صحافة دولية

NYT: هذه مخاطر الرقابة الرقمية لمكافحة كورونا على الخصوصية

نيويورك تايمز: ملاحقة السكان قد تفتح الباب أمام أشكال جديدة من غزو الحريات الشخصية على يد الحكومة- جيتي
نيويورك تايمز: ملاحقة السكان قد تفتح الباب أمام أشكال جديدة من غزو الحريات الشخصية على يد الحكومة- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا، تقول فيه إن زيادة عمليات الرقابة باسم مكافحة فيروس كورونا تعمل على الحد من الحريات الشخصية.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ملاحقة كامل السكان قد تفتح الباب أمام أشكال جديدة من غزو الحريات الشخصية على يد الحكومة، ففي كوريا الجنوبية زادت وكالات الحكومة من عمليات تحليل لقطات كاميرات المراقبة، وتحليل البيانات على الهواتف الذكية والمشتريات التي قام بها أشخاص من خلال بطاقات الائتمان لتحديد حركات المرضى المصابين بفيروس كورونا، وبناء سلسلة حول الطريقة التي تم فيها نقل الفيروس. 

 

وتذكر الصحيفة أن السلطات في لومباردي في شمال إيطاليا، قامت بتحليل البيانات التي أرسلها المواطنون عبر الهواتف النقالة لتحديد الأشخاص الملتزمين بتعاليم الحكومة للبقاء في بيوتهم، والمسافات التي يقطعونها كل يوم.

 

وينقل التقرير عن مسؤول إيطالي، قوله قبل فترة إن هناك نسبة 40% منهم يتحركون بشكل مستمر، مشيرا إلى أن مؤسسات الأمن الداخلي في إسرائيل ستبدأ في استخدام بيانات لتحديد المواقع عادة ما تستخدم في عمليات مكافحة الإرهاب، ومحاولة تحديد أماكن المواطنين الذين من المحتمل أن يكونوا قد تعرضوا للفيروس. 

 

وتفيد الصحيفة بأنه في الوقت الذي تحاول فيه الدول مواجهة الوباء فإن عددا كبيرا منها لجأت نحو أدوات الرقابة وسيلة للسيطرة الاجتماعية وتحويل تكنولوجيا الأمن ضد مواطنيها، مشيرة إلى أن من الواضح أن سلطات فرض القانون والصحة راغبة في استخدام الوسائل المتوفرة لديها كلها لمنع تقدم الفيروس، حتى لو كانت هذه الوسائل تهدد التوازن الهش بين السلامة العامة والخصوصية الشخصية وعلى نطاق عالمي. 

 

ويجد التقرير أن زيادة عمليات الرقابة اليوم باسم مكافحة الوباء قد تفتح المجال في المستقبل لأشكال أخرى للتجسس، وهي دروس تعلمتها أمريكا في مرحلة ما بعد هجمات 11/ 9، مشيرا إلى أنه بعد عقدين تقريبا أصبح لدى وكالات حفظ النظام الأمريكية منفذ على أنظمة التكنولوجيا المتقدمة، مثل تحديد المكان بدقة عالية، وتكنولوجيا التعرف على الوجه، التي يمكن إعادة استخدامها في أهداف أخرى لتنفيذ أجندات سياسية، مثل سياسات مكافحة الهجرة، ويقول خبراء الحريات المدنية إن الرأي العام عاجز عن مواجهة الممارسات التي تقوم بها الدولة. 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن المدير التنفيذي لمشروع متابعة تكنولوجيا الرقابة، وهي منظمة غير ربحية في مانهاتن، ألكس فوكس كان، قوله: "قد نصل بسهولة إلى وضع نعزز فيه قوة السلطات المحلية، الولاية أو الحكومة الفيدرالية، للقيام بإجراءات ردا على هذا الوباء بطريقة قد تغير نطاق الحقوق المدنية في أمريكا"، وأشار إلى مثال على هذا، قانون مررته ولاية نيويورك هذا الشهر، يمنح الحاكم أندرو أم كومو السلطة ليحكم من خلال الأمر التنفيذي خلال أزمات تواجهها الولاية، مثل الأوبئة والأعاصير، ويسمح له القانون باستخدام الأوامر التي قد تتجاوز التنظيمات المحلية. 

 

ويلفت التقرير إلى أن زيادة الكشف عن البيانات الطبية أدت إلى تراجع قدرة المرضى على الحفاظ على سجلاتهم الطبية سرية، مشيرا إلى أن وزيرة الصحة الأسترالية انتقدت في هذا الشهر بشكل علني طبيبا اتهمته بمعالجة المرضى الذي أظهروا أعراض الإصابة بالفيروس، وكشفت عن اسم العيادة في مدينة فيكتوريا حيث يعمل فيها مع عدد آخر من الأطباء، وقالت العيادة ردا على تصريحات الوزيرة إن ما قالته عن معالجته للمرضى لم يكن صحيحا، وأشارت إلى أنها حاولت الحصول على منافع سياسية من هذه التصريحات.

 

وتنقل الصحيفة عن الباحث المستقل في أمور الخصوصية والمقيم في ديترويت، كريس غيلارد، قوله "قد يحدث هذا الأمر لأي شخص، حيث يتم الكشف عن وضعك الصحي للآلاف بل للملايين من الناس"، وأضاف: "هذا أمر غريب لأنه في الشعور بالمصالح الصحية العامة فإنك تقوم بتعريض حياة الناس للخطر". 

 

ويورد التقرير نقلا عن ميلا رومانوف من "غلوبال بالص" التابعة للأمم المتحدة، قولها إنه في حالات الأوبئة يجب الموازنة بين الخصوصية واعتبارات حماية الحياة، وتضيف: "نريد أن يكون لدينا إطار يسمح للشركات والسلطات المحلية بالتعاون من أجل القيام برد مناسب وللمصلحة العامة". 

 

وتقول رومانوف إنه حتى يتم تخفيض مخاطر فيروس كورونا فإن جهود الرقابة للتعرف على فيروس كورونا قد تخرق الخصوصية، ولهذا يجب على الشركات والحكومات تحديد جمع المعلومات واستخدامها في الهدف المطلوب فقط، و"التحدي هو ما هي البيانات الكافية؟".  

 

وتستدرك الصحيفة بأن تسارع الفيروس دفع الحكومات لوضع برامج رقابة رقمية تحت مسمى الصالح العام ودون تنسيق دولي، أو حتى معرفة إن كانت هذه الإجراءات فاعلة، مشيرة إلى أن السلطات الصينية أجبرت المواطنين في المدن الصينية على تحميل برنامج على هواتفهم النقالة، يحدد كل شخص بلون معين: أحمر، أصفر وأحضر، ويحدد كل لون مدى الخطورة، ويحدد البرنامج أي شخص يجب حجره من الشخص المسموح له بدخول المناطق العامة، مثل مترو الأنفاق. 

 

ويفيد التقرير بأن المسؤولين لم يقدموا صورة عن الطريقة التي يعمل فيها البرنامج، مشيرا إلى أن المواطنين يشعرون بالضعف إزاء مواجهته. 

 

وتذكر الصحيفة أن وزارة الصحة في سنغافورة وضعت معلومات عن كل مصاب بالفيروس وبتفاصيل مثيرة للصدمة عن علاقات المرضى ببعضهم، مشيرة إلى أن الفكرة هي تحذير الأشخاص الذين التقوا بهم، وتحذير الرأي العام حول المناطق التي أصبحت خطرة. 

 

وينوه التقرير إلى أن موقع الوزارة أورد معلومة تفيد بأن "حالة 219 هي لشخص عمره 30 عاما"، الذي عمل في "محطة إطفائية سينغكانغ"(30 بوانغكوك درايف) وهو "في غرفة معزول في مستشفى سينغكانغ العام"، وهو "عضو في العائلة ورقم حالتها 236". 

 

وتشير الصحيفة إلى أن سنغافورة أعلنت في يوم الجمعة عن تطبيق على الهواتف النقالة للمواطنين ليساعدوا السلطات على تحديد الأشخاص الذين ربما تعرضوا للفيروس، لافتة إلى أن اسم التطبيق هو "تريس تكذر/ المتابعة معا"، ويستخدم إشارات بلوتوث لمتابعة الهواتف القريبة، وإن أصيب شخص بالفيروس فإن السلطات قد تلجأ لفحص البيانات الموجودة على هاتفه من الذين مروا به. 

 

ويلفت التقرير إلى أنه بعدما أعلمت السلطات المكسيكية شركة "أوبر" عن مسافر أصيب بالفيروس، فإن الشركة قامت بوقف حسابات سائقين ركب المصاب معهما إلى جانب حسابات 200 راكب. 

 

وتذكر الصحيفة أن الإدارة في الولايات المتحدة طلبت من شركات التكنولوجيا، مثل "غوغل" و"فيسبوك" وغيرهما استخدام بيانات تحديد الأماكن المجموعة من هواتف الأمريكيين واستخدامها في ملاحقة الفيروس، لافتة إلى أن عددا من المشرعين في الكونغرس كتبوا رسالة للرئيس دونالد ترامب ونائبه مايك بنس، يحثونهما فيها على حماية أي بيانات متعلقة بالفيروس جمعتها الشركات من الأمريكيين. 

 

وبحسب التقرير، فإن السلطات في كوريا الجنوبية بدأت في كانون الثاني/ يناير بنشر معلومات عن مواقع وتواريخ كل شخص مصاب بفيروس كورونا، فيما احتوى الموقع التابع للحكومة على ثروة من المعلومات، مثل وقت مغادرة الشخص عمله، وفيما إن كان قد ارتدى قناعا طبيا، واسم المحطة التي ركب منها، وأين غير القطار، واسم محل التدليك الذي ذهب له أو نادي الكريكوي، واسم العيادات التي تم فحصه فيها لتحديد إصابته.  

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه في كوريا الجنوبية، التي يستخدم سكانها الهواتف النقالة بشكل واسع، قام رعاع باستخدام معلومات الحكومة والكشف عن أسماء الأشخاص ومحاولة استغلالهم، وردت السلطات الصحية هذا الشهر بأنها ستقوم بتعديل طريقة جمع المعلومات لتقليل المخاطر على المرضى. 

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)