هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار إعلان قادة عسكريين إثيوبيين من
أمام سد النهضة استعداد جيش بلادهم للتصدي لأي هجمات قد تطال السد أو المساس به
حالة غضب مصرية، واعتبره سياسيون مصريون تصعيدا إثيوبيا واستفزازا لمصر وقرعا
لطبول حرب المياه.
وفي زيارة للقادة العسكريين الإثيوبيين
لموقع سد النهضة الخميس الماضي، قال رئيس أركان الجيش الإثيوبي الجنرال آدم محمد، إن قوات بلاده
مستعدة للدفاع عن مُكتسبات الشعوب الإثيوبية وحماية حقوقها وأملاكها التي تقدم
التنمية للشعب الإثيوبي.
وأكد قائد القوات الجوية العميد يلما
مرديسا، أن القوات الجوية على أهبة الاستعداد لإحباط أي هجمات جوية بالمنطقة، وأن
السد أهم المُكتسبات القومية.
"ليست نزهة"
وفي رؤيته لدلالات زيارة عسكر إثيوبيا
لموقع سد النهضة، ومعنى حديثهم رغم أن مصر لم تهدد أو تلوح بالخيار العسكري، قال
رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري الدكتور عمرو عادل: "فكرة التلويح
بالتدخل العسكري متأخرة للغاية وربما لم تعد ممكنة".
وأوضح بحديثه لـ"عربي21"، أن
"القضية لا تحسب فقط بعدد القطع العسكرية والطائرات كما يفعل البعض؛ ولكن
الاستعداد القتالي والظروف الإقليمية والدولية، وأيضا حجم الخسائر التي لن تكون
فقط لمصر وإثيوبيا حال حدوث صدام عسكري".
اقرأ أيضا: سياسي مصري ينتقد موقف الخرطوم من أزمة "سد النهضة".. وردود
وأشار السياسي المصري كذلك إلى أن
"الوضع الجغرافي والطبوغرافي ربما ليس في صالح مصر الآن"، مضيفا أنه
"ولذلك أرى أن الطرفين يقومان بعرض مسرحي لإرسال رسائل سياسية للآخر ووسيلة
من وسائل الضغط لتحقيق أقصى استفادة ممكنة".
وقال الضابط السابق بالجيش إن
"الحروب البعيدة ليست نزهة، وكما ذكرت كان من الممكن توجيه ضربة استباقية قبل
عدة سنوات؛ أما الآن فالأمر ربما يصل لدرجة صعبة جدا وغير ممكنة".
وأكد عضو حزب الوسط المعارض، أن
"النظام المصري الحالي قام بعدة كوارث فيما يتعلق بحقوق مصر، سواء بالتنازل
عن الجزر وفقدان السيطرة على البحر الأحمر، وغاز المتوسط، وماء النيل".
وتوقع لذلك عدم إدارة الأزمة بشكل جيد،
مشيرا إلى أن "هناك عدة وسائل للصراع وهذا ما تقوم به النظم المنتخبة
المنتمية لشعوبها؛ وغالبا تكون أعمالا استخباراتية لتصدير المشكلة للطرف الآخر أو
القيام بأعمال تخريبية ضد السد وكل ما يتعلق به حتى يقلل من التدفقات الاستثمارية،
ولكن لا أعتقد أن النظام قام بذلك".
وحول خيارات مصر بعد رفض أثيوبيا
التوقيع على الورقة الأمريكية مؤخرا، يرى السياسي المصري أن "الحل الأخير هو
العمل واستخدام كل الطرق المتاحة لكي تزيد فترة الملء وتكون هناك إدارة مشتركة
للسد لضمان وصول حصة مصر من المياه، وربما لا يمكن للنظام الخائن الحالي أن يقوم
به لأنه أضعف من أن يضغط على أحد".
"لهذا الخيار العسكري
مستبعد"
من جانبه قال السياسي المصري الدكتور
محمد عماد صابر: "نلاحظ أن إثيوبيا تصعد لهجتها وبعد غيابها عن المفاوضات
الأخيرة تؤكد على بدء ملء خزان السد مع الفيضان، وأنه لا توجد قوة تمنع إتمامه،
وأنه أمر من صميم سيادتها على أرضيها ومياهها".
وأضاف لـ"عربي21"، أنه
"بهذا السياق تأتي زيارة عسكر إثيوبيا للسد، وحديثهم عن إحباط أي هجمات جوية
كون السد أصبح بمراحله الأخيرة"، لافتا إلى أن "بيان وزارة الخزانة
الأميركية المعارض لبدء ملء السد دون اتفاق، أزعج إثيوبيا".
اقرأ أيضا: سياسي مصري ينتقد موقف الخرطوم من أزمة "سد النهضة".. وردود
ويرى عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان
المصري سابقا، أن "الخلاف تقزم الآن؛ فلم يعد حول بناء السد بل حول عملية ملء الخزان، التي لا يعارضها نظام السيسي، ولكن يعارض ظاهريا إتمامها دفعة واحدة، تحسبا
لخفض حصة مصر بشكل حاد ولسنوات".
وأضاف: "ولذلك فما يبدو خلافا
إثيوبيا أميركيا ما هو إلا تمثيلية هدفها إطالة أمد المفاوضات لاكتمال البناء والملء،
لتصبح مصر أمام الأمر الواقع؛ فالأزمة منذ بدايتها مؤامرة إثيوبية إسرائيلية
أميركية، هدفها حرمان مصر من حصتها بمياه النيل".
وأكد صابر، أن "هناك معوقات تؤثر
على أي قرار مصري يتعلق بالخيار العسكري"، مشيرا "للعامل الجرافي، وبُعد
المسافة التي تتجاوز 2500 كلم، وأن الطائرات المقاتلة المصرية لا يمكنها قطع
المسافة دون التزود بالوقود، وإذا حُلت مشكلة بالوقود فعليها اجتياز الأجواء
السودانية".
ولفت إلى واقع الدور السوداني، وما قد
يعود على الخرطوم من فوائد عبر سد النهضة، كضبط منسوب الفيضان، والاستفادة من
الكهرباء، فضلا عن أن "الظروف السياسية ربما تجعل السودان تفضل عدم التورط
بمشكلة كهذه مع جارتها إثيوبيا".
وأضاف البرلماني السابق: "أما
مهاجمة السد بقوات خاصة فتحتاج أيضا للسودان، وإذا اختارت مصر مرور مقاتلاتها
المهاجمة للسد عبر دول أخرى مجاورة لإثيوبيا مثل إريتريا وجيبوتي والصومال، فإن
ذلك أيضا سيواجه عوائق، أبرزها خشية تلك الدول رد فعل أديس أبابا التي حسنت مؤخرا
علاقاتها بجيرانها".
اقرأ أيضا: مصر تأسف لتحفظ السودان على القرار العربي حول سد النهضة
وقال: "يبقى أن تستخدم مصر قواتها
البحرية الأكبر بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تمتلك غواصات ألمانية، وحاملتي
طائرات مروحية فرنسية، وفرقاطة فرنسية، وأربعة أميركية؛ لكن بالنظر إلى أن إثيوبيا
دولة حبيسة لا تطل على بحار أو محيطات، فلن تستطيع مصر مهاجمتها عبر البحر".
وأشار إلى أن إثيوبيا بدورها دولة لا
يستهان بها، فلديها شبكة علاقات دولية
واقتصادية كان للسد دور فيها، حيث أصبحت لدول كبرى ومؤثرة -كالصين وفرنسا- مصالح
مشتركة، وربما يشكل توجيه ضربة عسكرية للسد رد فعل غاضب لهذه الدول".
وتابع: "أضف لذلك مشكلات مصر
الداخلية، ووضعها الاقتصادي الصعب، فضلا عن الوضع السياسي المتأزم لنظام السيسي
الذي ربما يستبعد فكرة حرب قد تشكل تهديدا لبقائه، لا سيما إذا فشلت أو لم تسفر عن
حل للأزمة".
ويعتقد السياسي المصري، أنه "عوضا
عن الخيار العسكري سيلجأ نظام السيسي، لتدويل القضية باعتبار الأزمة تهدد
الاستقرار الإقليمي بما ينعكس سلبا على الأمن الدولي فقد يلجأ لجهات دولية عديدة
مثل أمريكا والبنك الدولي ومجلس الأمن".