اقتصاد عربي

عودة السياحة الروسية لمصر.. لغز يحير المراقبين

خبير: قطاع السياحة نجح في التعافي من الأزمة الطاحنة التي ألمت به، وعادت معدلات الإقبال لما كانت عليه قبل الثورة- جيتي
خبير: قطاع السياحة نجح في التعافي من الأزمة الطاحنة التي ألمت به، وعادت معدلات الإقبال لما كانت عليه قبل الثورة- جيتي

منذ أكثر من عامين وجملة "اقتراب عودة السياح الروس إلى مصر" تتردد كثيرا في وسائل الإعلام المصري، دون أن تتحول إلى حقيقة، حتى بات الأمر لغزا يحير كثيرا من المراقبين.


وأثار رفض روسيا رفع الحظر عن الطيران المباشر إلى منتجعات البحر الأحمر المصرية تساؤلات حول سبب هذا الموقف، رغم الوعود المتكررة بقرب رجوع السياحة الروسية، وما إذا كانت هناك ملفات سياسية واقتصادية تساوم عليها روسيا مقابل اتخاذ هذا القرار الذي تنتظره مصر منذ أربع سنوات.


وكانت طائرة ركاب روسية قد تحطمت فوق سيناء في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2015، ما أدى لمقتل 224 راكبا كانوا على متنها، وبعدها قررت موسكو حظر سفر مواطنيها إلى مصر؛ بسبب ضعف الإجراءات الأمنية في المطارات المصرية، واشترطت التفتيش، والتأكد من سلامة تلك الإجراءات، قبل إعادة رعاياها إلى مصر مجددا، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.


لغز محير


وتعليقا على هذا الموضوع، قال ياسر الشناوي، الخبير السياحي ونائب رئيس غرفة شركات السياحة السابق، إن عودة السياحة الروسية أصبح لغزا محيرا، مضيفا أن الموقف الروسي في هذا الشأن سلبي ومتعنت جدا.

 

وأكد الشناوي، في تصريحات لـ"عربي21"، أن رفض موسكو عودة رعاياها إلى مصر برجع لسبب غير أمني بكل تأكيد، موضحا أنه منذ تفجير الطائرة الروسية قبل أربعة أعوام نفذت مصر كل الاشتراطات الأمنية في مطاراتها، واستجابت لكل ملاحظات وطلبات روسيا وباقي الدول الغربية، وهو ما أسفر عن عودة السياح الإنجليز إلى شرم الشيخ، بعد أن تأكدت بريطانيا من سلامة الإجراءات الأمنية بنسبة 100%.

 

ولفت إلى أن ما يثير الاستغراب هو أن علاقة مصر بروسيا متميزة للغاية، فمن الناحية الاقتصادية هناك منطقة استثمارية روسية يتم الإعداد لها في إقليم قناة السويس، وهناك الاتفاق على تنفيذ مفاعل الضبعة النووي، ومن الناحية السياسية هناك تنسيق وتعاون غير مسبوق وشراء للأسلحة الروسية ضمن صفقات هائلة، وهو الأمر الذي يصيب المرء بالحيرة من سبب المماطلة في عودة السياح الروس.

 

وأضاف أنه يعتقد أن السبب الحقيقي هو سياسي داخلي بحت، لأن المسؤولين الروس ما زالوا متخوفين من رفع الحظر عن سفر رعاياها لمنتجعات البحر الأحمر قبل التحقق من توفر عدة عوامل، من بينها التأكد تماما من عدم وجود احتمال ضئيل لاستهداف طائراتهم كما حدث من قبل، خاصة في ظل عدم تحقيق انتصار نهائي على مسلحي تنظيم داعش في سيناء، وهو ما يمنع أي مسؤول من اتخاذ هذا القرار الخطير، وتحمل مسؤوليته أمام الشعب الروسي إذا وقعت أي حادثة إرهابية للسياح الروس.

 

وتابع: لا توجد أي مؤشرات على قرب عودة الروس إلى مصر، وهو ما يعني أن الموسم الشتوي الذي يمتد من أكتوبر إلى مارس، ويعد ذروة الإقبال السياحي في مصر، سينتهي قبل حل المشكلة.


ضارة نافعة

 

من جانبه، قال الخبير السياحي عمرو عبد الرحيم إن غياب السياح الروس أثر كثيرا على السياحة المصرية في السنوات الأربع الماضية، لكن القطاع تمكن الآن من التعافي من دون الروس.

 

وأوضح أن مصر نجحت في السنوات الأخيرة في جذب آلاف السياح من جنسيات أخرى، وعلى رأسهم السياح الإنجليز، بعد أن رفعت بريطانيا حظر سفر مواطنيها إلى منتجعات البحر الأحمر قبل عدة أسابيع، مؤكدا أن قطاع السياحة نجح في التعافي من الأزمة الطاحنة التي ألمت به، وعادت معدلات الإقبال لما كانت عليه قبل ثورة كانون الثاني/ يناير 2011.

 

وعلى عكس الشائع، فإن عبد الرحيم يرى أن عودة السياح الروس إلى مصر سيكون أمرا سلبيا وسيسبب أزمة، موضحا أن أعداد الروس والأسعار المتدنية التي يحصلون عليها تضر بالسياحة المصرية، خاصة بعد أن عرفنا في الفترة الماضية نوعيات جيدة للسياح من أوروبا وشرق آسيا، ونجحنا في تحقيق دخل جيد جدا، وكما يقول المثل "رب ضارة نافعة".

 

وتابع: "أنا أنصح المسؤولين في مصر ألا يلحوا في طلب عودة السياحة الروسية، بل أفضّل أن يتجاهلوا الأمر برمته، وليرجع الروس وقتما شاءوا، فلم يعد حال السياحة المصرية بالسوء الذي كانت عليه عام 2016، مضيفا أنه في حالة رجوع السياح الروس إلى المنتجعات المصرية فلا بد أن يرجعوا وفقا للتغيرات التي شهدها قطاع السياحة المصري في الفترة الأخيرة، من حيث الأسعار وشروط التعاقد.


عالي الخطورة

 

وكانت الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران قد أصدرت قبل أسبوعين تقريرا، أكدت فيه أن الطيران فوق سيناء ما زال عالي الخطورة، مشيرة إلى أن إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية أكدت أن الطائرات المدنية فوق سيناء يمكن أن تتعرض لهجمات إرهابية باستخدام الصواريخ، خاصة في الارتفاعات المنخفضة.

 

يشار إلى أن مصر كانت قبل عام 2015 ثاني أفضل مقصد سياحي للمواطنين الروس بعد تركيا طوال العام، والمقصد الأول في الموسم الشتوي، وكانت السياحة الروسية تمثل الجزء الأكبر من زوار مصر طوال العام بما يقارب 2.5 مليون سائح سنويا.

 

واستأنفت روسيا رحلات الطيران إلى القاهرة عام 2018، بعد أن استجابت مصر لطلب موسكو فيما يتعلق بوجود خبراء أمنيون روس في مطار القاهرة؛ لمتابعة تفتيش الركاب المسافرين إلى موسكو.

 

وناقش البرلمان المصري الأسبوع الماضي ملف عودة السياح الروس إلى مصر، حيث تساءل النائب إبراهيم حجازي، في طلب إحاطة، عن عدم استغلال قرار استثناء مطار القاهرة من الحظر الروسي على المطارات المصرية، مشيرا إلى أن عدد السياح الروس كان في نهاية 2010 يقارب 3 ملايين سائح، ووصل الآن إلى 140 ألفا فقط.

 

وبحسب بيانات البنك المركزي المصري، سجلت إيرادات السياحة خلال العام المالي 2018-2019 نحو 12.57 مليار دولار، مقابل 9.80 مليار دولار خلال العام المالي السابق له 2017- 2018.

التعليقات (0)