هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار فشل مجلس النواب العراقي في عقد جلسته، السبت، التي كانت مقررة لبحث مطالب المتظاهرين المناوئين للحكومة، لعدم اكتمال النصاب القانوني، تساؤلات حول أسباب الإخفاق، ولماذا تغيّب النواب عنها رغم الظروف الطارئة التي يمرّ بها البلد؟
ومساء الجمعة، أعلنت رئاسة مجلس النواب العراقي، في بيان مقتضب، أن البرلمان سيعقد، السبت، جلسة خاصة؛ لمناقشة مطالب المتظاهرين وقرارات مجلس الوزراء، وتنفيذ حزم الإصلاحات.
"غياب الرؤية"
النائب عن الاتحاد الإسلامي الكردستاني، مثنى أمين، قال في حديث لـ"عربي21" إن "النصاب لم يتحقق بسبب الظرف الأمني الحالي، ليس في بغداد فحسب، وإنما في محافظات الوسط والجنوب ربما يكون أكثر".
وأوضح النائب، أن "منازل سبعة نواب في البرلمان تعرضت إلى الحرق والاستهداف المباشر"، لافتا إلى أن "النواب انشغلوا في لملمة الأوضاع، والاطمئنان على أهلهم، ووأد الفتنة، ومحاولة رأب الصدع، وتثبيت الأوضاع الأمنية بشكل يليق بالمتظاهرين، وكذلك حماية الممتلكات العامة والخاصة".
لكن أمين أشار إلى قضية أخرى، وهي غياب الرؤية في جلسة البرلمان التي دعي النواب لحضورها، السبت، بالقول: إن "انعقاد البرلمان يجب أن يكون ضمن رؤية واضحة. لماذا نجتمع؟".
وأضاف: "إذا كانت لمطالب المتظاهرين، فيجب إيجاد لكل سؤال أو مطلب أجوبة واضحة متفق عليها ومدروسة من الكتل السياسية مسبقا، حتى تذهب إلى البرلمان لإقرارها".
وتابع النائب: "أما لو عاد البرلمان لعقد جلساته الاعتيادية دون الالتفات إلى عشرات الآلاف المتواجدين في الشارع، فهذا أيضا غير لائق، وأن يلتفت إلى مطالب المتظاهرين دون رؤية واضحة هذه أيضا مسألة فيها نظر، لأنها غير معقولة".
وأكد أمين أن "كل هذه الأمور ساهمت في عدم ذهاب النواب إلى جلسة برلمان التي عقدت، السبت، لأن هناك سؤلا: نذهب إلى البرلمان لماذا وماذا سنناقش؟".
النائب الكردي تطرق إلى سبب آخر، وهو محاولة تمرير أسماء المديرين العامين في الوزارات، وقال إن "لدى بعض الكتل البرلمانية اعتقادا بأن تمرير أسماء المديرين العامين في الوزارات العراقية خلال الجلسة ربما تفهم من الشارع على أنه لا تزال الأمور ماضية باتجاه غير ما يريده المتظاهرون".
وأردف: "وإذا لم تقر هذه الأسماء، فنحن أمام مشكلة حقيقية، لأن الموازنة العامة حددت الأمر بسقف زمني معين، وتم تمديده ليكون في 24 من الشهر الجاري"، لافتا إلى أن "الأسماء التي جيء بها لكي تمرر في البرلمان، حرصت بعض الكتل على أن تأخذ حصتها، فالمرشحون لشغل المناصب ليسوا مستقلين".
اقرأ أيضا: عبد المهدي يأمر الجيش بإنهاء احتجاجات بغداد بكل الوسائل
"استغلال الظروف"
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر برلمانية لـ"عربي21" أن النواب الذين حضروا إلى جلسة البرلمان، السبت، كانوا من كتل "سائرون" و"الحكمة" و"الفتح"، ولم يكتمل النصاب، إذ وصل العدد إلى 65 من أصل 329 نائبا.
وأضافت المصادر أن الكثير منهم خارج البلد، ولم يصلوا إلى بغداد من قبل أن تندلع المظاهرات؛ بحجة الذهاب إلى زيارة "أربعينية الحسين"، إذ كانت الجلسات تؤجل بسبب عدم اكتمال النصاب حتى بعد انتهاء المناسبة الشيعية في البلد.
وبخصوص النواب الذين حضروا للبرلمان، السبت، أوضحت المصادر أن بعض الكتل تحاول دائما "استغلال" مثل هذه الأوضاع لتمرير قوانين بـ"صفقات تعقد بينهما"، كما حصل في التعديل الوزاري الأخير، الاتفاق بين كتلتي "سائرون" المدعومة من مقتدى الصدر و"اتحاد القوى" التابعة لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي على تمرير وزارتي التربية والصحة وتأجيل باقي الوزارات.
ولفتت المصادر إلى أن "النية أيضا كانت مبيّتة بين الحلبوسي و"سائرون" لتمرير قانون إلغاء مجالس المحافظات، وأسماء المديرين العامين في الوزارات التي تقاسمتها الكتل والأحزاب السياسية، إلا أن سفر الكثير من النواب خارج العراق أو في إقليم كردستان حال دون ذلك".
المصادر ذاتها أكدت أن "المبنى تم إخلاؤه قبل المظاهرات بأيام قليلة، وأن الكثير من الموظفين لم يتمكنوا من الوصول إليه، السبت، والبعض منهم لم يسمح لهم بالدخول؛ كونهم لا يحملون بطاقات دخول خاصة بطرق مفتوحة الآن، وهي الطريق السريع الرابط بمطار بغداد، وشارع الزوراء".
ويأتي ذلك تأكيدا لما نشرته "عربي21" الأربعاء الماضي، نقلا مصادر برلمانية خاصة، كشفت أن "رئاسة البرلمان وجّهت بإخلاء المبنى من محتوياته المهمة، إضافة إلى منح الموظفين إجازة منذ الأربعاء، إلى حين معرفة ما سيجري في 25 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري".
المصادر البرلمانية، أكدت في حينها أن "التدابير التي اتخذها البرلمان تأتي خشية اقتحام المتظاهرين للمبنى كما حصل في أيار/ مايو 2015، لأن مقر البرلمان قريب من مكان الاحتجاجات وسط بغداد".
وبخصوص تواري أغلب أعضاء البرلمان عن وسائل الإعلام، قالت المصادر في وقتها إن "أغلبهم سافر إلى خارج البلد، خشية انفلات الأوضاع، وتعرضهم لأي أذى على يد المتظاهرين، وأنهم يتجنبون الظهور في الإعلام للإدلاء بأي آراء حول الأزمة الحالية".
واندلعت الجمعة تظاهرات عدة شملت محافظات العراق، في موجة تصعيد جديدة ضد الحكومة؛ احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية، ما أدى إلى مقتل نحو 43 شخصا (بينهم عناصر أمن)، وفق منظمات حقوقية.
واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، فيما سقط معظم القتلى جراء إطلاق النار من مليشيات شيعية مقربة من إيران، لدى محاولة المتظاهرين إحراق مقراتها.