هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا للصحافي نيري زلبر، يتحدث فيه عن نظرة إسرائيل لرحيل مستشار الأمن القومي جون بولتون من الإدارة الأمريكية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن رحيل بولتون من الإدارة الأمريكية يوم الثلاثاء أقلق بعض الإسرائيليين من أن الرئيس دونالد ترامب سيسعى إلى سياسة أكثر وفاقا مع إيران، تاركا إسرائيل وحدها في محاربة النفوذ الإقليمي الإيراني، بحسب ما قاله المحللون.
ويلفت زلبر إلى أن بولتون كان واحدا ممن يقفون خلف سياسة الضغط الأقصى ضد طهران، وهو ما وافق تماما سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تجاه إيران، إلا أن هناك إشارات تحول صدرت عن ترامب في الأسابيع القليلة الماضية، بما في ذلك استعداده لمقابلة الرئيس حسن روحاني.
وترى المجلة أن أي تليين من سياسة أمريكا سيشكل تحولا دراميا في سياسة الإدارة التي ألغت العام الماضي الاتفاقية النووية، التي عقدت خلال حكم الرئيس باراك أوباما، وقامت بتشديد العقوبات بشكل مستمر.
وينقل التقرير عن غابي أشكنازي، وهو رئيس أركان سابق، وحاليا يشارك في حزب الوسط، أزرق-أبيض، قوله: "ما يجب أن يقلقنا هو أن العقبة الأخيرة أمام تصالح تاريخي بين أمريكا وإيران تمت إزالتها.. ويقلقني الاحتمال أنه بعد هذه الاتفاقية بين إيران والأمريكيين، فإن إسرائيل ستترك وحدها ضد إيران، وهذا وضع كان رؤساء الوزراء كلهم قبل نتنياهو حريصين جدا على تجنبه".
ويذكر الكاتب أن وكالة "بلومبيرغ" نشرت أمس تقريرا ذكر أن ترامب قرر عزل بولتون، خاصة بسبب معارضته للتخفيف من العقوبات على إيران، مع احتمال لقاء مع روحاني، فيما أعلن ترامب في المكتب البيضاوي يوم الأربعاء بأنه لا يسعى لتغيير النظام في إيران، و"تغيير النظام" هو ما نادى به بولتون طيلة حياته العملية.
وتستدرك المجلة بأن نتنياهو قلل من شأن رحيل بولتون، وقال للقناة 20 الإسرائيلية في مقابلة: "الشخص الذي صنع السياسة الأمريكية رسميا هو بومبيو.. والرئيس ترامب طبعا، لكنني لا أريد الخوض في تغيير الشخصيات في هذه الإدارة.. ولذلك أنا مقتنع وليس عندي شك نهائيا بأنه على أي حال -بالمفاوضات أو دونها- قإن ترامب وإدارته سيكونون صارمين جدا جدا مع إيران".
وينوه التقرير إلى أن إسرائيليين آخرين قالوا إن نتنياهو سيفتقد بولتون بالتأكيد، وقال رئيس معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيت ورئيس المخابرات العسكرية سابقا، عاموس يادلين: "لا شك أن هناك حزنا في القدس (بسبب رحيل بولتون).. لقد ضخم كثيرا مواقف رئيس الوزراء (في هذه القضية)، لكن حتى مع وجود بولتون لم تكن سياسة واشنطن تجاه إيران تسير في الاتجاه الذي أراده نتنياهو".
ويفيد زلبر بأن رحيل بولتون جاء في خضم عاصفة إسرائيل السياسية، فأعلن نتنياهو عن نيته ضم مساحات واسعة من الضفة الغربية إن تم انتخابه، وبعدها بساعتين وفي تجمع انتخابي في جنوب إسرائيل قام حرسه بإخراجه بسرعة من القاعة بعد أن تم إطلاق صواريخ من قطاع غزة.
وتقول المجلة إن الخطوات المختلفة التي اتخذتها واشنطن منذ أن تسلم بولتون منصبه، في نيسان/ أبريل 2018، تبدو كأنها قائمة رغبات نتنياهو، بما في ذلك العقوبات وإلغاء الاتفاقية النووية، مشيرة إلى أن إسرائيل نشطت في الفترة ذاتها في استهداف إيران ووكلائها في الشرق الأوسط، وذلك بما يحتمل أنه موافقة ضمنية على الأقل من البيت الأبيض.
ويشير التقرير إلى أن بولتون وصل في حزيران/ يونيو، إلى القدس، لاجتماع ثلاثي مع نظيره الروسي ونتنياهو، وكانت تلك هي أواخر الأيام الجميلة خلال فترة بولتون، فعلى عكس نصيحة مستشاره للأمن القومي امتنع ترامب من الرد عسكريا على إسقاط إيران لطائرة أمريكية مسيرة فوق الخليج.
ويورد الكاتب نقلا عن بولتون، قوله في الوقت الذي كان يقف فيه بجانب نتنياهو: "يجب على إيران أو أي لاعب معاد ألا يخطئوا بتفسير التعقل والحذر على أنه ضعف.. لا أحد منحهم رخصة صيد في الشرق الأوسط".
وتلفت المجلة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أشار إلى بولتون باعتباره "صديقا عظيما لإسرائيل لسنوات عديدة، وصديقا شخصيا لي لسنوات عديدة"، وذلك قبل أن يتحدث عن أثر "العقوبات الأمريكية المعطلة" و"الضغط الاقتصادي غير المسبوق" على عدوانية إيران الإقليمية.
وينوه التقرير إلى أنه بعد أقل من ثلاثة أشهر، أوضح ترامب في أكثر من مناسبة أنه منفتح على التفاوض مع إيران، في محاولة لحل المأزق النووي، مشيرا إلى أن آخر هذه التحركات جاء يوم الاثنين، عندما قال ترامب للمراسلين في البيت الأبيض بأنه "لا مشكلة" لديه مع لقاء روحاني، وفي وقت سابق من ذلك اليوم كشف نتنياهو عما قال إنه موقع سري لتطوير الأسلحة النووية الإيرانية، ودعا المجتمع الدولي إلى "الاستيقاظ"، وقال: "الطريقة الوحيدة لوقف مسيرة إيران نحو القنبلة واعتداءاتها الإقليمية هي الضغط والضغط والمزيد من الضغط".
ويقول زبلر إن مسؤولي الدفاع الإسرائيليين يعترفون بأن مستقبل الاجتماع الأمريكي الإيراني في الغالب "صفقة اتفق عليها"، مشيرا إلى أنه بحسب تقرير في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإن اللقاء ربما يكون خلال اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك، في وقت لاحق من هذا الشهر.
وتجد المجلة أنه مع أن ترامب وبولتون يختلفان حول ما إذا طرد الأخير أم أنه استقال، فإنه يبدو من المؤكد أن السياسة تجاه إيران أدت دورا مهما في خلافهما، وقال بولتون في آخر تغريدتين لبولتون بصفته مستشارا للأمن القومي: "إيران تعمل بوقت إضافي للخداع.. نحن نقف بقوة ضد الأنظمة التي تدعم الإرهاب، وتشجع على العنف ضد أمريكا وحلفائها"، وقال ترامب في تغريدته التي شرح فيها سبب إقالة ترامب: "اختلفت بقوة مع كثير من مقترحاته".
وينقل التقرير عن مستشار الأمن القومي السابق لنتنياهو ياكوف أميدرور، قوله بأنه من غير المتوقع أن تحد الإدارة الأمريكية من نطاق العمليات العسكرية الإسرائيلية في الشرق الأوسط، بغض النظر عمن يحل محل بولتون، وأضاف أنه في المحصلة فإن على إسرائيل أن تعمل مع رئيس ينتخبه الشعب الأمريكي وفريق يختاره، مشيرا إلى أنه لا يعلم إن كان الإسرائيليون سيكونون أكثر أو أقل ارتياحا مع المستشار الجديد.
ويقول الكاتب: "يبقى السؤال هو: كيف سترد إسرائيل إن مضى ترامب قدما في محاولة تحقيق تصالح مع إيران؟".
وتورد المجلة نقلا عن يادلين، قوله إن إسرائيل ستكون مستعدة لسيناريوهين محتملين: إما العودة إلى المفاوضات الأمريكية الإيرانية على غرار الاتفاقية النووية عام 2015، التي توصلت إليها إدارة أوباما، أو سيناريو آخر تستمر فيه إيران في برنامجها النووي، وأضاف يادلين: "بوجود بولتون أو عدم وجوده فإن هناك حاجة دائما للتنسيق مع أمريكا، لكن مع عدم وجود بولتون فإن العتبة الآن أصبحت أعلى للقيام بهجوم".
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالقول إن ترامب "جعل من الواضح أنه لا يريد المزيد من العمل العسكري، وحتى إسرائيل تعلم جيدا أن هذه الإدارة، أكثر مما كانت في الماضي، تعمل بحسب الرغبات المتذبذبة للرئيس، وكجزء من محاولة إعادة انتخابه فإن نتنياهو استخدم لوحات ضخمة تحمل صورته مع ترامب ليذكر الإسرائيليين كم خدم ترامب إسرائيل (وكم خدمه شخصيا من ناحية سياسية)".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)