنه يريد تطبيق قرارات مجلس الأمن، لأن هكذا عملية تريد قرارا خاصا بها وتريد تشاورا تاما مع حكومة الوفاق وهو ما أكده القرار رقم 2292 لسنة 2016 وأورده تقرير الأمين العام للأمم المتحدة"، حسب ما صرح.
عملية أحادية ومرفوضة
بدوره، أكد المبعوث الخاص لرئيس حكومة الوفاق إلى دول المغرب العربي، جمعة القماطي أنه "يمكن لدولة تركيا رفض عملية إيريني بالاستناد على أنها عملية أحادية لم تقرها الشرعية الدولية من خلال مجلس الأمن والأمم المتحدة، وأن فرنسا واليونان قامتا بتمريرها من خلال الاتحاد الأوروبي دون تأييد واضح وقوي من بقية دول الاتحاد".
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"عربي21" أن "تركيا دولة مهمة في حلف الناتو وتملك قوة عسكرية كبيرة منها أسطول بحري وبالتالي تستطيع حماية سفنها ولن تجرؤ فرنسا أو اليونان على الصدام العسكري مع النظام التركي خاصة أنهم كذلك أعضاء في نفس الحلف"، كما صرح.
مسارات تركيا
من جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة "سكاريا" التركية، خيري عمر أن تركيا ستتصرف عبر عدة مسارات للضغط أو حتى إيقاف عملية "ايريني" الأوروبية، ومن هذه المسارات: مسار حلف "الناتو" وهو مسارها الأول للوصول إلى هدف مشترك كونه المظلة الأمنية التي تغطي البحر المتوسط، مشددا على أن تصريحات الأمين العام للحلف تؤكد أن الاتحاد الأوروبي يتحرك خارج السياقات العامة للحلف.
اقرأ أيضا: تعثّر إيريني يكشف "عجز" أوروبا عن التعاطي مع الأزمة الليبية
وفي حديثه لـ"عربي21" أوضح أن "المسار الثاني لتركيا هو اعتمادها على قرارات مجلس الأمن المعترف بحكومة الوفاق وفقط ومن ثم فهذه الحكومة هي صاحبة الحق في إقرار أي أمور تخص الدولة، وفي وجهة النظر التركية كون الوفاق لم تقر العملية الأوروبية فهي غير قانونية"، حسب تصوراته.
وبخصوص دلالة اتهام "أنقرة" لـ"ايريني" بدعم الانقلاب في ليبيا، قال عمر: "إيريني ليست عملية دولية بل هي عملية اقليمية تخص الاتحاد الأوروبي وفقط، واتهام تركيا لها بأنها تحابي حفتر هو تماشيا مع اتهامات حكومة الوفاق لها، خاصة أن النظام التركي يرى أن أي حصار بحري لليبيا سيصب في مصلحة حفتر وفقط، لذا طالبت الوفاق بفرض المراقبة على البر أيضا لمنع تدفق السلاح للأخير"، كما صرح.
ضربة قاضية
الباحث السياسي الليبي، علي أبو زيد رأى أن "الموقف التركي يأتي تجاوباً مع مؤشرات غربية قلقة من تنامي الوجود الروسي في ليبيا، وهذا ما كان واضحاً في تصريحات أمين عام الناتو، وتركيا تريد توجيه ضربة قاضية لعملية إيريني التي يمكن اعتبارها عملية فرنسية بواجهة أوروبية".
وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "تركيا اليوم تحاول استثمار الانقسام الأوروبي في السياسة الخارجية لصالحها، وقد نجحت في ذلك إلى كبير، ودورها المفصلي اليوم في ليبيا خير دليل"، وفق تقديراته.