ملفات وتقارير

"السجائر" تشتعل في وجه حكومة الأردن.. وأعمال شغب بالرمثا

دارت احتجاجات عنيفة في الرمثا ليومين على التوالي - (مواقع التواصل الاجتماعي)
دارت احتجاجات عنيفة في الرمثا ليومين على التوالي - (مواقع التواصل الاجتماعي)

ذكرت مواقع أردنية محلية أن قوات الدرك انسحبت من ميدان رئيسي في محافظة الرمثا الشمالية في وقت متأخر من ليل السبت، وسط تجمع عدد كبير من أبناء المدينة.

وشهدت المدينة احتجاجات واسعة استمرت بعد إعلان التوافق مع الحكومة على مطالب المحتجين، ووقف جميع أشكال الاحتجاج، فيما ألقى محتجون زجاجات حارقة على سيارة تابعة لقوات الدرك ما أدى إلى احتراقها بالكامل. 

 

وسادت حالة من السخرية في الأردن، حول قرار مجلس الوزراء الأخير بتحديد كمية السجائر التي يسمح للمسافر حملها من معبر جابر الذي يربط بين الأردن، وسوريا، في محاولة من الحكومة لتعويض خسائرها من السجائر المهربة.

وتسبب القرار باندلاع أعمال في مدينة الرمثا المتاخمة لمدينة درعا السورية، والتي تعتمد بشكل أساسي على التجارة بين البلدين، الأمر الذي اعتبره مواطنو المدنية "تضييقا عليهم".

 

وتجددت أعمال الشغب والاحتجاج، في مدينة الرمثا السبت، لليوم الثاني على التوالي، رغم إعلان حكومي عن التوصل لاتفاق ينهي أشكال الاحتجاج.


وقام المئات بإغلاق الشوارع الرئيسية في المدينة الحدودية مع سوريا، وسط هتافات تُطالب برحيل الحكومة.

بينما سخر أردنيون من اعتماد الاقتصاد الأردني على عائدات السجائر كبند مهم في إيرادات الدولة، وتأثر الموازنة بعمليات التهريب واللجوء إلى السجائر الإلكترونية، وأطلق ساخرون مقولة "صبّح ع البلد بكروز دخان" على غرار، "صبح على مصر بجنيه".

 


الخبير الاقتصادي، ورئيس تحرير موقع المقر، سلامة الدرعاوي، قال لـ"عربي21" إن "إيرادات الحكومة الأردنية من الرسوم على التبغ وحدها تبلغ مليار ومئة مليون دينار، مما يشكل 26 بالمئة من الإيرادات المحلية".

 

اقرأ أيضا: احتجاجات وأعمال شغب في الأردن.. بسبب السجائر (شاهد)

وانتقد الدرعاوي لجوء الحكومات الأردنية للضرائب والرسوم، بعد انتهاجها برنامج التخاصية الذي جاء وليد حاجة الدولة المُلحّة للمال لكي تسدّ به التزاماتها تجاه الدائنين، مما أدى إلى اعتماد الخزينة على محدودية من الدخل المتأتي لها وهو في الغالبية من عوائد الضرائب والرسوم المختلفة.

من جهتها قالت الحكومة الأردنية، على لسان وزير المالية عز الدين كناكرية، إن "إيراداتها من الرسوم على التبغ تراجعت بنسبة 100 مليون دينار؛ بسبب عمليات التهريب، وانتشار السجائر الإلكترونية".

اعتماد الحكومة الأردنية على الرسوم والضرائب المفروضة على التبغ والمركبات والمحروقات، كان كفيلا لإطلاق دعوات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لإقالة الحكومة وفريقها الاقتصادي، وتغيير النهج القائم على "الجبابة".

وتساءل الكاتب الساخر أحمد حسن الزعبي: "هل يرضي نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر ما يجري بالرمثا الآن؟ ما رأيك تزيد الخبزات تا تشوف وجع الأردني؟...حكومة حماقات حقا".

كما استغرب أمين عام الحزب الوطني الدستوري، أحمد الشناق، اعتماد اقتصاد الدولة على إيرادات التبغ "ثمانية ملايين أردني، 30 جامعة، 50 حزبا، نقابات مهنية، اقتصاديين، خبراء وإدارة عريقة، و96 ألف كيلومتر مساحة واقتصادنا دخان."

أما الإعلامي أسامة جيتاوي، فعلق قائلا: "حكومة الرزاز مأزومة خصوصا بعد الأرقام المخيبة لآمالهم بعد فرض الضريبة ورفع أسعار الدخان،تخيل حكومتك أملها تبيع دخان للناس أكثر عشان تسد عجزها ولاحقه الي جاي من السفر وطالع من المطار ع كروز دخان".

 


ولم ينس الأردنيون استحضار أكبر عملية تهريب للسجائر في تاريخ البلاد والتي عرفت بـ"إمبراطورية مطيع".

 

وعلق الصحفي حازم صياحين: "10 سنوات وإمبراطورية مطيع للدخان تعمل و تتمدد وتتوسع داخل الوطن بغطاء متنفذين ومافيات وخسر اقتصاد البلد مليارات، واليوم كروز دخان أزعج حكومتنا والرمثا مغلقة الآن احتجاجا على قرار الكروز".

 


وأعرب الكاتب الصحفي مالك عثامنة عن قلقه مما يجري في مدينة الرمثا، مطالبا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني التدخل، وإعادة الدولة للدستور، والدستور للدولة، قائلا لـ"عربي21": "إن كل ما يحدث يوميا من أزمات يوحي أن هناك قوى شبحية في البلد على صيغة عصابات".

واستغرب عثامنة الهجوم على "البحارة" (اسم يطلع على ناقلي البضائع بين الحدود)، واتهامهم بالخروج عن القانون في ظل وجود فساد أعلى في الدولة وغياب تطبيق القانون على الجميع.

ودعا إلى قراءة البيان الغاضب الذي أصدره البحارة، لما له من إشارة لتورط متنفذين بعمليات تهريب و ارتباطات إقليمية واستخدام المحتجين مصدرو البيان لأسم "تنسيقية" على غرار ما كان يحدث في سوريا.


من جهتها جددت الحكومة الأردنية في بيان صحفي، السبت، التأكيد على أنّ الإجراءات التي اتخذتها بهدف منع التهريب جاءت لحماية المجتمع وأمنه ومواطنيه واقتصاده من مخاطر تهريب المخدّرات والسلاح والدخان.

مشددة على أنها "تفهّم تماماً الظروف الصعبة التي عاشتها المدينة خلال السنوات الماضية، جرّاء إغلاق الحدود بسبب الأوضاع الأمنيّة في سوريا، شأنهم شأن غالبيّة محافظات ومدن المملكة؛ مؤكّداً أنّ الحكومة لديها رؤية شاملة للحدّ من هذه المشاكل، والارتقاء بالواقع التنموي والاقتصادي والاجتماعي في جميع المحافظات، ووفق الإمكانات المتاحة."

 

اقرأ أيضا: هل كشف قضايا الفساد في الأردن هو صراع داخل أجنحة الدولة؟
 

وحول ما جرى في مدينة الرمثا، أوضح البيان أنّ الحكومة تتفهّم تماماً الظروف الصعبة التي عاشتها المدينة خلال السنوات الماضية.

 

وجدّد البيان حرص الحكومة على تغليب لغة الحوار، واحترامها لجميع وسائل الاحتجاج السلمي، وتفهّمها للنقد البنّاء والموضوعي؛ مستهجناً في الوقت ذاته ممارسات فئة قليلة من المحتجّين، كإطلاق العيارات الناريّة في الهواء، ورشق دوريّات الأمن العام والدرك بالألعاب الناريّة والحجارة، وإغلاق الطرق بالإطارات المشتعلة، والتعدّي على المرافق العامّة وبعض المؤسّسات والدوائر الحكوميّة.


وأكّد البيان أنّ الإجراءات الحكوميّة لا تقتصر على معبر جابر الحدودي، وإنما جميع المعابر، البريّة والبحريّة والجويّة في المملكة، وذلك في ظلّ تزايد حالات تهريب المخدّرات والسلاح والدخان بشكل يضرّ المجتمع، ويؤثّر سلباً على الاقتصاد الوطني. 

التعليقات (0)