هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
استبعد سياسيون واقتصاديون مصريون، قيام رئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، بأية خطوات تحفيزية حقيقية لجذب الاستثمارات الأجنبية لمصر، مؤكدين أن الخطوة الأولى التي يجب اتخاذها في هذا الاتجاه، هي وقف النشاط الاقتصادي للمؤسسة العسكرية، باعتبار ذلك رسالة طمأنة للمستثمرين المحليين والأجانب.
وبحسب الخبراء الذين تحدثوا لـ "عربي21"، فإن توغل المؤسسة العسكرية داخل كل المشروعات القومية، واستحواذهم على كافة المقدرات الاقتصادية، أصبح من الصعب معه أن تتراجع هذه المؤسسة خطوة للوراء، حتى إذا أراد السيسي القيام بذلك.
وكان السيسي دعا في سلسلة من المؤتمرات التي عقدها خلال الفترة الأخيرة، المستثمرين الأجانب للتواجد في مصر، ووعد بتقديم تسهيلات تحفيزية من أجل إفساح المجال للقطاع الخاص للمشاركة في خطط التنمية التي يعتزم القيام بها.
وتأتي دعوات السيسي بعد أيام من التقرير الإحصائي للبنك المركزي المصري، عن النصف الأول من العام المالي 2018/ 2019، والذي كشف فيه خروج الاستثمارات الأجنبية من مصر، بقيمة 7.749 مليار دولار، وتراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر، بنسبة 23 بالمئة خلال العام المالي 2018/ 2019، بالمقارنة بالمدة نفسها عن العام السابق 2017/ 2018.
وكشف مسح أجراه مؤشر "آي إتش إس ماركت لمديري المشتريات بمصر"، عن تراجع حاد في أنشطة القطاع الخاص غير النفطي بمصر خلال تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، للشهر الرابع على التوالي، لتهبط لأقل مستوى منذ أيلول/ سبتمبر 2017، حيث أبرزت الشركات التي خضعت للمسح، مخاوفها بشأن الاقتصاد المحلي وتراجع حجم الأعمال الجديدة، ووصول الركود لمعدلات الطلب الأجنبي، ما أدى لضعف أسواق التصدير الرئيسية.
أقرأ أيضا: لماذا يتراجع الاستثمار الأجنبي بمصر رغم إصلاحات السيسي؟
المصالح أقوى
ويؤكد رئيس المكتب الاعلامي بالمجلس الثوري المصري محمد صلاح حسين لـ "عربي21"، أن مصالح المؤسسة العسكرية الاقتصادية، موجودة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد، ولكنه زاد بصورة مطردة بعد انقلاب تموز/ يوليو 2013، خاصة أن منظومة الانقلاب منذ اليوم الأول، كانت رسالتها هي ربط المصالح التي يحصل عليها رموز الفساد في هذه المؤسسة وتابعيهم، بوجود السيسي ومنظومته في الحكم، وهو الاتفاق غير المعلن بين السيسي وأباطرة العسكر.
ويشير حسين، إلى أن الاقتصاد العسكري تضخم بشكل لم يعد ينفع معه أن يأخذ خطوة للخلف، لارتباط ذلك بمصالح وعمولات وأموال ليس عليها رقيب، ولا يستطيع أحد أن يحاسبهم عليها، ويكفي أنهم يحصلون على عمولة ثابتة لا تقل عن 60 بالمئة من موازنة أي مشروع، كما كشف المقاول محمد علي الذي عمل داخل المطبخ العسكري لسنوات.
ويضيف حسين، قائلا: "لذلك فإن السيسي لن يفرط في الوضعية التي صنعها للمؤسسة العسكرية، وخاصة في الشأن الاقتصادي، لعدة اعتبارات أهمها أن ذلك ضمانة لاستقراره واستمرار نفوذه، وسيطرته على المؤسسة العسكرية، وربط هذه المصالح الاقتصادية بوجود السيسي و دائرته الضيقة في صدارة المشهد".
ويوضح رئيس المكتب الإعلامي بالمجلس الثوري المصري، أن السيسي جاء لتدمير مصر، وهدم مفهوم الدولة بكل ما يحمله من معنى، وتحويلها لدولة فاشلة، ولذلك فإنه لا يهمه على الإطلاق الاستثمارات الأجنبية أو المحلية، بل إن سعيه الدائم هو تكبيل مصر بالديون، وإغراقها في مشاكل اقتصادية وسياسية لا حصر لها، وتوريط الجيش وإلهائه المستمر في المشروعات والبنى التحتية، حتى لا يخرج من بين قياداته من يهدد وجوده، بالإضافة لتوريط كل القيادات والمسئولين في قضايا فساد مرتبطة بالبيزنس والعمولات لضمان ولائهم وتبعيتهم له.
وحسب حسين، فإن الحل الوحيد مع هذه المنظومة الفاسدة، هو تحرك الشعب لاسترداد امواله ومقدراته وتقليم اظافره المؤسسة الاقتصادية والسياسية، وتحجيم دورها لتعود لمهمتها الأولي وهي حماية الوطن وتأمين حدوده وأمنه القومي.
أقرأ أيضا: وزيرة مصرية تكشف حقيقة منصة السيسي وبن زايد الاستثمارية
التراجع المستحيل
وفي تقييمه يؤكد الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الاهرام السابق، لـ "عربي21"، أن سيطرة المؤسسة العسكرية على الاقتصاد المصري، يمثل نقطة ضعف في جذب الاستثمارات الاجنبية والمحلية لمصر، باعتبار أن المنافسة بين المستثمرين والجيش ستكون في صالح الأخير، وليس في صالحهم سواء على مستوى الفرص والامتيازات والإعفاءات أو التقاضي في حالة حدوث خلافات بين الأطراف المختلفة.
ووفقا لما ورد على لسان الولي، فإن السيسي بعد أقل من أسبوع من دعوته للمستثمرين الأجانب بالتواجد في مصر، وتقديم تسهيلات لهم، كشف بشكل واضح أن هذا التواجد لن يكون على حساب اقتصاد الجيش، وهو ما أعلنه صراحة عندما وافق على إنشاء المنطقة الصناعية بدمياط، بالأمر المباشر على ان يكون التنفيذ تحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بمعنى أن المستثمر الذي يريد بناء مصنع فعليه ان يأخذ التصاميم من الجيش، ويتم التنفيذ تحت إشراف الجيش.
ويشير الولي، إلى أن المناخ العام للاستثمار في مصر لم يعد مشجع، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية، وأن ما يحدث في البورصة من تراجع مستمر، وهروب الأموال الساخنة في الفترة الاخيرة، والسيطرة الكاملة للمؤسسة العسكرية على المجال الاقتصادي، جعل فرص المنافسة في قطاعات محدودة، وهي القطاعات التي ليس للجيش استثمارات فيها، ومعظمها في مجال النفط والغاز.