صحافة دولية

نيويورك تايمز: وكالة استخباراتية تشن حملة على قطر بالصومال

نيويورك تايمز: برز الصومال في العامين الماضيين على أنه ساحة تنافس بين الإمارات وقطر- جيتي
نيويورك تايمز: برز الصومال في العامين الماضيين على أنه ساحة تنافس بين الإمارات وقطر- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا مشتركا لكل من رونين بيرغمان وديفيد كيرباتريك، تحت عنوان "بالبنادق والمال والإرهاب تتنافس دول الخليج على السلطة في الصومال".

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى انفجار وقع في مدينة بيساسو في شمال الصومال، وجرح فيه ثمانية أشخاص، وأعلنت جماعة محلية مرتبطة بتنظيم الدولة المسؤولية عنه، مستدركا بأن الهجوم له علاقة بالتنافس الخليجي في منطقة القرن الأفريقي التي تتنافس على التأثير والأرباح. 

 

ويقول الكاتبان إن الصومال برز في العامين الماضيين على أنه ساحة تنافس مركزية بين الإمارات وقطر، حيث زود البلدان السلاح والتدريب للجماعات الموالية لكل منهما. 

 

وتكشف الصحيفة عن أنها حصلت على تسجيل لمكالمة هاتفية، قدمته لها وكالة استخبارات أمنية أجنبية معادية لقطر، التي أجراها رجل أعمال صومالي مقرب من أمير قطر والسفير القطري في الصومال. 

 

وينقل التقرير عن رجل الأعمال الصومالي، قوله إن الجماعة التي نفذت الهجوم استهدفت المصالح الإماراتية للدفاع عن المصالح القطرية في الصومال، وأضاف رجل الأعمال خليفة قايد المهندي: "التفجير والقتل نعرف الجهة التي تقف وراءهما"، وجاءت هذه المكالمة بعد أسبوع من هجوم بيساسو في 8 أيار/ مايو. 

 

وقال المهندي إن العنف يهدف "لطرد سكان دبي من هنا.. دعهم يطردون الإماراتيين حتى لا يجددوا العقد معهم، وسأحضر العقود إلى الدوحة". 

ويعلق الكاتبان قائلين، إنه لو كان هذا التسجيل صحيحا فإنه هو يقدم دليلا على التنافس بين دول الخليج، وإشعال النزاع في منطقة القرن الأفريقي.

 

وتنقل الصحيفة عن زاك فيرتين من معهد بروكينغز، قوله إن "الصومال هو أوضح مثال على عمليات عدم الاستقرار الناجمة بسبب التنافس الخليجي"، وأضاف أن "دول الخليج تتعامل مع هذه الدول على أنها وكيلة لها، وهذا كله للسيطرة على الفضاء وزرع العلم وإغلاق المنطقة قبل حضور المنافس لك". 

 

ويجد التقرير أن التكالب على القوة في الصومال ومنطقة القرن الأفريقي هو امتداد للحرب الباردة في المنطقة، التي بدأت بعد الربيع العربي قبل ثماني سنوات، مشيرا إلى أن قطر وتركيا دعمتا حركات التغيير، فيما عارضت السعودية والإمارات صعود الحركات الإسلامية، واتهمتا قطر بدعم المتشددين، وقبل عامين فرضت السعودية والإمارات مع البحرين ومصر حصارا على قطر. 

 

ويلفت الكاتبان إلى أن الصومال يعد بلدا فقيرا، إلا أن ساحله على المحيط يمنح منفذا على خطوط التجارة وخطوط الملاحة البحرية من الخليج، مشيرين إلى أن شركة إماراتية تدير ميناء بيساسو. 

 

وتؤكد الصحيفة أن حكومة قطر والمهندي لم ينكرا صحة المكالمة، إلا أن الحكومة القطرية قالت إنها جاءت من مواطن عادي ليس له منصب رسمي له، ورد مكتب الاتصالات الحكومي القطري على سؤال الصحيفة بالقول: "قامت سياسة الحكومة القطرية دائما على خلق الاستقرار والازدهار، ولا نتدخل في الشؤون الداخلية وسيادة الدول.. أي شخص قام بهذا لم يتصرف نيابة عن حكومتنا". 

 

ويورد التقرير نقلا عن السفير القطري حسن بن حمزة هاشم، قوله في التسجيل ردا على كلام المهندي: "لهذا السبب ضربوا هناك ليدفعوهم إلى الهروب"، ورد المهندي قائلا: "أصدقاؤنا يقفون وراء التفجيرات". 

 

ويقول الكاتبان إن الصحيفة حصلت على معلوماتها من وكالة أجنبية معادية لقطر، وصور للمهندي مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي يسافر معه في رحلاته، مشيرين إلى أن السفير القطري نفى معرفته بالمهندي في مكالمة هاتفية قصيرة، فيما قال المهندي إنه كان "زميل مدرسة للسفير.. أنا رجل متقاعد وتاجر.. لا أمثل الحكومة"، وعندما سئل عن استخدامه وصف "أصدقاء"، فإنه أجاب قائلا: "الصوماليون كلهم أصدقائي". 

 

وتذكر الصحيفة أن المهندي يشير في المكالمة إلى شركة موانئ دبي العالمية، قائلا إن لديه قريبا مع الرئيس الصومالي، وسيقوم بنقل العقد إلى قطر، متسائلة عن السبب الذي يدعو قطر لدعم الجماعات المتطرفة وهي تدعم الحكومة الصومالية التي تعاديها حركة الشباب، وقد نفت قطر دعمها للحركة أو أي جماعة متطرفة. 

 

وينوه التقرير إلى أنه في زيارة أمير قطر الأخيرة إلى واشنطن وصفه الرئيس دونالد ترامب بالصديق، وأثنى وزير الخزانة الأمريكية ستيفن منوشين على دوره في مكافحة الإرهاب، وقال المسؤولون الأمريكيون إن الاتهامات ضد قطر انتقائية، ولاحظوا أن دول الخليج أقامت تحالفات تكتيكية مع المتشددين؛ في محاولات للحد من التبرعات التي يقدمها الأثرياء للمتطرفين، مشيرا إلى أن معظم دول الخليج تعد من حلفاء الولايات المتحدة، فيما تستقبل قطر أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة. 

 

ويفيد الكاتبان بأنه على خلاف قطر، فإن الإمارات تحركت وبقوة لتوسيع تأثيرها في القرن الأفريقي، وأرسلت فرق مرتزقة وقوات كوماندوز إلى الصومال منذ بداية عام 2012 لمواجهة القرصنة، ووسعت من عملياتها العسكرية لمحاربة حركة الشباب، وأقامت مع مرور الوقت حلقة من القواعد التجارية والعسكرية من خليج عدن إلى القرن الأفريقي، منها قاعدة عسكرية كبيرة في ميناء عصب الإريتري، التي تستخدم لشن هجمات على اليمن. 

 

وتشير الصحيفة إلى أنه في المقابل، فإن قطر أسهمت خلال المجاعة عام 2011 بتبرعات إنسانية كبيرة، وتبعتها استثمارات تجارية كبيرة، فيما فتحت تركيا قاعدة عسكرية كبيرة وبرنامج تدريب في العاصمة الصومالية مقديشو في عام 2017، لافتة إلى أن الحكومة الصومالية حاولت البقاء على الحياد عندما اندلعت الأزمة الخليجية، إلا أنها صادرت في نيسان/ أبريل 2018، 9.6 مليون دولار نقدا حملتها طائرة إماراتية إلى مطار مقديشو.

 

ويورد التقرير نقلا عن الحكومة الإماراتية، قولها إن الأموال هي من أجل دفع رواتب الجنود وعناصر الشرطة التي تدربهم الإمارات، مشيرا إلى أن الحكومة الصومالية اتهمت الإمارات بمحاولة شراء التأثير وزعزعة استقرار البلاد، وطلبت الإمارات اعتذارا، وقطعت برامج التدريب، واتهمت حكومة الصومال بالوقوف إلى جانب تركيا وقطر، وحول الإماراتيون عمليات الدعم من الحكومة المركزية إلى إقليم صومالي لاند المنفصل والإقليم شبه المستقل بونت لاند، الذي يقع فيه ميناء بيساسو. 

 

وينقل الكاتبان عن شركة دبي للموانئ العالمية، قولها في عام 2017، إنها وافقت على استثمار 336 مليون دولار في عقد مدته 30 عاما لتوسيع الميناء وإدارته، وتعهدت بدفع مبلغ 440 مليون دولار للاستثمار في صومالي لاند. 

 

وبحسب الصحيفة، فإن قطر استفادت من توتر العلاقات، فأعلنت عن مساعدات إنسانية وتعليمية، وتطوير البنى التحتية بقيمة 385 مليون دولار، وقالت في كانون الثاني/ يناير إنها ستوفر 68 عربة مصفحة للحكومة الصومالية لمساعدتها في قتال حركة الشباب، التي تقاتل الطرفين، ففي أيار/ مايو أعلنت عن مسؤوليتها تفجير سيارة قتل فيها مهندس بناء تركي، لافتة إلى أن حركة الشباب هاجمت في عام 2013 السفارة التركية، وقتلت ثلاثة أشخاص يعملون هناك.

 

ويلفت التقرير إلى قول الحكومة القطرية في بيان إنها ستحقق في مكالمة المهندي للسفير، وبأنها ستحمله مسؤولية تعليقاته، التي نقول إنها "ضد مبادئنا"، وأضافت أن "الصومال هي شريك مهم لدولة قطر، لكننا لا نتدخل في شؤونه الداخلية".

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن المهندي لام في المكالمة الهاتفية الإماراتيين، وحملهم مسؤولية المشكلات في البلاد، قائلا: "تحدثت مع أصدقائنا من الناس العاديين.. هم يعلمون أن الإماراتيين مسؤولون عن الدمار".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)