طرحت
الأنباء الواردة عن تحركات من قبل البعثة الأممية في
ليبيا لإلغاء مشروع
الدستور الذي
أقرته هيئة صياغة الدستور الليبية، وتشكيل لجنة جديدة، ردود فعل، وتخوفات من هذه الخطوة، التي وصفت من قبل بعض أعضاء الهيئة بأنها سابقة خطيرة.
واستبقت
الهيئة هذه الخطوة بإرسال خطاب إلى الأمين العام للأمم المتحدة ولرئيس مجلس الأمن، تطالبهم
فيه بضرورة التقيد بالمسار الدستوري، وإجراء عملية الاستفتاء على مشروع الدستور الذي
أنجزته الهيئة في 29 تموز/ يوليو 2017، مؤكدة أنه يكتسب المشروعية الدستورية المطلوبة،
والشعب فقط من يقره أو يلغيه".
"فوضى
وسابقة خطيرة"
وانتقدت
الهيئة بعثة
الأمم المتحدة؛ لعدم دعوتها للمشاركة في اجتماعات "جنيف" لمناقشة
"الجزء الخاص بالقاعدة الدستورية، وسماع وجهة نظرها بالموضوع، مبدية تخوفها من
"أن تعتمد البعثة على آراء بعض الشخصيات التي لها توجه معارض لمشروع الدستور،
وتجعله أساسا في إعداد خارطة تخالف المسار الدستوري المحدد في الإعلان الدستوري"،
وفق الخطاب.
في
حين، اعتبر عضو هيئة الدستور، البدري الشريف، أن "أي محاولة لإلغاء مشروع الدستور وتشكيل لجنة جديدة ستؤدي إلى الفوضى"، محذرا بعثة الأمم المتحدة من اتخاذ مثل
هذه الخطوة؛ "لأنها ستكون سابقة خطيرة ومعيبة في تاريخ الأمم المتحدة، التي يجب
أن تعمل على إرساء دولة القانون"، وفق تصريحات صحفية.
فهل تسعى البعثة الأممية لإلغاء مشروع الدستور الليبي الحالي؟ ولمصلحة
من؟
"ضغوطات
حفتر"
من
جهته، أكد عضو مجلس الدولة الليبي، إبراهيم صهد، أن "موضوع تشكيل لجنة جديدة لصياغة
مشروع دستور جديد مرهون بالاجتماعات الدائرة الآن في جنيف، وما سيتم الاتفاق عليه
هناك، لكن لا أعتقد أن تلقى هذه الخطوة ترحيبا من الموجودين حاليا في المفاوضات؛ لوجود
مسودة دستور بالفعل أقرتها الهيئة".
وأوضح
في تصريحات لـ"عربي21" أن "الخطوة التي ينتظرها الدستور للخروج إلى
النور هي عرض المسودة على الشعب الليبي للاستفتاء عليه، وإن كان هناك بعض الإشكالات
تتعلق بقانون الاستفتاء الذي أصدره مجلس الدولة وما زال البرلمان لديه بعض التعليقات
عليه"، حسب كلامه.
وتابع:
"المشكلة تكمن في حفتر، فهو لا يريد إجراء استفتاء على الدستور، ويضغط على البرلمان
في طبرق بخصوص منع ذلك، وحتى إذا شكلت لجنة فلن تكون لصياغة دستور جديد، لكن ربما تكون
لجنة لتعديل بعض ما جاء في المسودة، لكن المشكلة تتلخص في ما هي الأسس التي سيتم عليها
التعديل، وما النقاط التي تحتاج فعلا إلى تعديل"، وفق تساؤلاته.
"مصادرة
إرادة الشعب"
الأمين
العام لحزب الجبهة الوطنية الليبي (مستقلة)، فيروز النعاس، وصفت تحركات البعثة وخطوتها
في ذلك بأنها "حديث خطير جدا، وتعدّ على إرادة الشعب الليبي ومصادرتها، وأنه لا
يحق للبعثة أو رئيسها اتخاذ مثل هذه الخطوة المطعون فيها مقدما لأن لدينا مشروع دستور
جاهزا للاستفتاء، وليكن للشعب الليبي كلمته في قبوله أو رفضه".
وفي
تصريح لـ"عربي21"، أوضحت أن المبعوث الأممي غسان سلامة "تمادى في تصرفاته
وخطواته لحد أصبح فيه تغييره واستبداله أمرا ضروريا، وليبيا لها تاريخ مع الأمم المتحدة
إبان الاستقلال، حيث يعتبر الكثير أن ليبيا وليدة الأمم المتحدة، لكن مبعوث الأمم المتحدة
في التاريخ الحديث أساء إلى بلادنا وإلى علاقتها مع الأمم المتحدة".
"طلب
برلماني لا أممي"
الكاتب
السياسي الليبي، فرج فركاش، قال من جانبه إن "إلغاء مسودة الدستور الحالية هو طلب
ضمن الشروط التعجيزية المضحكة التي وضعها أعضاء البرلمان المجتمعون في طبرق مقابل المشاركة
في حوار جنيف السياسي، أي أن الأمر طلب برلماني وليس أمميا، وهو تكرار لما جاء في مبادرة
حفتر لما بعد ما أسماه تحرير طرابلس".
وحول
مصير هذا الطلب، قال لـ"عربي21": "هذا الطرح لن يلقى قبولا من باقي
الشركاء في العملية السياسية وفق الاتفاق السياسي الساري المفعول، والذين يحاول عقيلة
صالح ونوابه من الداعمين للحرب إقصاءهم، كما أن هذا البرلمان نفسه قد قبل المسودة، وأصدر
قانون الاستفتاء، وأصدر أيضا التعديل العاشر؛ لتضمينه في الإعلان الدستوري، فما يقوم
به الآن عبث سياسي، ومصير الدستور في يد الشعب فقط".