هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في ورشة صغيرة وسط مدينة غزة، يجتمع قرابة اثني عشر شابا وفتاة قرروا الهروب من الواقع السياسي والمعيشي المغلق في غزة، عن طريق تعلم فنون النحت اليدوي، تحت إشراف ورعاية مركز "محترف شبابيك للفن المعاصر".
وتباينت تخصصات واتجاهات المشاركين في هذه الورشة، حيث ضمت خريجين جامعيين من تخصصات كالهندسة المدنية وهندسة الديكور والفن السينمائي، إضافة لبعض الهواة الراغبين في تطوير مواهبهم في فن النحت.
ويتدرب المشاركون على صناعة قوالب عبر النحت على الخشب والطين والنحاس والجبس، تحت إشراف مدربين متخصصين في هذا المجال، خلال فترة الدورة التي تمتد لأسبوعين.
أحمد السيلاوي ( 27 عاما) أحد المشاركين في هذه الورشة، يقول لـ"عربي21": "قررت المشاركة في هذه الورشة لإضافة نوع من الخبرة في مجال فن النحت على الجبس؛ نظرا لطبيعة عملي في مجال الدهان وتصميم الديكور، وقد أضافت لي الدورة العديد من المفاهيم لم تكن لتضيفها لي الجامعة؛ بسبب التقيد في المساقات النظرية بعيدا عن التطبيق العملي".
أما المشاركة ياسمين مرتجى (23 عاما)، وهي خريجة دبلوم الفن السينمائي من جامعة فلسطين، فأشارت إلى أن "أهمية هذه الورشة تتمثل في إكساب المتدرب الخبرة اللازمة لصناعة مجسمات هندسية أو أثرية يمكن توظيفها في مجال الفن والمسرح، خصوصا أن صناعة الفن السينمائي والمسرحي في غزة ما زالت في بداياتها، وتحتاج إلى جهود متراكمة من مختلف الأطياف لتطويرها والنهوض بها".
وأشادت مرتجى في حديثها لـ"عربي21" بفن النحت اليدوي، كونه يتميز ببريق خاص يمكن تمييزه لمن له ذوق أو شغف بالأعمال اليدوية، وهو يختلف عن النحت باستخدام الآلات الذي ينقصه الروح ويتسم بالجمود، كونه مصنوعا من قوالب جاهزة لا يظهر فيها جهد المصمم أو الفكرة التي يراد منها إيصال الفكرة.
يواجه فن النحت اليدوي في غزة خطر الاندثار؛ نتيجة تراجع عدد العاملين فيه، واعتماد الجيل الحديث من الشباب على الآلات في صناعة قوالب جاهزة لتوفير الوقت والمال.
وتعد صناعة الفخار باستخدام الطين السائل أبرز فنون صناعات النحت اليدوي في فلسطين، ويستخدم الفخار بعد أن يتم حرقه في أفران ذات درجات حرارة مرتفعة ليصبح صلبا في تجهيز أباريق المياه لإبقائها باردة، خصوصا في فصل الصيف، إضافة إلى صناعة أواني المطبخ على شكل صحون دائرية.
من جانبه، يشير محمد أبو حشيش، أحد القائمين على هذا المشروع، إلى أن "هدف الورشة يتمثل في تغيير المشهد البصري في غزة عبر صناعة مجسمات يدوية تحمل رسائل تتعلق بالهوية والتاريخ الفلسطيني، إضافة إلى إعادة إحياء هذا الفن، ويث الحياة فيه من جديد، خصوصا أنه يواجه تحديين؛ الأول غزو الصناعات المستوردة من الخارج، التي تعتمد على الآلات بشكل رئيسي في إعدادها وتجهيزها، أما الخطر الثاني فيتمثل في تراجع عدد العاملين في هذه الصناعة الحرفية".
وأكد أبو حشيش لـ"عربي21" أن "ما تم صناعته من نماذج لأشكال حرفية خلال هذه الورشة يبعث على الأمل، ويؤسس لإمكانية إقامة معرض فني في غزة لعرض الأعمال التي تم الانتهاء منها، وإمكانية تطبيق بعض هذه النماذج في ميادين ومفترقات غزة بعد الحصول على التمويل الخاص بها".