ملفات وتقارير

التفجير وقت الإفطار.. لماذا يتكرر هذا المشهد بسيناء في رمضان؟

انتقد أكاديميون وناشطون حالة التعتيم التي يفرضها النظام المصري في سيناء- جيتي
انتقد أكاديميون وناشطون حالة التعتيم التي يفرضها النظام المصري في سيناء- جيتي

منذ مذبحة رفح الأولى التي شهدتها شبه جزيرة سيناء المصرية التي راح ضحيتها 16 مجندا مصريا، في 6 آب/أغسطس 2012، خلال شهر رمضان، لم يمر شهر رمضان دون أن يحدث تفجير أو هجوم دام أو عملية قتل للمصريين، سواء العسكريين أو المسلحين والمدنيين.

وأعلن الجيش المصري أمس الخميس -السابع من شهر رمضان- مقتل ضابط وضابط صف، وثمانية مجندين بانفجار عبوة ناسفة بالتزامن مع موعد الإفطار، وهو المشهد الذي يدفع للتساؤل حول أسباب تكرار تلك الظاهرة، وخاصة أن بعض التفجيرات تحدث بالتزامن مع وقت الإفطار، ما يزيد غضب المصريين.

وشهدت شبه جزيرة سيناء مواجهات متبادلة بين قوات الأمن وما تدعوه السلطات بالعناصر المسلحة الإجرامية والتكفيرية، أدت لمقتل وإصابة العشرات بشهر رمضان، إثر الانقلاب على الرئيس محمد مرسي 3 تموز/ يوليو 2013.

وتكرر المشهد بشهر رمضان عام 2014، (28 حزيران/ يونيو- 28 تموز/ يوليو)، حيث شهد أعمال قتل بصفوف الأمن والعناصر الإجرامية وتنظيم الدولة على السواء، طالت بعضها المدنيين العزل بسيناء.

وحينها شنت القوات الجوية المصرية غارة بشمال سيناء قُتل فيها 17 فردا، وبعد 11 يوما قُتل جندي و7 مدنيين، بينهم طفلان، بهجومين منفصلين بقذائف هاون.

وقُتل 12 فردا بغارة للقوات الجوية المصرية قرب الشيخ زويد، بينما قُتل 4 أطفال برفح نتيجة لهجوم صاروخي من قبل العناصر المسلحة، تبعه باليوم التالي تصفية 14 شخصا على يد قوات الأمن بالشيخ زويد ورفح.

وشهد رمضان عام 2015، (17حزيران/يونيو- 16تموز/يوليو) مقتل 17 عنصرا من الجيش، بينهم 4 ضباط، وأصيب 13 آخرون، بهجمات استهدفت نقاط تفتيش بشمال سيناء.

كما قتل 22 شخصا وأصيب 30 آخرون بجروح بهجوم للجيش شنته الطائرات على تجمعات بجنوب الشيخ زويد، فيما أعلن الجيش مقتل 241 مسلحا بغارات جوية، ومداهمات برية بشمال سيناء خلال 5 أيام.

وفي رمضان، خلال يوم 16حزيران/ يونيو 2016، قُتل اثنان من رجال الشرطة بعد هجوم مسلح لملثمين على منزلهما بشمال سيناء.

وشهدت سيناء في 25 أيار/ مايو 2017، بشهر رمضان مقتل 4 من قوات الأمن بهجومين منفصلين بشمال سيناء، تبعه يوم 18 حزيران/ يونيو 2017، مقتل ضابط شرطة بشبه الجزيرة المصرية.

وشهد رمضان عام 2018، واقعتان الأولى في 17 أيار/ مايو 2018، حيث أعلن الجيش مقتل 19 مسلحا، بشمال ووسط سيناء، وفي 29 أيار/ مايو 2018، قُتل جنديان و8 مسلحين.


وفي رمضان عام 2019، وتحديدا يوم 21 أيار/ مايو، قُتل 16 مسلحا بمواجهات مع قوات الشرطة، بعمليتين متزامنتين بالعريش.

وقبيل صلاة عيد الفطر 5 حزيران/ يونيو 2019، شن مسلحون هجوما على حاجز أمني بسيناء، أدى لمقتل 8 أفراد للشرطة المصرية، و5 مسلحين بالهجوم.

"مدان بقدر من نفّذ الهجوم"

وفي رؤيته لا يعتقد مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والاستراتيجية بإسطنبول، الدكتور ممدوح المنير، أن "الموضوع له علاقة بشهر رمضان تحديدا، لأنه تقريبا لا يوجد شهر واحد بالسنة لا يوجد فيه استهداف لقوات الجيش من قبل المسلحين من ولاية سيناء وغيرها".

الأكاديمي المصري، بحديثه لـ"عربي21"، أوضح أنه "في آذار/ مارس الماضي، أُعلن عن 3 عمليات استهدفت القوات المسلحة هناك، وفي شباط/ فبراير كذلك، كان هناك 3 عمليات إحداها استهداف اللواء بالجيش مصطفى أحمد عبيدو".

ويرى المنير أن "المشكلة ليست بتوقيت العمليات، ولكن بغياب الشفافية والمعلومات الصحيحة عن هذه العمليات، خاصة أن كثيرا من هذه العمليات يصفها كثير من الخبراء بأنها تصفيات يقوم بها الجيش".

وأضاف؛ "لأن الجيش مصدر هذه المعلومات؛ فلا يمكن التثبت من مدى مصداقيتها، ورأينا ما نشره الناشط عبدالله الشريف، من مقطع فيديو لأحد أهالي سيناء يتم التمثيل به من قبل قوات الجيش ثم أُعلن أنه قتل في أثناء اشتباكات".

وختم الأكاديمي المصري بالقول: "بكل تأكيد يحزن المرء عندما يقتل المجندون الأبرياء بالقوات المسلحة، ولكن من يتقاعس عن حمايتهم ويوفر لهم التأمين الكافي، مدان بقدر من نفّذ الهجوم".

"تمهيد للصفقة المشبوهة"

وفي تعليقه، قال الكاتب والمحلل السياسي عزت النمر: "بانقلاب 3 تموز/يوليو 2013، أصبح الدم المصري يسيل برمضان وغير رمضان وبسيناء وطول البلاد وعرضها، وحتى خارج مصر، بعد أن حول السيسي الجيش لمرتزقه تقاتل خارج البلاد؛ لكن مع ذلك فتكرار مذابح الجنود المصريين برمضان باتت ظاهرة تستحق الاهتمام والرصد".

وأكد بحديثه لـ"عربي21" أن "الأوضاع بسيناء شديدة الضبابية والغموض والتعقيد، خاصة أن المصالح متشابكة وأن اللاعبين كُثُر، وهناك أجندات متعارضة ومعقدة".

الناشط بمجال حقوق الإنسان، أضاف أن "ما يزيد من الجانب المعتم بالأحداث، وربما كان الأمر متعمدا، هو  فرض حالة السرية من الانقلاب والجيش بسيناء، فلا صحافة ولا إعلام حُر يمكنه الوجود وسبر أغوار الملف الشائك".

وأوضح أنه "يصعب أو يستحيل أخذ بيانات المتحدث العسكري فيها بالمصداقية المطلوبة، لأنه يمثل إحدى الأجندات الموجودة بالمشهد"، مضيفا أنه "في ظل هذا التشابك والتعقيد والغموض، فإن ثمة محددات وثوابت يقينية لا يمكن قراءة رصينة للمشهد بدونها".

وأشار إلى أن "تفعيل الجانب العسكري دون السياسي والاجتماعي والتنمية الشاملة، أحد أسباب إراقة الدم وتكراره بسيناء، خاصة بعد حالة الثأر والكراهية التي جناها الجيش هناك، بدلا من جعل أهالي سيناء الحاضنة الحامية لجنوده كما كان، وهذا كان رأي السيسي يوم كان وزيرا للدفاع"، متسائلا: "فما الذي تغير ليغير فلسفته إلى ما كان يُحَذِّر منه ويرفضه؟".

وأضاف النمر: "هل يمكن أن نتناول هذه الأحداث بعيدا عن عمليات تهجير أهالي سيناء، التي يسعى فيها السيسي لتحقيق أجندة إسرائيلية بحتة، ولو كان الأمن القومي المصري هو المستهدف، لكان الأولى تنمية سيناء وإعمارها وتحويلها لمناطق سكانية صناعية وتجارية كخط دفاع أول تجاه العدو الإسرائيلي، لكن لا أعتقد أن النظام الحالي يعدّ إسرائيل عدوا".

وتابع تساؤلاته: "هل يمكن كذلك قراءة المشهد بعيدا عن تسريبات وتكهنات صفقة القرن ووجود سيناء بها، خاصة أن السيسي أول من نطق لفظة صفقة القرن في أثناء وجوده بالبيت الأبيض، ولا يمكن كذلك تجاوز حالة الهرولة للتطبيع التي نعيشها إعلاميا، لكن سعارها اشتد سياسيا وعسكريا منذ الانقلاب، وربما ما يحدث بسيناء اليوم هو حرث الأرض تمهيدا للصفقة المشبوهة".

وقال الكاتب المصري: "بالبحث عن الرابح والخاسر بالمشهد؛ فالرابح الأول إسرائيل وكل كاره لمصر وشعبها، والخاسر الأكبر هو الشعب المصري وأهالي سيناء وأفراد الجيش الذين يقضون بمعركة لا يعرفون كنهها، ويقيني أن نظام السيسي لا يعنيه هؤلاء، وربما يستخدم دماء الجنود الغلابة كفزاعة للإرهاب ويتاجر بهم داخليا وخارجيا".

ويعتقد أنه "في ظل حالة إجرام العسكر والسيسي، ربما كان توقيت هذه المذبحة مفيد لأجندتهم الإجرامية، فما يحدث بسيناء يتساوق ويتماهى مع دراما رمضان السياسية بامتياز، وإذا صدق هذا، فإنها تكون محاولة مجرمة رخيصة لغسل سمعة الجيش بدماء بعض المغررين من أبنائه، وهي قسوة وإجرام لا أستبعدها على مخابرات السيسي وأجهزته الخبيثة".

وقال النمر: "بعيدا عما سبق، فلو سلمنا بروايات المتحدث العسكري، فإن العنوان الأكبر للمشهد هو الفشل الذريع لسياسات السيسي بسيناء، حيث إنها قدمت صورة هزيلة للجيش المصري، وهي تمرُّغ أنفه وانهيار سمعته أمام أعداد هزيلة من المسلحين أيا كان انتماؤهم وأجندتهم".

 

اقرأ أيضا: الجيش المصري: سقوط قتلى وجرحى بانفجار عبوة ناسفة بسيناء

التعليقات (2)
همام
السبت، 02-05-2020 12:16 ص
العسكر حتى اتفاقية كامب ديفيد كانوا يعتمدون على الحرب لتبرير فشلهم و الغاء الديمقراطية و كل جرايمهم و لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ثم بعد الاتفاقية اخترعوا خدعة الارهاب لتبرير جرايمهم و فشلهم ايضا و الغاء الديمقراطية
مصري
السبت، 02-05-2020 12:08 ص
هذا التفجير متوقع للتغطية على عار مافيا السيسي الذين هزمهم الاتراك شر هزيمة في ليبيا