هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تحدث مركز أبحاث إسرائيلي، عن الخطة
الاستراتيجية الإيرانية، الخاصة بتعزيز التواجد والنفوذ الإيراني في سوريا
اقتصاديا وعسكريا، مسلطا الضوء، على أهم أهداف ووسائل هذه الخطة.
وأوضح "مركز بحوث الأمن القومي"
التابع لجامعة "تل أبيب" العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده
أفرايم كام، أنه في "نظر إيران، أفضل طريق للعمل في سوريا، هو الإبقاء على
قواتها العسكرية هناك، بما فيها القوات الموالية لها، ولهذا التواجد العسكري،
أهمية استراتيجية في نظر طهران".
ورغم "استقرار نظام بشار الأسد، إلا أن
بقاءه ليس مضمونا، لذا فبقاء القوات الإيرانية يستهدف الحفاظ على الصلة والتعلق من
جانب نظام الأسد بإيران، ومساعدته على التصدي للصدمات المستقبلية المحتملة، ومنع
إمكانية المس بمكانة إيران في سوريا ومحيطها، في حال استبدل نظام الاسد
بآخر".
وأكد التقدير، أن "إيران تسعى لاستغلال
تواجدها في سوريا، من أجل تعزيز تواجدها في لبنان والعراق، ولتشديد التهديد على
إسرائيل، لأن الانتشار العسكري في سوريا يشكل في نظرها، جبهة متقدمة أمام خصومها
بعيدا عن حدودها".
ونوه المركز في نشرته شبه الدورية بعنوان
"نظرة عليا"، أن "سوريا هي الحلقة التي تربط إيران عبر العراق،
بلبنان وبالبحر المتوسط، وهو ما يتيح لها تعزيز المجال الشيعي، وتحسين متواصل
لقدرات حزب الله العسكرية"، لافتا أن "مفتاح بقاء القوات الإيرانية في
سوريا، يوجد بقدر كبير في يد الأسد؛ الذي يرغب لعدة أسباب بتواجد القوات
الإيرانية".
وذكر أن "الأسد الذي بدأ بعملية إعادة
بناء صعبة ومركبة وطويلة، يحتاج لمساعدة اقتصادية وعسكرية واسعة من إيران"،
لافتا أن "إيران تأخذ في الحسبان بأن الدولاب قد ينقلب، والأسد لا يزال بحاجة
لها".
إقرأ أيضا: بوتين يتحدث عن الخليج وإيران وصفقة القرن ومشاريع اقتصادية
ومن جانب آخر، "يدرك الأسد أن استمرار
التواجد العسكري الإيراني في بلاده، يلحق به الضرر أكثر من النفع، وذلك لأنه يورطه
المرة تلو الأخرى مع إسرائيل، ويخلق احتكاكات في علاقاته مع روسيا"، بحسب
المركز الذي قدر أن "الضغط الخارجي سيستمر على سوريا من واشنطن، تل أبيب،
موسكو ومن المحتمل من تركيا، لإخراج القوات الإيرانية".
ولفت إلى أن "إيران لا تتجاهل إمكانية ان
نظام الأسد، لن يبقى في المدى البعيد، وسيستبدل بنظام يفضل الابتعاد عن
طهران"، مضيفا: "لهذه الأسباب، قررت إيران قبل بضع سنوات على ما يبدو،
ألا تكتفي بتقديم المساعدة العسكرية والاقتصادية لسوريا".
وأشار إلى أن "إيران تستغل الضائقة
والخراب اللذين تعيشهما سوريا، لمحاولة التأثير على بعض العناصر الطائفية
والاقتصادية في المنظومة السورية، لتعزيز صلاتها بطهران، دون أن تكون متعلقة فقط
بنظام الأسد"، مؤكدا أن "التغلغل الاقتصادي - الاجتماعي في سوريا،
أصبح عنصرا مركزيا في سياسة إيران الشرق
أوسطية".
وتناول مركز الأبحاث الإسرائيلي في دراسته،
العديد من الوسائل التي تثبت التواجد الإيران في سوريا كـ"الأوتاد"
ومنها، الوسيلة الأولى: منظومة الاتفاقات بين طهران ودمشق، وبين أن "المساعدة
العسكرية الواسعة التي تمنحها ايران لسوريا منذ 2012، كانت تكمن في منظومة اتفاقات
موقعة بين الطرفين، تهدف لترتيب التدخل العسكري الإيراني في سوريا والمساعدة
الاقتصادية الواسعة لها".
وذكر أنه "منذ 2018، حين تبين أن نظام
الأسد نجا من خطر الانهيار، انكشفت بالتدريج تفاصيل اقتصادية عن الاتفاقات التي
وقعت بين إيران وسوريا، والتي ستؤثر على منظومة العلاقات بينهما في
المستقبل"، مرجحا تعلق تلك الاتفاقيات وخاصة في المجال العسكري،
بـ"التصدي لإسرائيل".
وفي آب/اغسطس 2018 و آذار/مارس 2019، وقعت بين
دمشق وطهران سلسلة من الاتفاقات التي تعنى أساسا بتوسيع التعاون العسكري، وإعادة
بناء القوات العسكرية والصناعات العسكرية السورية، وقررت استمرار تواجد الحرس
الثوري وقوة القدس والميليشيات الشيعية".
أما في المجال الاقتصادي، "وقعت في 2018 و
2019 سلسلة من الاتفاقات لاستثمارات إيرانية، تتعلق ببناء وترميم المناطق المدمرة
في الحرب، وتوريد النفط الإيراني، إضافة لمجال المواصلات والقطارات واستغلال
المحاجر"، بحسب المركز الذي رأى أن "الدعم الاقتصادي الايراني هام
لسوريا، لذا لن يسارع نظام الأسد إلى المس بعلاقاته مع إيران رغم الضغوط".
ومن الناحية الإيرانية، "المساعدة
الاقتصادية، هي أداة مركزية في ربط سوريا بإيران، وتثبيت نفوذها في المنطقة بين
إيران والبحر المتوسط".
وأما الوسيلة الثانية، "توطين سكان شيعة
في سوريا"، حيث تعمل طهران بالتنسيق مع الأسد، "إسكان عائلات شيعية في
سوريا على حساب السكان السنة؛ ما يعمل على تغيير الميزان الديمغرافي في سوريا
لصالح الشيعة العلويين الذين يبلغ عددهم 1 بالمئة من إجمال عدد سكان سوريا".
ونبهت الدراسة، إلى أن "إيران تسعى في
مناطق معينة وزيادة وزن الشيعة فيها، وخاصة بالمنطقة بين دمشق وحمص، لتعزيز القبضة
الإيرانية في غرب سوريا، وفي المناطق المؤدية الى لبنان، لذا تشجع طهران نقل
عائلات شيعية عراقية، وعائلات مقاتلي الحرس الثوري والميليشيات الشيعية، وتسكنها
في منطقة دمشق وشرق سوريا، التي فر منها سكانها السنة".
إقرأ أيضا: عودة الناقلة المستهدفة إلى إيران بعد "احتواء الأضرار"
ومن أجل تشجيع نمو السكان الشيعة في سوريا،
"تمنحهم إيران المال، الغذاء، الخدمات العامة والتعليم المجاني"، بحسب
الدراسة التي أكدت أن "زيادة عدد السكان الشيعة في سوريا يعد أمرا ايجابيا في
نظر الأسد، وهناك من يعتقد أن نظام الأسد سيساعد الاستيطان الشيعي في سوريا، عبر
منع عودة اللاجئين السنة لبيوتهم، وبذلك يتعزز النفوذ الإيراني ومكانة حزب الله في
أجزاء من سوريا".
والثالثة؛ "تنظيم حزب الله السوري"،
وساعدت طهران الأسد في منتصف 2012، في "بناء ميليشيات محلية وإقليمية،
وبنهاية 2012 بدأت إيران بجمع هذه الميليشيات في جنوب سوريا في تنظيم عسكري شيعي
برعاية قوة القدس والحرس الثوري، وبمساعدة حزب الله اللبناني وميليشيات عراقية،
وسمي لواء 313، وتشكل من شيعة من سوريا، العراق، إيران، وأفغانستان، كما تأثر
بنموذج حزب الله اللبناني".
وشكك المركز، في أن "تستخدم إيران حزب
الله السوري مثلما تفعل مع حزب الله اللبناني، لأن الحزب بسوريا، سيرتبط بغيران
بهدف تعزيز نفوذها في سوريا".
والوسيلة الرابعة تتعلق بحسب الدراسة
الإسرائيلية، بتدشين "محاور مواصلات استراتيجية"، وفي هذا الجانب عملت
طهران على "تطوير محاور مواصلات آمنة من إيران إلى العراق، وحتى سوريا وصولا
إلى لبنان، في ظل العديد من التحديات التي منها الهجمات الإسرائيلية، وجود القوات
الأمريكية في العراق، ولكن الرد الإيراني على هذه التحديات تركز في 3 مجالات؛ محور
بري يؤدي من إيران عبر العراق إلى سوريا ولبنان، ربط خطوط قطارات إيران بالعراق
وسوريا؛ ودق وتد إيراني في ميناء اللاذقية بسوريا".
وأفادت أنه "في نهاية 2019، سيفتح معبر
البوكمال على الحدود بين سوريا والعراق؛ وهذا المعبر هو نقطة أساسية في الرواق
البري الذي تسعى إيران لإقامته، والذي سيمتد من إيران عبر العراق وإلى داخل سوريا
ولبنان، حتى البحر المتوسط".
وبالتوازي مع فتح معبر البوكمال، "في خريف
2019 سيبدأ تنفيذ مشروع سكة الحديد من غرب إيران حتى البصرة جنوب العراق، ليربط
لاحقا الخليج بالبحر المتوسط، وتبحث كل من إيران، العراق وسوريا في مشروع لربط سكة
الحديد من ميناء بندر الخميني جنوب غرب إيران إلى ميناء اللاذقية في سوريا".
وعن الوسيلة الخامسة، والتي تختص بالموقع
الإيراني في ميناء اللاذقية، وهو ما يؤكد التطلعات الإيرانية بـ"إيجاد موقع
لها على شاطئ البحر المتوسط، لتحقيق اتصال مباشر بالبحر، وبناء محور تموين آخر
لسوريا عبره، وصولا سريعا إلى الحليف السوري في البر، في الجو وفي البحر".
ورغم الرفض السوري السابق على منح إيران خدمات
في ميناء طرطوس، إلا أن نظام الأسد وافق في مطلع 2019، على وضع ميناء اللاذقية،
شمال طرطوس تحت إدارة شركة إيرانية، ابتداء من تشرين الأول/أكتوبر 2019، ويعتبر
هذا "تطورا عاما يندرج ضمن الجهد الإيراني لربط الخليج وغرب إيران بالبحر
المتوسط، من خلال سكة الحديد والرواق البري"، بحسب المركز الإسرائيلي الذي
نبه أن "الهدف الاساس هو خلق محور إضافي لنقل وسائل قتالية إلى حزب الله
والقوات الإيرانية والشيعية عبر البحر".
وفي نهاية الدراسة خلص المركز، إلى أن
"إيران تطلع إلى تصميم كتلة من الدول، يكون فيها للشيعة مكانة سائدة، تمتد من
غرب أفغانستان وحتى لبنان والبحر المتوسط، وهذا الهدف ينبع من رؤية إيران
الاستراتيجية، بأن تكون جبهتها المتقدمة أمام خصومها بعيدة عن حدودها الغربية،
وتوجد في مجال سوريا- لبنان".
وزعم أن "تفوق وقدرة" سلاح الجو
الإسرائيلي على ضرب أهداف هامة، استنادا على "الاستخبارات النوعية
والدقيقة"، يشكل "صعوبة أمام بناء منظومة المحاور التي تخطط لها
طهران"، وعليه ستكون إيران مطالبة بحسب خلاصة الدراسة، بـ"بناء قدرات
جديدة للرد ، تتمكن من ردع إسرائيل عن مواصلة هجماتها".