سياسة دولية

مراقبون يشككون في نجاح السلطة وقف التعامل بالشيكل الإسرائيلي

تقيد إسرائيل من خلال اتفاق باريس الاقتصادي الطرف الفلسطيني من إصدار أي عملات ورقية
تقيد إسرائيل من خلال اتفاق باريس الاقتصادي الطرف الفلسطيني من إصدار أي عملات ورقية

تواصل الحكومة الفلسطينية في رام الله مساعيها الرامية للانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل، التي جاءت إثر اقتطاع إسرائيل في شباط/ فبراير الماضي ما قيمته (138 مليون دولار) من عائدات الضرائب الفلسطينية، بحجة استمرار السلطة بدفع رواتب أسر الشهداء والأسرى.


وجدد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية تأكيده للمرة الثانية أن حكومته بصدد إلغاء التعامل بعملة الشيكل الإسرائيلي والاتجاه نحو إصدار عملة رقمية مشفرة، لتجاوز العراقيل الإسرائيلية، كي لا تخضع حكومته للابتزاز والمماطلة الإسرائيلية.

 

حديث اشتية لم يكن بالجديد، فقد طرحته السلطة في اجتماع المجلسين الوطني والمركزي منتصف العام الماضي، وشكلت في حينه لجنة منبثقة عن هذا الاجتماع لدراسة هذا الخيار ومدى إمكانية تطبيقه على الأرض.

 

وفقا لبيانات سلطة النقد الفلسطينية، فإن إسرائيل تضخ سنويا ما يزيد عن 25 مليار شيكل (7 مليار دولار) في الاقتصاد الفلسطيني، وبذلك تستفيد إسرائيل من وجود سوق إضافي خارج حدودها يمكنّها من استخدام أدوات السياسة النقدية بمرونة عالية.

 

وفي سياق متصل، كشف اشتية أن البنوك الإسرائيلية ترفض منذ أشهر سحب فائض الشيكل لدى البنوك الفلسطينية، الذي تجاوز 4 مليارات شيكل (1.3 مليار دولار)، وهو ما يؤثر سلبا على أداء البنوك، خصوصا ما يتعلق بمنح التسهيلات الائتمانية في عمليات الإيداع والسحب.

 

في حين شكك مدير الأبحاث في معهد السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" بلال الفلاح، في نجاح السلطة الفلسطينية بإلغاء التعامل بالشيكل الإسرائيلي من الناحية الاقتصادية، معتبرا أن "إطلاق مثل هذه التهديدات هي بمنزلة رسالة سياسية من السلطة للطرف الإسرائيلي بأنها تمتلك الكثير من البدائل لتجاوز أزمة تحكم إسرائيل بالموارد المالية والنقدية للاقتصاد الفلسطيني".

 

وأضاف الفلاح لـ"عربي21" أن "إقدام أي دولة على إصدار عملة نقدية أو إلكترونية، يتطلب منها خطوات من قبيل تحسين الميزان التجاري للحفاظ على قيمة العملة عبر زيادة الصادرات وتقليل الاعتماد على الواردات من دولة واحدة، وفي الحالة الفلسطينية فهذا الأمر شبه مستحيل؛ نظرا لتحكم إسرائيل بنسبة 85 بالمئة بحجم الصادرات والواردات الفلسطينية".

 

تعتمد السلطة على إيرادات المقاصة بنسبة 65 بالمئة في تمويل إيراداتها العامة بقيمة تناهز 10 مليارات شيكل سنويا(2.8 مليار دولار)، وتقوم إسرائيل بجباية هذه الأموال التي تقوم بتحويلها شهريا للسلطة، وبذلك قد تواجه السلطة تحديا في خسارة هذه الإيرادات في حال قررت وقف التعامل بالشيكل الإسرائيلي.

 

في حين أشار أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح، نائل موسى، إلى أن "على السلطة أن تراجع وتعيد تقييم علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل قبل الإقدام على خطوة حساسة كهذه، فمثلا ملف العمالة الفلسطينية في إسرائيل الذين يقدر عددهم بنحو 170 ألفا، يتقاضون أجورهم بالشيكل، وتقدر فاتورة أجورهم الشهرية بـ800 مليون شيكل ( 230 مليون دولار)؛ وبذلك لا يمكن للسلطة أن تلزم الطرف الإسرائيلي بدفع أجورهم بعملة فلسطينية دون تنسيق مسبق مع إسرائيل، التي بدورها لن تقبل بأي خطوة فلسطينية للانفكاك عنها.

 

وتابع الخبير الاقتصادي لـ"عربي21" "حتى لو لجأت السلطة لإصدار عملة إلكترونية مشفرة، فهذا أمر من الصعب تطبيقه على الأرض نظرا لضعف سوق الأوراق المالية الفلسطيني، وعدم قدرة بورصة فلسطين على ضبط حجم التداول اليومي في حال قررت إسرائيل الدخول في سوق المضاربة لتقليل قيمة العملة، وهو ما سيفقد ثقة المواطن بهذه العملة، ويدفعه إلى الالتزام بتداول الشيكل الإسرائيلي".

 

تقيد إسرائيل من خلال اتفاق باريس الاقتصادي الموقع بينها وبين السلطة الفلسطينية في العام 1994، الطرف الفلسطيني من إصدار أي عملات ورقية، وإلزامها بتداول الشيكل الإسرائيلي كعملة رسمية، إضافة إلى الدولار الأمريكي والدينار الأردني.

 

من جانب آخر، أشار وزير التخطيط السابق، سمير عبد الله، إلى أن إسرائيل في حل من الاتفاقيات الموقعة بينها وبين السلطة الفلسطينية، لذلك لم يعد اتفاق باريس قائما أو ملزما لطرف دون الآخر، خصوصا ما يتعلق باستخدام الشيكل كعملة تداول رئيسية في الاقتصاد الفلسطيني؛ مضيفا أنه بإمكان السلطة اتخاذ خطوات تدريجية للانفكاك عن الشيكل، من بينها استخدام الدينار الأردني كعملة تداول رئيسية في المؤسسات الحكومية والبنوك والمعاملات المتعلقة بعقود البيع والشراء.

 

وأكد عبد الله في حديث لـ"عربي21" أن السلطة لديها خيارات إضافية لتعزيز هذا التوجه، من بينها بيع سندات حكومية بعملات أجنبية كالدولار واليورو والدينار الأردني، لتمويل الخزينة العامة من جهة، ولإجبار المواطنين على تصريف فائض الشيكل الذي يعيق خطط الحكومة في مشروع الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل.

 

اقرأ أيضا: هل تنفذ السلطة قرار وقف العمل بالاتفاقيات مع الاحتلال؟

التعليقات (1)
محمد يعقوب
السبت، 03-08-2019 03:36 ص
بعض الطيبين ألمتفائلين يقولون إن هناك إمكانية للإنفكاك من تداول الشيقل ألإسرائيلى. أعتقد أن هؤلاء الطيبين لم يقرأوا إتفاق باريس ألإقتصادى. إشتيه يعرف لآ إنفكاك ولكن أراد ركوب الموجة والضحك على الفلسطينيين في الضفة ويستعرض عضلاته الذى ثبت أنها هشه للغاية. إذا كانت البنول ألإسرائيلية ترفض حتى تاريخه سحب عملتها الشيكل الفائض لدى السلطة، فكيف بربكم ستسمح إسرائيل لسلطة الكلاب أن تلغى التعامل بالشيقل. ألشعب الفلسطيني يعرف أن هذا مستحيل ويعرف أيضا أنكم ياأهل السلطة تحاولون بيع الميه في حارة السقايين. ياسلطة الكلاب أنتم من دمر الإنسان الفلسطيني وجعلتموه يعمل في بناء المستوطنات ألتى تعلنون أنها غير شرعية، وأنتم من تقوموا ببنايتها وتأثيثها!!! لماذا لم تمنعون العمال الفلسطينيين من العمل بالداخل ألإسرائيلى. ألعامل الفلسطيني يبنى إسرائيل بعرقه وبسبب إحتياجة للمال لإطعام عائلته. إلى متى ياسلطة غير شرعية تستمرون في خداع هذا الشعب الطيب؟؟!!! إلى متى؟