ملفات وتقارير

هل يتأثر أعضاء تنظيم الدولة في سجون مصر بمقتل البغدادي؟

فايننشال تايمز: مقتل البغدادي ضربة رمزية لجماعة إرهابية خسرت قوتها
فايننشال تايمز: مقتل البغدادي ضربة رمزية لجماعة إرهابية خسرت قوتها

استبعد سياسيون مصريون ومختصون بالتنظيمات الإسلامية، أن يكون لمقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي تأثير سلبي على أنصاره داخل السجون المصرية، في ظل الروابط العقائدية التي يقوم عليها التنظيم، بالإضافة لطريقة مقتل البغدادي، التي يمكن أن تكون سببا زيادة الترابط داخل تشكيلات التنظيم.


ووفق دراسة موسعة لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان صدرت في أيار/ مايو الماضي، بالتعاون مع منظمة "هيومن رايتس فيرست"، فإن السجون المصرية تحولت في عهد رئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي لبؤر تجييش لجماعات العنف والتطرف.


وأكدت الدراسة أن السياسات الوحشية التي يتذرع بها نظام السيسي في مكافحة الإرهاب بسيناء، دفعت الآلاف من المواطنين الذين تعرضوا للظلم والتنكيل إلى الانضمام للتنظيمات الجهادية، خاصة تنظيم الدولة، الذي يستخدم السجون في تجنيد المزيد من الأنصار.

 

تحرر التنظيم

 

ويؤكد الباحث المختص بالتنظيمات الإسلامية، محمد الجبة، لـ"عربي21"، أن تنظيم الدولة بعد أن استطاع ترسيخ وجوده كدولة بمفهومها السياسي، القائم على شعب وإقليم ونظام، بدأ في التراجع والانحصار، بعد الانتصارات التي حققها نظام الأسد نتيجة الدعم الروسي. وبانحصار التنظيم، انحسر نفوذ وقوة البغدادي، وهو ما دفع قيادات داعش لإصدار تعميم لمحبيهم حول العالم لاستخدام آليات ابتكارية في حربهم المستمرة ضد العالم كله.

 

ويوضح الجبة أن طريقة موت البغدادي، وفي ظل وجود محبين ومؤيدين له كقائد للتنظيم، فإن هذا يمكن أن يزيد من أنصار التنظيم بشكل عام، لأنه وفقا لأدبيات التنظيم وأيديولوجيته وعقيدته، فإن قائده قتل على يد الكفار، وهي أمور لها تأثير كبير على أنصاره داخل السجون على وجه التحديد.

 

ويتوقع خبير التنظيمات الإسلامية أن يكون مقتل البغدادي سببا في تحرر التنظيم من مشكلات تنظيمية، وأنه نتيجة لطبيعة السجون المصرية، فإن ظهور تنظيمات متفرقة، ووجود نشاطات فردية، يمكن أن يكون أمرا طبيعيا، بل ومطلبا من القيادة الجديدة التي ستتولى الأمور على وجه سريع

وعاجل.

 

اقرأ أيضا: فايننشال تايمز: مقتل البغدادي رمزي وتهديد تنظيمه باق

ويبرر الجبة توقعه، بأن العلاقة بين التنظيمات الجهادية التي بايعت تنظيم الدولة لا تقوم على التلاحم التنظيمي بالشكل المتعارف عليه، لكنه كان ارتباطا أدبيا ناتجا عن بيعتهم لأمير التنظيم، واعتبار أرض سيناء جزءا من الدولة الإسلامية، وهو ما يجعل الأمور أقرب إلى إعادة التشكيل، وليس التفكك أو التحول للافتات أخري.

 

وأرجع الجبة السبب في ذلك إلى أن الفكر الذي خرج عن تنظيم الدولة لا يمكن القضاء عليه بالأساليب القمعية، كما أن القمع والحرب التي يشنها النظام المصري ضد الحركة الإسلامية بشكل عام وأنصار تنظيم الدولة بشكل خاص، ساعدت في تعميق هذا الفكر وانتشاره.

 

دعم الدواعش

 

ويشير عضو مجلس الشعب السابق، محمود عطية، إلى أنه التقى عددا كبيرا من أعضاء تنظيم الدولة أثناء حبسه بسجن برج العرب بعد الانقلاب العسكري، وكثير من الذين بايعوا البغدادي كانوا يحلمون بإقامة دولة إسلامية مترامية الأطراف، ولذلك فإن كل من كان يخالفهم في هذا التوجه وأساليب تنفيذه يعدّ كافرا، حتى لو كان ينطق بالشهادتين.

 

ويؤكد عطية لـ "عربي21"، أن هذا التكوين لأفراد التنظيم يجعل هناك إشكالية في مدى تأثرهم بمقتل البغدادي، في ظل عدم قناعتهم بالشكوك التي تحيط بالتنظيم وعلاقاته المخابراتية، ولذلك فإن التنظيم لو كان وجوده مرتبطا بوجود البغدادي، فإنه سينتهي بمقتله، وسوف يبحث أنصاره عن تنظيم آخر يلبي آمالهم وأفكارهم.

 

ويتهم البرلماني السابق السلطات المصرية بأنها دعمت نفوذ أنصار التنظيم داخل السجون، في إطار سياسة "فرق تسد"، وإثارة الخلافات العقائدية بين أعضاء الحركات الإسلامية، وتحديدا الجهادية منها والإخوان المسلمين، وهو ما أدى في النهاية لتزايد نفوذ الدواعش بشكل لم يكن في الحسبان.

 

إبهار مقصود

 

ويتفق الباحث الصحفي المختص بشؤون المجتمع المدني، حسام الوكيل، مع الرأي السابق، مؤكدا لـ"عربي21" أن "انتشار أفكار التنظيم في السجون كان يتم تحت رعاية أمنية رسمية، حيث تعمدوا خلط المعتقلين داخل الزنازين، لدفع الشباب للفكر الداعشي، نتيجة الممارسات القمعية لأجهزة الأمن التي كانت موجهة لضرب كل الأفكار السلمية"، بحسب كلامه.

 

وحسب الوكيل الذي اعتقل في زنزانة واحدة مع عدد من معتقلي داعش، فإنهم كانوا الأقل تعرضا للتنمر والتعذيب داخل السجن، ولديهم سمعة بأن الأمن يخاف منهم ويخشى غضبهم، وهو ما كان سببا لإبهار المعتقلين العاديين من أصحاب العاطفة الإسلامية العامة.

 

وفيما يتعلق بمستقبل أعضاء التنظيم بعد مقتل البغدادي، يؤكد الوكيل أن التنظيم عمل وفقا لنظرية الذئاب المنفردة، حيث تعتمد هذه النظرية على التواصل الشبكي وليس الهرمي التنظيمي، ولذلك فإنه إذا استطاع التنظيم تصدير رمز جديد يحافظ على القوام الرئيسي لجناح العمليات الخاص به، فإنه لن يتعرض لهزات تنظيمية عنيفة.

 

وحسب الوكيل، فإن الجماعات الصغيرة التي بايعت البغدادي لن تترك التنظيم إلا في حالتين، الأولى عدم ظهور قيادة مقنعة تستطيع جمع الألوية الداخلية، والثانية أن تقوم هذه القيادة باجتهاد فقهي جديد أو تغيير جوهري ببنك الأهداف، وشكل العمليات وأماكن التمركز بناء على رؤية مختلفة، يمكن أن تمثل تراجعا عن الإنجازات التي يرى أنصار التنظيم أنهم حققوها بالفعل خلال السنوات الماضية. 

التعليقات (0)