هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر معهد "كارنيجي" تقريرا تحدث فيه عن الكيفية التي
غيرت من خلالها سيطرة الجيش المصري في سنة 2013 دوره في الاقتصاد الوطني، وتحوّله
إلى جهة فاعلة مستقلة قادرة على إعادة تشكيل الأسواق والتأثير على وضع السياسات
الحكومية واستراتيجيات الاستثمار.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي
21"، إن مكانة الجيش المصري في الاقتصاد
الوطني متراجعة مقارنة بالمعتقد الشائع، بيد أن استيلاءه على السلطة
سنة 2013 وما تلاه من صعود الرئيس عبد الفتاح السيسي قد عزز دوره على صعيد النطاق
والحجم.
في الحقيقة، يقدم الجيش مشاريع ضخمة في مجال
البنية التحتية، من خلال إنتاج المواد الاستهلاكية التي تتراوح بين الغذاء
والأجهزة المنزلية، وتصنيع المواد الكيميائية الصناعية ومعدات النقل، إلى جانب
استيراد السلع الأساسية للأسواق المدنية. وقد توسعت مشاريع الجيش لتشمل قطاعات
جديدة متنوعة مثل التنقيب عن الذهب، وإنتاج الصلب، وإدارة الأوقاف الدينية
والحج.
في المقابل، يستفيد الآلاف من كبار الضباط
المتقاعدين من النفوذ السياسي القوي للجيش لشغل المناصب العليا في الأجهزة المدنية
التابعة للدولة وشركات القطاع العام، وهو ما ساهم في اكتمال الاقتصاد العسكري الرسمي
وتحقيق منفعتهم الشخصية.
وأورد الموقع أن الجيش يفتخر بالمهارات الإدارية
الفائقة والتقدم التكنولوجي ويدعي أنه مثال للقيادة الإنمائية، ولكن دوره هذا يأتي
بتكلفة باهظة. في الواقع، كرر الجيش هذه الريعية للاقتصاد السياسي في مصر
واستفاد مثل نظرائه المدنيين في قطاع الأعمال العام والخاص على حد سواء، من بيئة
تسمح فيها المشروعية القانونية والتعقيد البيروقراطي والسلطات التقديرية بمساحة
كبيرة للنهب والفساد.
من جهة أخرى، يصنع الجيش مهندسين بارعين لكن
خبراء اقتصاديين سيئين، ذلك وأن الطفرة الهائلة في مشاريع البنية الأساسية العامة
والإسكان التي يديرها منذ سنة 2013 تعمل على توليد كميات كبيرة من رأس المال الميت
والأصول العالقة، مما يتسبب في تحويل الاستثمار والموارد عن القطاعات الاقتصادية
الأخرى.
أشار الموقع إلى أن ترسيخ الاقتصاد العسكري يضر
بالسياسة الديمقراطية في مصر، رغم ما يشوبها من عيوب. بالتالي، ينبغي عكس الاقتصاد
العسكري في معظم القطاعات، وترشيده في بعض القطاعات المتبقية، وإخضاعه لسيطرة
مدنية لا لبس فيها وذلك في حال كانت مصر ترغب في حل المشاكل الهيكلية المزمنة التي
تعرقل تنميتها الاجتماعية والاقتصادية، وتمنع الإنتاجية والاستثمار وتخرّب
ديناميات السوق وتشوه نمو القطاع الخاص.
اقرأ ايضا: وثائق لـ"عربي21" تكشف تحكم جنرال بهيئة الاستعلامات بمصر
علاوة على ذلك، لا تستطيع أي حكومة مصرية ممارسة
الإدارة الاقتصادية الفعالة إلى حين تعطيل الشبكات غير الرسمية للموظفين في
الأجهزة الإدارية المدنية وشركات القطاع العام والحكومة المحلية.
الواقع أن التقييمات الإيجابية لمؤشرات الاقتصاد
الكلي في مصر الصادرة عن المسؤولين المصريين ونظرائهم في الحكومات الغربية
والمؤسسات المالية الدولية، تتجاهل المشاكل الجوهرية المرتبطة بانخفاض الإنتاجية
والإبداع والقيمة المضافة المحدودة ونقص الاستثمار في معظم القطاعات الاقتصادية.
أفاد الموقع بأن هؤلاء المسؤولين ربما يأملون في
أن يتمكن السيسي بطريقة ما من بناء دكتاتورية إنمائية ناجحة، وهو ما يفسر سبب
تغاضيهم عن العواقب الاجتماعية المترتبة على النهج الاقتصادي الذي تتبناه إدارته،
وعن قمعها الشرس للحريات السياسية والاجتماعية وانتهاكات حقوق الإنسان الفظيعة.
عموما، فإن النتيجة المنطقية تتمثل في الإيمان
بأن الجيش يشكّل لاعبا اقتصاديا وقائدا فعالا كما يدعي. ومع ذلك، تشير
الاتجاهات الحالية إلى أن السيسي سيظل رهينة للشركاء الرئيسيين في الائتلاف
الحاكم، بما في ذلك الجيش الذي يقود مشاركته في الاقتصاد من أجل التسريع.