هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف وزير الثقافة والاتصال الأسبق في الحكومة المغربية (1998- 2002) والقيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (يسار)، محمد الأشعري، أن المغرب يعيش تراجعات خطيرة في مجال الحريات والتعبير والفنون، وأن "فريقا أمنيا اعتقل صحافيين وليس الظلاميين".
جاء ذلك خلال ندوة صحافية للوزير اليساري محمد الأشعري، حول واقع الصحافة بالمغرب، في مقر وكالة المغرب العربي للأنباء (رسمية)، الثلاثاء 17 أيلول/ سبتمبر الجاري.
من اعتقل الصحافيين؟
قال وزير الثقافة والاتصال السابق، محمد الأشعري، إن "أغرب ما قرأت حول القضية المؤلمة لهاجر الريسوني (صحافية معتقلة بتهم الإجهاض والفساد) بتوقيع أديب مغربي معروف وهو الطاهر بنجلون أن الظلاميين يحتجزون مشروع الحداثة".
وزاد محمد الأشعري: "الحال أن الظلاميين على الأقل في الصيغة المتعارف عليها دوليا ليسوا هم من بعثوا بالفريق الأمني الذي اعتقل هاجر الريسوني، والفيلق الرهيب الذي اعتقل من قبل بوعشرين" (مؤسس أخبار اليوم التي تشتغل بها الصحافية).
وتابع الوزير الأسبق والروائي، القول إن "الدولة التي تعتقل (الصحافيين) هي الدولة التي تحارب الظلاميين في تجلياتهم السياسية وفي خلاياهم النائمة". وأفاد بأن "هناك من يدعي اليوم في بلادنا أن الحريات الفردية وحرية المعتقد وحرية الصحافة لا يعرقلها اليوم لا وضع سياسي جامد ولا تشريع متخلف بل تمنعها رجعية المجتمع ومحافظته في مقابل دولة مستعدة وقابلة ومتفتحة ولكنها لا تريد زراعة الفتنة بإجراءات جريئة وصادمة".
اقرأ أيضا: اعتقال صحافية بالمغرب بتهمة الإجهاض وتقرير طبي يبرئها (وثيقة)
وسجل: "فكلما تعلق الأمر بحرية المرأة وحرية المعتقد وحرية التعبير، إلا وتم إشهار هذا الادعاء في وجه مشروع التقدم، ولكن كيف تصبح المجتمعات أقل رجعية وأقل محافظة إذا لم تعمل الشجاعة السياسية على تنويرها بالمعرفة والحوار والتشريع الثوري الجريء".
وشدد على أنه "يجب أن نسلم بأن الصحافة الحرة لا يمكن أن تبنى إلا في نظام ديمقراطي حقيقي.. بانتظار ذلك يجب أن نسلم أيضا بأنه يجب الاستمرار من أجل حرية الصحافة والوقوف في وجه الضربات الموجعة التي تتلقاها باستمرار وهو أمر لن تقوم به الصحافة وحدها لأن الأمر يهم التطور السياسي للبلاد، ولا بد أن يصبح القضية المشتركة لكل الديمقراطيين في المغرب".
التراجعات خطيرة
واعتبر الوزير الأسبق، أن "التراجعات في مجال الحريات والتعبير والفنون التي تشكل روح التقدم، ربما هي نقطة سوداء نعيشها منذ فترة".
وأضاف: "أنا مع كل التشريعات المتقدمة التي يمكن أن تخلص القوانين المغربية من مقتضيات متخلفة لا تمت بصلة إلى الآفاق الدولية ولقانون التطور، القضايا المتعلقة بالحريات الفردية، وبحق المرأة في امتلاك جسدها وفي التصرف فيه وكل الأشياء المرتبطة بحرية المعتقد، يجب أن يكون فيها المغرب حاسما وأن لا يتحجج بمحافظة المجتمع وبرجعيته".
وأضاف: "هذه الحجج تضع حرياتنا جميعا بين يدي الظلاميين عوض أن تضعها بين يدي الدولة والنخب المتنورة".
ووجه نقدا للإعلام العمومي، فـ"عندما يكون هناك نزاع عام داخل المجتمع فإن الإعلام العمومي يقف في صف، والصحافة الحرة تقف في صف آخر، وهذه الوضعية لا يمكن استيعابها فكيف يمكن للإعلام العمومي أن يقوم بدور ضابط شرطة؟ هذا يعود إلى عهد بائد".
وأكد الأشعري أن "الإعلام العمومي يجب أن يقدم خدمة عمومية كما هو الحال في العديد من الدول وعلى رأسها بريطانيا، وأن يحتضن جميع الأصوات والتعبيرات".
واستطرد: "نحتاج إلى جرأة سياسية من أجل إصلاح القطاع الإعلامي وأنا مؤمن بأن إشاعة مناخ إيجابي في الوضع الصحفي المغربي هو بداية الحل، واليوم أنا أشعر بأن هناك جوا محبطا في الوسط الصحفي بمعنى (لا مكان للإصلاح)، وهذا هو السائد في الصحافة اليوم، فليس هناك مناخ إيجابي لبناء مقاولات إعلامية قوية ومقنعة، و في ذهن كل صحفي اليوم هناك إحساس بأن الوضع غير مشجع في هذا المجال".
وشدد الأشعري على أن هذا المناخ السائد يجب أن يتغير لأنه مناخ سلبي ولا يفيد الإصلاح، لأن البلد الذي يصبح فيه الصحافيون خائفين فيه ما يقلق".
وتابع الأشعري كلامه قائلا: "اليوم هناك انقسام خطير في الجسم الصحفي، بين جزء من الصحافة تمارس نوعا من النقد والمتابعة، أي الصحافة غير الموالية، وما بين صحافة مضادة لها، وهذا الانقسام مقلق جدا لأنه في بعض الأحيان يتحول الأمر إلى صحفيين يقتلون صحفيين، وهذا من الأشياء المؤلمة في الحقل الصحافي المغربي، وللأسف الشديد هذا الوضع تشجع عليه آليات قائمة وهذا ليس سرا، فهناك صحافة معروف من يقف وراءها وممولوها وهي التي تقوم بهذه المهام الخطيرة".