هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعدته روكميني كاليماتشي، تكشف فيه عن رسائل تظهر كيف قام زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بتحضير ابنه حمزة لقيادة التنظيم.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ابن لادن أمضى وقته في السنوات التي سبقت مقتله عام 2011 خلف جدران المجمع السكني في أبوت أباد في باكستان، يسكنه الخوف على ابنه الذي كان يعيش بعيدا عنه آلاف الأميال.
وتفيد كاليماتشي بأنه كتب الرسالة تلو الأخرى مفصلا فيها المقرر التعليمي الذي يجب أن يمشي عليه حمزة، الذي كان عمره في ذلك الوقت 23 عاما، وما الذي يجب عليه دراسته والإجراءات الاحترازية التي يجب عليه اتباعها، مشيرة إلى أنه في إحدى الرسائل التي كتبها لابنه، وكان عمره في ذلك الوقت 13 عاما، نصحه فيها بألا يترك بيته، وناقش في أخرى إن كان الشاب حمزة سينضم إليه في باكستان، ونصحه بالسفر في يوم غائم حيث يصعب على طائرات الدرون ملاحقته.
وتكشف الصحيفة عن أن أسامة بن لادن قام بوضع خطة معقدة، وطلب من ابنه تغيير السيارات في داخل نفق للتحايل على كاميرات الرقابة الموضوعة فيه، مشيرة إلى أن الاهتمام بسلامة ابنه لا تقتصر فقط على حنان الأب على ابنه، لكن لتأمين ميراثه.
ويلفت التقرير إلى أن المحللين يشيرون إلى أن تنظيم القاعدة كان يهيئ حمزة بن لادن ليحتل منصب الأمير فيه، وهو تحرك أحبط على ما يبدو بعد إعلان ثلاثة مسؤولين عن مقتله خلال العامين الماضيين من وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مع أن هناك الكثير من الأسئلة لا تزال قائمة مثل مكان ووقت مقتله، والطريقة التي قتل فيها، والجهة المسؤولة عن قتله.
وتقول الكاتبة إنه "لو ثبتت صحة التقارير الأمريكية فإن موته سيكون ضربة قوية لتنظيم القاعدة، الذي لم يعد لديه الكثير من قادة الصف الأول بسبب الحرب التي لا ترحم التي خاضتها أمريكا ضده، ولصعود تنظيم الدولة الذي أخذ الأضواء منه، وكافح تنظيم القاعدة للمنافسة مع تنظيم الدولة في جذب الشباب، خاصة أن أساليبه الإعلامية لم تتغير، وظلت تدور حول اشرطة ومحاضرات مملة يلقيها قادة كبروا في العمر، فيما تميز الإنتاج الإعلامي لتنظيم الدولة بالإتقان والأشرطة المصورة عبر كاميرات متحركة ومحررة بطريقة جذابة".
وتنوه الصحيفة إلى أنه كان من المفترض أن يقوم ابن لادن الصغير بالتغلب على عدد من المشكلات الصعبة التي يواجهها تنظيم القاعدة؛ فلم يكن يتجاوز الثلاثين من العمر، أي أصغر بأربعة أجيال من زعيم تنظيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري، الذي قدمه تنظيم الدولة على أنه زعيم عجوز فقد الصلة بالواقع.
ويفيد التقرير بأنه لكون ابن لادن الصغير كان يحمل اسما مشهورا في الإرهاب، فإنه كان قادرا على جذب اهتمام الجيل الشاب من الجهاديين، الذين لا يزالون يحترمون والده، وكان تنظيم القاعدة يأمل بأن يعمل حمزة موحدا ليس فقط للجيل الشاب في التنظيم، لكن لمن فقد عندما أعلن تنظيم الدولة انفصاله، ومعظمهم اليوم يقفون على مفترق طرق بعد خسارة تنظيم الدولة مناطقه في العراق وسوريا.
وتنقل كاليماتشي عن العميل السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي" علي صوفان، قوله: "صحيح أنه ميت لكن تنظيم القاعدة خسر مستقبله لأن حمزة كان يمثل المستقبل"، وأضاف: "لقد تم تحضيره ليقود المنظمة، ومن الواضح من بياناته أنه كان يريد إحياء رسالة والده".
وتشير الصحيفة إلى أن صوفان كتب مقالا مطولا عن حمزة، تحت عنوان "زعيم القاعدة في الانتظار"، مستدركة بأن ظروف مقتله تظل غامضة مثل حياته، فقد أعلن عن وفاته عندما اعتقدت وحدات نيفي سيل أنه كان مع والده، وقبل عامين حدثت محاولة أخرى فاشلة لقتله بحسب ثلاثة مسؤولين عراقيين.
ويذكر التقرير أن تنظيم القاعدة، الذي عادة ما يسارع لإصدار بيانات يعلن فيها عن "استشهاد" زعيم من زعمائه، لم يصدر بيانا بهذا الشأن، مشيرا إلى أنه يعتقد أنه كان يتنقل بين المناطق الحدودية في أفغانستان وباكستان، لكن المسؤولين في البلدين لم يعلقوا على وفاته، بالإضافة إلى أنه عاش سنوات في إيران.
وتقول الكاتبة إن أمريكا أدت دورا في عملية قتله، مع أن الرئيس دونالد ترامب رفض التعليق عندما سئل عنه، لافتة إلى قول محافظ ولاية وانت ويغال الجبلية في شرق أفغانستان محمد إسماعيل: "كشفت معلوماتنا الأمنية عن أن حمزة كان هنا لكننا لسنا متأكدين.. اعتقد البعض أنه كان باكستاني، فيما رجح آخرون أنه عربي".
وتبين الصحيفة أنه بحسب الرسائل التي أخذتها وحدات نيفي سيل من بيت والده في أبوت أباد، فإن حمزة كان في إيران في الفترة ما بين 2009 -2010، وقال مسؤول إيراني إنه كان يعتقد أن حمزة كان موجودا مع عائلته في حي راق في طهران، فيما قال آخر إنه كان يحضر ويغيب ولم يعش أبدا في إيران.
ويلفت التقرير إلى أن حمزة بن لادن لم يكن مراوغا في بياناته، بل إنه دعا بعد مقتل والده إلى الانتقام والقيام بعمليات ضد الولايات المتحدة، ودعا في تسجيل صوتي عام 2015 للإطاحة بالنظام السعودي، ووحدة المقاتلين السوريين لتوحيد فلسطين، ودعا في بيان آخر الباحثين عن الجهاد لاتباع خطوات طلاب الشهادة.
وتنوه كاليماتشي إلى أن حمزة كان عمره 23 عاما عندما مشى وأخوه مع والدهما إلى القاعدة الجبلية وودعهما، وكان هذا في عام 2001 في أفغانستان، وكان ابن لادن يعلم أن انتقام أمريكا لهجمات 11/ 9 قادم، ولهذا قام بترتيب نقل أولاده، وفي تلك المناسبة أعطى ابن لادن لحمزة وشقيقه مسابح لتذكيرهم بالعبادة، وقال حمزة في رسالة كتبها "لوالدي الحبيب": "لقد ودعتنا وذهبت وكأننا نزعنا أكبادنا وتركناها هناك".
وتجد الصحيفة أنه مع أن الهدية لولديه كانت متشابهة، إلا أن العلاقة مع حمزة كانت واضحة، خاصة أنه الابن الوحيد لخيرية صبار، زوجته السعودية المتعلمة، التي تزوجها عندما كانت في منتصف الثلاثينيات، وحاولت الإنجاب، وعانت من حالات إسقاط متعددة قبل أن تلد حمزة في عام 1989.
وبحسب التقرير، فإنه يعتقد ان حمزة ولد في جدة بالسعودية، وهو واحد من 23 ولدا لابن لادن، وأصبحت والدته شريكة في مشروع زوجها الجهادي العالمي، وساعدته على كتابة مسودات خطته في الذكرى العاشرة لهجمات 11/ 9.
وتورد الكاتبة نقلا عن لورنس رايت، الذي كتب "البرج الذي يلوح في الأفق"، قوله إن حمزة كانت تقف وراءه أمه، و"كانت والدته هي المفضلة عند والده، وكانت ذكية ومتعلمة، وتزعم النسب للنبي محمد"، ويرى رايت أن نسب حمزة أصبح مهما بعد إعلان التنظيم عن الخلافة، وفقط كان هو الشخص الذي يمكنه زعم تولي منصب الخليفة لأن أمه تنتسب إلى النبي.
وتشير الصحيفة إلى أنه عندما كان عمر حمزة عامين انتقل والده من أفغانستان إلى السودان، وبعد طرده من هناك بسبب الضغط الدولي، عادت العائلة إلى أفغانستان، حيث عاشت في مجمع يفتقر إلى المواد الأساسية، وحتى الأبواب، لافتة إلى أنه بعد هجمات 11/ 9 نقل مع والدته وبقية أبناء ابن لادن عبر باكستان إلى إيران حيث عاشوا هناك، واعتقلته السلطات الإيرانية ووالدته في قاعدة عسكرية.
ويلفت التقرير إلى أن حمزة لم يبحث عن معاملة خاصة لكونه ابن زعيم تنظيم القاعدة، كما ورد في رسالة تعود إلى عام 2010 كتبها مساعد لوالده، مشيرا إلى أنه تزوج ابنة عبدالله أحمد عبدالله، وهو أحد قادة تنظيم القاعدة.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن حمزة كتب طموحاته لوالده في رسالة عام 2009، قال فيها: "والدي الحبيب لقد انفصلت عنك عندما كنت صغيرا، ولم أبلغ 13 عاما، لكنني كبرت الآن ووصلت سن الرجولة.. ما يجعلني أشعر بالحزن وهو ان فيلق المجاهدين قد زحف ولست معهم".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)