هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
روى عدد من
المعتقلين السابقين بمصر، معاناتهم في الأعياد التي مرت عليهم وهم داخل السجون،
وحرمان أهاليهم من زيارتهم والشعور بفرحة العيد معهم.
ووصف المعتقل السابق عبده الفيومي أول عيد قضاه بمحبسه، بأنه كان
الأكثر قسوة عليه، حيث تذكر أهله وأبناءه وأصدقاءه، وطقوسه الخاصة في الاحتفال
بالعيد، والتي كان أهمها الحرص على صلاة العيد، بين أهله في قريته التي تبعد عن
القاهرة 120 كيلو متر.
وأشار الفيومي في حديثه لـ
"عربي21" أنه اعتقل قبل عيد الفطر لعام 2016، بعدة أشهر، وعندما اقترب
العيد ظن أنه قد اعتاد السجن، ولكن الأمر كان مغايرا عندما تذكر تفاصيل هذا اليوم،
الذي قضاه للمرة الأولى خلف القضبان، وخاصة صلاة العيد، التي حرم منها لعامين
ونصف، قضاهم بسجون الانقلاب العسكري لمعارضته رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
وأضاف قائلا "العيد يختلف من سجن
لآخر، ولكن ما تشترك فيه كل السجون أنها تكون مغلقة بشكل كامل طوال عطلة العيد،
سواء كانت يومين أو ثلاثة، بحجة أن الضوابط الأمنية تمنع خروج المعتقلين من
الزنازين بالعطلات الرسمية، وهو ما يشكل عبئا إضافيا على المعتقل لحرمانه من الشمس
والتهوية لعدة أيام".
وأشار الفيومي إلى أن السجون المفتوحة مثل
ليمان طرة والاستقبال وأبو زعبل وبرج العرب، وغيرها من السجون العمومية، يكون
الاحتفال فيها أفضل من السجون الانفرادي، حيث يمكن تنظيم حفلات داخل العنابر، ويتم
تكريم حفظة القرآن في احتفال خاص بأول أيام العيد، كما أن مواهب المعتقلين تظهر
سواء في الإنشاد أو الغناء أو التمثيل وتنظيم المسابقات.
وحسب تجربة الفيومي فإن المعتقلين الأقدم
والأكبر سنا، يحرصون على إدخال البهجة والفرحة بنفوس المستجدين، لأنهم عاشوا نفس
الإحساس في بداية اعتقالهم، موضحا أنه قضى 5 أعياد بالسجن، كلها مرت عليه قاسية،
إلا أن أول عيد بقي الأشد قسوة عليه.
قسوة الانفرادي
وفي تجربة أخرى يستذكر المعتقل السابق
بسجن العقرب "ابو مصعب سعيد"، أول عيد له بالسجن، وكان عيد الفطر لعام
2015، مشيرا إلى أنه وصل لسجن العقرب بعد مرور عدة أيام من بداية رمضان، وكان
السجن مغلقا وممنوعا عنه الزيارة، وتم إلحاقه بعنبر الدواعي الأمنية، والذي كان
بمثابة سجن آخر داخل السجن.
ويقول أبو مصعب لـ "عربي21": إن
زنازين العقرب مخصصة للانفرادي، ولكن اقتصر ذلك على عنبر 2 الخاص بقيادات الإخوان،
وجزء من عنبر 4، وهو المخصص للدواعي، بينما باقي الزنازين، يمكن أن يكون بها فردين
أو ثلاثة، موضحا أنه ظل انفراديا في عنبر الدواعي لتسعة أشهر، حتى تم نقله لزنزانة
أخري بها اثنين من المعتقلين.
وأضاف، أن هذا العام تحديدا كان الأكثر
قسوة وظلما على المعتقلين، وخاصة بعد مقتل النائب العام السابق هشام بركات، حيث
أطلقت مصلحة السجون يد ضباط السجن لتعذيب المعتقلين بمختلف الطرق، سواء بمنع وجبات
الكافيتريا، أو تقليل كميات الأكل الميري، والتجريدات المستمرة، والضغط النفسي
والانتهاكات الجسدية التي حدثت للعشرات من المعتقلين، ما جعل العيد صعبا على جميع
من حضره بهذا السجن.
معاناة الأهالي
ورغم أن أبا مصعب لم يستطع إكمال حديثه،
إلا أن زوجته روت لـ"عربي21" جانبا آخر من معاناة أهالي المعتقلين،
وخاصة في ليلة العيد، مشيرة إلى أنها كانت حريصة على أداء صلاة العيد مع باقي
الأهالي أمام بوابة سجن طرة العمومي، أملا في أن يسمحوا لهم بزيارة استثنائية،
كالتي تحدث بباقي السجون، ولكنه كان حلما مستحيلا مع معتقلي العقرب.
إقرأ أيضا: "عربي21" تنشر رسالة لعصام سلطان مسربة من سجن العقرب
وبحسب أم مصعب، فإن الأهالي كانوا يتلهفون
لزيارة ذويهم بأول أيام العيد، حيث كانت هذه الزيارة هي الشيء الوحيد الذي يجعل
لهذه المناسبات طعما مختلف في نفوسهم، ولذلك فعندما كانوا يعودون دون زيارة، فلا
يمكن لأي شيء آخر أن يغير إحساس المرارة والعجز الذي كانوا يشعرون به.
تقسيمات المعتقلين
وفي تعليقه على العيد بالسجون قال المحامي
والحقوقي أحمد عبد الباقي لـ"عربي21"، إن لوائح السجون لا يتم تطبيقها
على المعتقلين السياسيين، وخاصة السماح لهم بصلاة العيد بشكل جماعي وبحضور أحد
أئمة الأزهر، مثلما يحدث مع المسجونين الجنائيين، خاصة وأن كل سجن به مسجد وملعب
كبير يمكن أداء صلاة العيد فيه.
ووفقا لعبد الباقي، فإن العيد أصبح مختلفا
حتى بين المعتقلين أنفسهم، فهناك فئة حصلت على أحكام إعدام نهائية، ولأن القانون
المصري يمنع تنفيذ الإعدامات بشهر رمضان، فإنهم يستقبلون العيد والتساؤلات عن موعد
التنفيذ تشغل بالهم، وهناك من انقطعت الصلة بينهم وبين العالم الخارجي بشكل كامل،
كما يحدث مع الممنوعين من الزيارة لمدة عامين وثلاثة.
وأضاف عبد الباقي هناك فئة ثالثة بدأت
تظهر في ملف المعتقلين، وهم الفئة التي تم إخلاء سبيلها ولكنها تخضع لإجراءات
احترازية تجعلهم متواجدين بأقسام الشرطة 12 ساعة متصلة، ما يجعل العيد لديهم
منقوصا رغم أنهم بالاسم غير معتقلين.