ملفات وتقارير

ماذا تحمل زيارة نائب وزير دفاع السعودية لسلطنة عمان؟

محلل: ثلاثة ملفات يبدو أنها هيمنت على الزيارة، في طليعتها الملف اليمني
محلل: ثلاثة ملفات يبدو أنها هيمنت على الزيارة، في طليعتها الملف اليمني

فتحت زيارة نائب وزير الدفاع السعودي، المسؤول عن ملف اليمن، خالد بن سلمان، إلى العاصمة العمانية مسقط، أمس الاثنين، الباب واسعا أمام تكهنات وتساؤلات عدة حول أبعاد ودلالات هذه الزيارة غير المعلنة.

ويرى مراقبون أن زيارة ابن سلمان إلى مسقط لا يمكن إبعادها عن سياقات عدة، منها "المعلومات المتواترة بشأن جولة جديدة من المباحثات بين المملكة والحوثيين المدعومين من إيران، ترعاها دول كبرى"، و"اشتداد وتيرة التنافس وصراع النفوذ بين السعودية والسلطنة شرق اليمن"، لا سيما بعد التوقيع على اتفاق سياسي بين حكومة هادي والانفصاليين المدعومين من الإمارات، منذ أسبوع.


" ثلاثة ملفات"

 

وتعليقا على هذا الموضوع، يؤكد الأكاديمي العماني، الباحث في الشؤون الاستراتيجية، الدكتور عبد الله الغيلاني، أن زيارة خالد بن سلمان إلى مسقط لم تكن حدثا بروتوكوليا عابرا، مضيفا أنه لم يأت باعتباره نائبا لوزير الدفاع، ولم يستقبل في العاصمة العمانية بصفته تلك، بل جاء مبعوثا للملك وولي عهده.

 

وقال في حديثه لـ"عربي21" إن "آية ذلك أنه التقى برأس الدولة، السلطان قابوس، الذي تنحصر لقاءاته غالبا على رؤساء الدول وبعض الرسميين من ذوي المراتب الأدنى من الدول الكبرى، فضلا عن اقتصار الحضور من الجانب العماني على وزيري الديوان والمكتب السلطاني، والأخير هو رئيس المؤسسة الأمنية".

 

وأشار إلى ثلاثة ملفات يبدو أنها هيمنت على الزيارة، في طليعتها الملف اليمني، وفيه ثلاث مكونات أو عناصر مركبة يتصل بعضها ببعض، أولها "المصالحة التي جرت بين هادي والمجلس الانتقالي"، في إشارة إلى الاتفاق الذي وقعته الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي قبل أسبوع في الرياض.


أما العنصر الثاني، وفقا للأكاديمي العماني، فهو "الصراع الدائر في محافظة المهرة (شرق اليمن) بين السلطنة من جهة والمحور السعودي الإماراتي من جهة أخرى".

 

اقرأ أيضا: هذه أهم بنود "اتفاق الرياض" حول اليمن.. تعرف عليها (إنفوغراف)

وقال إن الصراع هناك، أي في المهرة الحدودية مع السلطنة، بلغ مستويات تنذر بصدام مباشر بين القوى اليمنية المرتبطة بالفرقاء الإقليميين. موضحا أن السعودية ماضية في تعزيز حضورها العسكري، وتوسيع دائرة نفوذها السياسي عبر سلسلة استقطابات قبلية وسياسية تمثل تهديدا للنفوذ العماني التقليدي، وهو أمر أثار حفيظة السلطات العمانية، فجنحت هي الأخرى إلى تكثيف منازلتها للنفوذ السعودي.

 

ولفت الباحث العماني في الشؤون الاستراتيجية إلى "الحوار مع الحوثيين، كعنصر ثالث في الملف اليمني، الذي إن جرى فستكون مسقط هي قاعدة انطلاقه.

 

وأوضح الأكاديمي الغيلاني أن ثاني الملفات المرشحة للبحث بين العمانيين والسعوديين يكمن في "الرغبة السعودية في الحوار مع إيران"، مؤكدا أن "هذه الرغبة تبلورت في أعقاب الضربة الصاروخية التي تعرضت لها معامل النفط في الرابع عشر من سبتمبر المنصرم".


ورغم أن باكستان هي الوسيط الرسمي، يعتبر الغيلاني أن "دالة مسقط على طهران، ورغبة الأخيرة في تعزيز الوساطة الإقليمية العمانية، تفسحان المجال لدور عماني يعضد المسعى الباكستاني".

 

أما الملف الثالث الذي شملته الزيارة على الأرجح، فهو بحسب الخبير الاستراتيجي الغيلاني "الأزمة الخليجية"، لا سيما في ظل الحديث همسا عن تقارب سعودي-قطري. 


وأردف: "بعيدا عن التراتبية السياسية، فإن زيارة خالد بن سلمان للسلطنة تُعد رفيعة المستوى، كما أنها تأتي تعبيرا عن حالة التيه والتبعثر الاستراتيجي التي تحيط بإقليم الخليج".


ويبين الدكتور الغيلاني أن الزيارة تعزز "حالة الانكشاف الأمني التي تعاني منها المنطقة، وتعكس حالة الانكسار التي منيت بها السعودية في عدد من الجبهات، يأتي في طليعتها الجبهتان اليمنية والإيرانية".

 

"إفساح المجال لمسقط"

 

من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، إن زيارة الأمير خالد إلى مسقط تؤشر إلى تحول حقيقي في الموقف السعودي، متأثرا بجملة التطورات على الساحة اليمنية بعد خروج الإمارات من شراكة الحرب الميدانية.


وتابع في حديث لـ"عربي21": الزيارة تعكس أيضا تطورات الوضع الإقليمي بتأثير القصف النوعي الذي طال عصب اقتصادها ونسب إلى الحوثيين، رغم توفر دلائل على تورط إيران في هذه الهجمات.

 

واعتبر التميمي  أن زيارة مسقط ممن يمكن اعتباره الرجل الثالث في المملكة بحد ذاتها "تشكل تطور على مستوى العلاقات الفاترة بين المملكة والسلطنة".

 

وأشار إلى أنه ينتظر إفساح المجال لدور عماني مؤثر في إدارة ملف العلاقة مع الحوثيين، وإنجاح المحادثات التي تجري حاليا في مسقط بين الرياض والجماعة، بإيعاز أمريكي بريطاني، مؤكدا أنه ربما تجري في ضوء ما يسوقه البريطانيون بشأن إمكانية فصل الحوثيين عن إيران.

 

وأوضح الكاتب اليمني أن هناك رغبة سعودية في حسم المواجهة مع الحوثيين سياسيا، وذلك "إذا توفرت فرصة لإعادة إحياء العلاقة القديمة مع الإمامة الزيدية التي يسعى الحوثيون إلى إعادة إحيائها كمشروع سياسي مناقض تماما لمخرجات الحوار الوطني".

 

وصف التميمي هذا المسار بـ"الفخ الذي تسوقه بريطانيا بقوة، ويلقى قبول الرياض، التي لن تستطيع ضمان إخراج الحوثيين من الهيمنة الإيرانية".

 

"اختبار البوابة العمانية"

 

أما الكاتب والمحلل السياسي، أحمد الزرقة، فيرى أن زيارة خالد بن سلمان لمسقط تأتي في إطار محاولة السعودية إنهاء الحرب مع الحوثي في اليمن، واستكمالا لمشروع فتح نافذة للحوار مع مليشيا الحوثي، وعقد لقاءات مع وفد الحوثي المقيم في سلطنة عمان.

 

وقال في حديث لـ"عربي21"إن خالد بن سلمان منذ تم تسليم ملف اليمن له وهو يحاول إحداث اختراق للأطراف المختلفة، وهو يمضي بالمملكة على خطى الإمارات التي ذهبت باتجاه التفاوض مع مليشيا الحوثي عبر البوابة الإيرانية".

 

وذكر الزرقة أن السعودية تقوم حاليا باختبار البوابة العمانية التي كانت منصة انطلاق الوفود الحوثية ومحطة إجراء لقاءات سياسية مع كبار المسؤولين في الدول العشرين المؤثرة في الملف اليمني، مشيرا إلى أن الزيارة قد تؤدي إلى التمهيد لتسوية سعودية عمانية أولا، وتقاسم للنفوذ في المهرة وسقطرى باليمن.

التعليقات (0)

خبر عاجل