هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع قرب انتهاء موعد إجراءات العزل العام والتباعد الاجتماعي، الذي حددته دول عدة حول العالم بعد تفشي وباء كورونا، وما ترتب عليها من إغلاقات اقتصادية سواء كانت كلية أو جزئية في هذه الدول، يقف الرؤساء والزعماء حائرين في اتخاذ قرار العودة للعمل بين تحذيرات الأطباء وضغوط رجال الأعمال.
ففي الوقت الذي تتصاعد فيه تحذيرات الأطباء من خطورة استئناف العمل وعودة الحياة لطبيعتها، وما قد يترتب عليه إتاحة الفرصة لفيروس كورونا بتشكيل بؤر انتشار جديدة، يشتكي رجال الأعمال من تكبدهم خسائر فادحة بسبب توقف الأنشطة الاقتصادية، خاصة في البلاد التي فرضت حظر تجوال جزئي أو كلي.
ويرى الأطباء أن إجراءات العزل العام والحجر المنزلي أفضل الطرق وقاية لمنع انتشار فيروس كورونا والقضاء عليه، مؤكدين أن إنهاء هذه الإجراءات سيؤدي إلى تفشي المرض بشكل يصعب السيطرة عليه، ما يضغط على المستشفيات وقسم الطوارئ والإسعاف.
ويعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإعلان الثلاثاء المقبل عن تشكيل لجنة عمل لمساعدته في اتخاذ قرار فتح الاقتصاد الأمريكي أو تمديد إجراءات العزل والتباعد الاجتماعي. ومن المقرر أن تضم هذه اللجنة أطباء كبارا ورجال أعمال، وربما أيضا حكام ولايات، وتمثيلا سياسيا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
ويواجه ترامب تحذيرات من أن إعادة فتح مبكرة للاقتصاد قد تعرض حياة الناس للخطر، وسط توقعات متزايدة بأن يقرر استئناف النشاط الاقتصادي اعتبارا من أيار/مايو، على الأقل في أجزاء من البلاد، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
وقال ترامب، خلال مؤتمر صحفي، الجمعة: "يتعين علي اتخاذ أكبر قرار في حياتي"، مؤكدا أن الرأي الطبي سيكون الأساس في قرار استئناف النشاط الاقتصادي. إلا أن الاعتبارات السياسية ستلقي بثقلها، وكذلك نصائح مجتمع الأعمال الذي تضرر كثيرا جراء الإغلاق، حيث انخفضت الإيرادات وارتفع معدل البطالة بشكل غير مسبوق.
اقرأ أيضا: ترامب: إعادة فتح الاقتصاد سيكون "أكبر قرار" خلال رئاستي
وفرضت دول عربية عدة حظر تجوال، وما تبع ذلك من توقف العمل في معظم الشركات والمصانع، ما أدى بدوره إلى فقدان كثير من العاملين باليومية لمصادر رزقهم وأصبحوا عاطلين عن العمل.
وتوقعت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (إسكوا)، في دراسة حديثة، أن يدخل 8.3 ملايين شخص دائرة الفقر في المنطقة العربية نتيجة تفشي فيروس كورونا، وأن تفقد المنطقة حوالي 1.7 مليون وظيفة على الأقل.
وخلال الأيام الماضية، أثارت تصريحات رجال أعمال مصريين وعرب، حول ضرورة عودة العمال حتى لو ماتوا أو أصيبوا بكورونا، غضبا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وطالب رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، باستئناف العمل، قائلا في تصريحات نقلتها عنه صحيفة "حابي" الإلكترونية، إن هناك دلالات تؤكد على عدم خطورة استئناف العمل مقارنة بالأضرار على قطاعات الأعمال المتوقع حصولها حال استمرار الحظر.
وفي تصريحات صادمة له، قال رجل الأعمال المصري، حسين صبور، إن التضحية بوفاة بعض المواطنين المصريين أفضل كثيرا من إفلاس الدولة المصرية، مُطالبا بضرورة إنهاء الحظر والعودة للعمل بشكل طبيعي في أسرع وقت، مضيفا: "البعض سيموت لكننا لن نفلس".
وأشار، في مقابلة مع صحيفة "اليوم السابع" المحلية، إلى أنه لا يعبأ بزيادة عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد، قائلا: "ما المانع من زيادة الإصابات طالما أنه سيكون لدينا شعب قائم حتى وأن نقص عدده، فهذا أفضل من شعب مفلس تماما، ولا يجد ما يأكله غدا".
اقرأ أيضا: رجل أعمال مصري: موت البعض بكورونا أفضل من الإفلاس (صوت)
ومن ناحيته، أكد الباحث الاقتصادي، أحمد مصبح، أن المحرك الرئيسي لصانع القرار السياسي في استئناف الأنشطة الاقتصادية في ظل تحذيرات الأطباء وضغوط رجال الأعمال، هو القدرة المالية للدولة على السيطرة على المرض وتعويض الخسائر الاقتصادية سواء على صعيد العمال أو رجال الأعمال.
وقال مصبح في حديث خاص مع "عربي21"، إن الدولة إذا كانت لديها القدرة على احتواء انتشار الفيروس والسيطرة على تفشي الوباء فلا داعي لاستمرار الحظر كما فعلت الصين، مشيرا إلى أن حفظ النفس مقدم على حفظ المال، لكن في نفس الوقت بعض الدول ليس لديها القدرة المالية لتعويض الخسائر الناجمة عن توقف الأنشطة الاقتصادية، وهو ما قد يضاعف من التداعيات السلبية للأزمة.
وأوضحت الخبيرة الاقتصادية، ووكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي، أن "الاقتصاد مبني على الناس. وإذا كان الإنسان هو المتضرر، فسيتضرر بالتالي الاقتصاد"
وأضافت في بيان لها، نشره موقع الأمم المتحدة: "نحن نتكلم عن فئات من المجتمع وأصحاب المشاريع الصغيرة، بما في ذلك مشاريع القطاع الرسمي وغير الرسمي التي تستحوذ على أكثر من 85 بالمئة من العمالة في العالم العربي. دخل جميع هذه الفئات سيتضرر كثيرا، إذ كما نعلم، هناك حظر تجول، وإغلاق للمحال التجارية وتعطيل للأنشطة الاقتصادية والخدماتية".
وتابعت: "هذه الأزمة تتطلب تضامنا: تضامن بين المواطنين داخل البلاد، وتضامن بين الدول العربية، لافتة إلى وجود دول ذات إمكانيات مادية محدودة، ودول عليها قروض كثيرة ولا تتحمل الأعباء الإضافية التي نتجت عن كورونا، تحتاج إلى تضامن لمساعدتها على تخفيف الأعباء على الذين سينزلقون إلى هوة الفقر وتعزيز الاستثمارات في القطاع الصحي وخلق فرص العمل وإعادة فرص العمل إلى القطاعات التي تضررت في المشروعات الصغيرة.