سياسة عربية

أزمة تشكيل حكومة لبنان مستمرة.. وإجماع على رفض "الفتنة"

حزب الله يريد ورقة الحكومة اللبنانيّة بيده بعد ما اعتبر أنّ استقالة هذه الحكومة هو سقوط إحدى الأوراق منه- جيتي
حزب الله يريد ورقة الحكومة اللبنانيّة بيده بعد ما اعتبر أنّ استقالة هذه الحكومة هو سقوط إحدى الأوراق منه- جيتي

تراوح الأزمة السياسية بلبنان مكانها دون حراك، مع توقعات بفشل الاستشارات النيابية المقررة أو توالي تأجيلها بسبب حالة الخلاف العميقة بين رؤى التيارات والقوى السياسية على اختلافها.

 

في الدقائق الأخيرة، أعلنت الرئاسة اللبنانية تأجيل الاستشارات النيابية التي كانت مقررة الاثنين لتسمية رئيس للوزراء، إلى يوم غد الخميس، بناء على طلب من رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري.

تأجيل يعمّق أزمة تشكيل الحكومة المقبلة، ويفاقم من غضب الشارع، وسط تقاذف للمسؤولية بين الفرقاء السياسيين، خصوصا أن التأجيل يعتبر الثاني الذي تعلن عنه الرئاسة لمنح الوقت لمزيد من المشاورات.

 

وفي السياق شددت دار الفتوى في بيان رسمي لها على رفضها "رفضا مطلقا كل أبواق الفتنة وكل معاني التحريض الطائفي والمذهبي الذي يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي من سفاهة لا طائفة ولا دين لها" .

 

اقرا أيضا : الحريري وبري يوجهان رسالة مشتركة إلى اللبنانيين

 

بدوره حذر رئيس مجلس النواب نبيه بري، خلال لقاء الأربعاء النيابي من "الواقع المرير والمشاهد المخيفة والشعارات المذهبية والمناطقية ومن المندسين والمتلاعبين بمصير الناس والوطن"، مؤكدا "أننا من موقع انتمائنا للمدرسة التي ترتكز على أن السنة والشيعة هما مذهبان لدين واحد، نؤكد أن لا غطاء سياسيا أو تنظيميا على كل من يسيء إلى الوحدة والسلم الأهلي، ونعطي أوامر بأن ننتحر ولا نعطي أوامر بالفتنة".


وأجبرت احتجاجات شعبية متواصلة الحريري على تقديم استقالة حكومته، في 29 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فيما يطالب المحتجون بحكومة تكنوقراط بعيدًا عن القوى السياسية.

المشكلة عند الحريري

مستشار رئيس الجمهورية للشؤون السياسية، بيار رفول، حمّل أسباب تأجيل الاستشارات النيابية للحريري.

وفي حديثٍ مع الأناضول، قال رفول إن "الإشكال لا يكمن لدى رئيس الجمهورية وإنما عند الحريري، فهو من يُطالب بالتأجيل".

وأضاف أن "الحريري وضع العديد من الشروط ولا أحد يرضى بها خصوصًا أنّ لبنان بلد ديمقراطي".

وتابع: "الحريري يودّ تأليف الحكومة، واختيار وزرائها والحصول على جميع الصلاحيات، متناسيا أنّ لبنان ليس بلدا ديكتاتوريا". 

وأعرب رفول عن استغرابه من خطوة الحريري، قائلًا: "نحن لا نعرف لماذا تصرف على هذا النحو، بالرغم من أنّنا في الأساس دعمنا بقاءه في سدّة الرئاسة، خصوصا أنّ لبنان أمام مرحلة مصيريّة".

رفول تطرق أيضا إلى نقطة خلافيّة أخرى مع الحريري وهي تمسّك الأخير وإصراره على تشكيل حكومة تكنوقراط (اختصاصيين)، مشدّدًا على أنّ لبنان وفي المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها، فإنه "من الأفضل أن يُشكل حكومة تكنو-سياسية (من سياسيين واختصاصيين)".

ولم يُبرر رفول للحريري عدم دعوته حتى اليوم لانعقاد أي جلسة حكومية منذ استقالته لتصريف الأعمال، في وقت قال فيه إن الوضع الاقتصادي للبلاد "دقيق جدا"، على حد وصفه.

وأعرب رفول، في ختام حديثه، عن أمله في التوصّل إلى حلّ جدّي خلال الـ24 ساعة المقبلة، مؤكّدًا أن الاستشارات ستكون في موعدها إلا إذا قرر النواب عدم المجيء إلى الموعد المحدد من جانب الرئاسة اللبنانيّة.

التأجيل محاولة من السلطة للتجديد

في وقت يطالب فيه المحتجون بحكومة تكنوقراط، ترغب أطراف سياسية أخرى، بينها الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر و"حزب الله" وحركة "أمل"، في تشكيل حكومة هجين من سياسيين واختصاصيين.

الكاتب والمحلل السياسي اللبناني أسعد بشارة، رأى أنّ تأجيل الاستشارات النيابية في لبنان لمرتين "لا يعكس إلّا محاولة السلطة للتجديد للحكومة السابقة بمساحيق تجميلية، بهدف التجديد لنفسها (أي للسلطة) والتجديد لنهجها"، واصفًا الأمر بـ"الكارثي".

ويعتقد بشارة، في حديثٍ للأناضول، أنّ "حزب الله وراء التأجيل لأنّه لن يرضى بتشكيل حكومة تكنوقراط مستقلّة".

وقال إن "حزب الله يريد ورقة الحكومة اللبنانيّة بيده بعد ما اعتبر أنّ استقالة هذه الحكومة هو سقوط إحدى الأوراق منه، ولذلك يؤكد الأمين العام لحزب الله (حسن نصر الله) في خطاباته على تمسّكه بالحكومة الحالية، منذرًا بالفراغ في حال سقوطها".

وتابع: "هناك محاولات حثيثة من جانب السلطة للتجديد للحكومة الحالية، وأي صيغة مستنسخة عن الحكومة الماضية ستولد ميتة على الرغم من المساحيق التجميلية التي من الممكن أن يتم وضعها لها".

واعتبر بشارة أن لبنان يقع في مشكلتين اليوم، الأولى اقتصادية والثانية سياسيّة.

 

اقرا أيضا :  هدوء ببيروت بعد اشتباكات خلفت إصابات وترقب للمشاورات


وأوضح: "اليوم المشكلة في لبنان ذات بعدين الأوّل وهو الأخطر هو الوضع الاقتصادي المالي ودخلت هذه الأزمة إلى البيوت والعائلات اللبنانية دون استثناء، حتى أصبح الأمن الاجتماعي مهددّا، أمّا الأمر الثاني فهو سياسي خصوصًا أنّه ساهم في وصول الكارثة الاقتصادية".

وأردف: "هناك قوة مهيمنة تحمي هذه المنظومة السياسية وتحمي فسادها وتريد التجديد لهذا الفساد بالتالي، لن تُحلّ الأزمة اللبنانيّة إلا بحكومة نظيفة ومستقلّة سوى ذلك فالانتفاضة باقية في الشارع".

الحكومة الحيادية وحدها ما ينقذ البلاد


من جهته، لفت أمين سرّ تكتل "الجمهورية القوية"، فادي كرم، إلى أنّ الأسباب التي دفعت القوات اللبنانيّة إلى عدم تسمية الحريري هو اعتبارها أن الأخير لن يذهب إلى الهدف الرئيسي وهو تشكيل حكومة "حيادية" من اختصاصيين بعيدة كلّ البعد عن القرارات الحزبية.

وأكّد كرم وقوف القوات اللبنانيّة بصف الحراك الشعبي، مشددا على أنّ الحكومة الحيادية هي فقط وحدها قادرة على إنقاذ البلاد.

ورأى أنّ "سبل نجاح الحريري في تشكيل حكومة حتى الساعة غير مؤمنة، والدليل على ذلك أن القوات متجانسة مع نفسها ومع القاعدة الشعبية منذ السنوات الفائتة".

وبعد أن كان رجل الأعمال سمير الخطيب، الأكثر حظًا لتشكيل الحكومة المقبلة، أعلن الأحد، اعتذاره، وقال إن مشاورات داخل الطائفة السُنية توافقت على تسمية الحريري لتشكيل الحكومة.

وأعاد التوافق على الحريري داخل الطائفة السُنية عملية تشكيل الحكومة إلى المربع الأول، إذ اعتذر الحريري، في السابق، عن عدم ترشحه لتشكيلها، لإصراره على تأليف حكومة تكنوقراط، استجابةً للمحتجين.

التعليقات (0)