هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رأى الناشط السياسي الفلسطيني المعروف سامي أبو شحادة أن العنصرية الإسرائيلية بلغت مستوى غير مسبوق في السنوات الأخيرة، تجلى مؤخرا في إصدار "قانون يهودية الدولة" الذي يؤكد أبو شحادة أنه "يشكل تهديداً للأمن القومي العربي برمته وليس فقط للأردن وفلسطين".
وقال أبو شحادة في مقابلة خاصة أجرتها معه "عربي21" على هامش مؤتمر متخصص أقيم في لندن وبحث في عنصرية الدولة العبرية والقانون الجديد المثير للجدل، وهو مؤتمر شارك فيه أبوشحادة ونظمه مركز مراقبة الشرق الأوسط (MEMO)، وهو مركز بريطاني متخصص يقوم عليه عدد من المهتمين بشؤون الشرق الأوسط والشأن الفلسطيني الذين يديرون موقعاً إلكترونياً يضع الشأن الفلسطيني على رأس أولوياته.
والناشط الفلسطيني سامي أبوشحادة هو الرئيس التنفيذي لحركة شباب يافا، وهي حركة نضالية داخل الأراضي المحتلة عام 1948، كما أنه سبق أن انتخب عضواً في المجلس البلدي لمدينة يافا، ويعتزم الترشح لعضوية البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) كممثل عن الوسط العربي أو الفلسطينيين الذين يعيشون داخل إسرائيل.
ويقول أبوشحادة في المقابلة الخاصة مع "عربي21" إن الدولة الإسرائيلية قامت أصلاً على أساس عنصري لكنها كانت تحاول منذ النكبة حتى تسعينيات القرن الماضي الظهور بالمظهر الليبرالي أو الديمقراطي، أما في السنوات الأخيرة فتحولت الى العنصرية العلنية التي تجلت مؤخراً في القانون الخطير الذي يهدد الوجود العربي داخل الأراضي المحتلة عام 1948، فضلاً عن تهديد أراضي الضفة الغربية أيضاً بالاستيطان والالتهام والتغيير.
وفي ما يأتي النص الكامل للمقابلة:
•كيف تنظرون الى المستوى الذي وصلت له العنصرية الإسرائيلية في تعاملها مع المجتمع الفلسطيني بالداخل؟
-الصهيونية في الأساس هي مشروع عنصري مبني على أفكار عنصرية متأثر بالفكر الاستعماري الأوروبي الذي ظهر في القرن التاسع عشر. والصهيونية ترعرعت فكرياً في أوروبا بالقرن التاسع عشر عندما كانت مجتمعاً كولونياليا عنصرياً، ومن هناك بني الفكر الصهيوني.
ولكن ما يحدث في السنوات الأخيرة داخل اسرائيل هو تدهور سريع جداً نحو الفكر الفاشي، فأنت ترى الان كل التيارات السياسية الفاعلة والجادة في اسرائيل تحمل فكرا يمينيا متطرفا وعنصريا، وعلى مدار السنوات السابقة منذ النكبة وحتى التسعينيات كانت الصهيونية تهتم بأن تخبئ هذا الوجه العنصري وأن ترسل للعالم سفراء أو وزراء خارجية يحملون الفكر الديمقراطي، أما اليوم فقررت اسرائيل أن تكشف عن وجهها القبيح وأن تقول بالضبط ما تعتقده من ناحية الفكر العنصري، ولذلك فهناك تدهور كبير جدا، وأعتقد بأن هذا التدهور سوف يقود الى سياسات أخطر بكثير من الماضي.
إقرأ أيضا: مؤتمر في لندن يبحث عنصرية إسرائيل و"قانون الدولة" (شاهد)
•بالحديث عن قانون "يهودية الدولة" الذي تم إقراره مؤخراً في الكنيست الإسرائيلي.. ما هي خطورة هذا القانون على الوجود العربي؟
-قانون القومية العنصري الجديد الذي سنته اسرائيل في تموز/ يوليو 2018 هو من أخطر القوانين العنصرية التي سنتها اسرائيل منذ قيامها، وذلك لأنه قانون أساس، أي أنه ليس قانونا عاديا، ولكن في اسرائيل لا يوجد دستور وانما يوجد مجموعة قوانين تسمى "قوانين أساس" وتعتبر أقوى وأكثر أهمية من القوانين العادية. فقانون القومية هو قانون أساس. كما أن من أخطر البنود التي يتضمنها هذا القانون ما يشير الى أن "مشروع الاستيطان هو مشروع قومي" أي أن الاستيطان في الأراضي المحتلة عام 1967 أصبح خارج النقاش السياسي، ما يعني أننا أمام هجمة خطيرة جدا من مصادرة الأراضي وهدم البيوت وبناء شرس لعدد كبير من الوحدات السكنية في الأراضي المحتلة عام 1967.
كما يوجد بند آخر خطير، وهو الذي يتطرق الى اللغة العربية ومكانتها التاريخية في فلسطين، بما يؤدي الى تغييب اللغة العربية تماماً في كل المعاملات الرسمية مع الدولة ومن الحياة العامة أيضاً.
ومن مخاطر هذا القانون أيضا أنه يتبنى مصطلح "أرض اسرائيل" وليس "دولة اسرائيل"، وهذا يشكل خطرا ليس فقط على الفلسطينيين وإنما الأردن أيضا، لأن هذا الفكر الديني العنصري لا يُعرف حدود اسرائيل.
إقرأ أيضا: مختصون لـ"عربي21": إسرائيل تمارس عنصرية ممنهجة بقوانينها
والقانون أيضا يعرف كل شيء لكنه يتجنب تحديد الحدود التي تقوم عليها اسرائيل، أما مصطلح "أرض اسرائيل" فقد يشمل كل فلسطين التاريخية، وقد يمتد الى الأردن وأجزاء من العراق، مما يعني أنه حسب هذا القانون فلن تكون هناك فرصة لاقامة دولة فلسطينية، ولكن الأخطر من هذا أنه يتضمن الفكر العنصري الراغب بالتوسع على حساب دول أخرى، ما يعني أنه وبدون أدنى شك يشكل تهديداً للأمن القومي العربي برمته.
•ما أهمية الوجود العربي داخل الأراضي المحتلة عام 1948 ودوره في الحفاظ على الهوية الفلسطينية؟
-أعتقد أن الوجود الفلسطيني داخل دولة اسرائيل هو الذي حافظ على القضية الفلسطينية، فنحن نتحدث عن نحو 1.5 مليون شخص، ويصل العدد الى 1.8 مليون فلسطيني إذا أضفنا لهم سكان القدس المحتلة. هؤلاء هم الموجودون داخل الخط الأخضر فقط، أي داخل الأراضي المحتلة عام 1948. وهذا الوجود ينتشر على كل الأرض الفلسطينية من شمالها الى جنوبها، وهذا الوجود بهذا الحجم هو أهم مقوم في الحفاظ على قضيتنا الوطنية، وعلى وجودنا كشعب وعلى قضيتنا الفلسطينية.
وبالطبع نحن مثل أي شعب في العالم، فليس الجميع يحمل الهوية الوطنية والهم الوطني، ولكن كانت هناك جريمة في العالم العربي بالتعامل مع الفلسطينيين من حاملي الجنسية الاسرائيلية طوال السنوات الماضية على أنهم عملاء، ومن ثم انتقلوا من هذه المرحلة الى التعامل معنا كأبطال، وكأننا جميعاً أبطال. وأنا أعتقد أن كلا الأمرين خطأ، فنحن لسنا جميعا عملاء ولا نحن جميعا أبطال، ولكن أغلب تياراتنا السياسية هي تيارات وطنية تحمل الفكر والهوية والوطنية وأهم مقوماتها أننا جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني. ونحن نرى أن حقوقنا في بلدنا تنبع من كوننا أصحاب الأرض الأصليين وليس كمنحة تمن علينا بها دولة اسرائيل أو المشروع الصهيوني. نحن نطالب بحقوقنا ونناضل بعقلية وفكر أصحاب الأرض الأصليين.
أنا أعتقد أن لهذا الدور أهمية كبيرة جداً على المستوى الوطني والمستوى القومي.
•لكن هناك جدل واسع حول المشاركة في المؤسسات الإسرائيلية والنضال من خلالها.. فهل تجد جدوى في ذلك؟
-النقاش الدائر حول مشاركتنا السياسية في المؤسسات الاسرائيلية أصابه نوع من السطحية والترف الفكري، لأن أغلب الناس لا تقرأ الواقع ولا تعرف المعلومات الأساسية وتبدأ بالتنظير علينا وكأنها تعرف واقعنا أكثر منا. أنا أعتقد أن الفلسطينيين داخل اسرائيل واقعهم اليومي هو أنهم مواطنون في دولة اسرائيل، فالخدمات الصحية والتربية والتعليم والبنى التحتية وشبكات المجاري وكل ما نحتاجه يوميا تسيطر عليه اسرائيل وليس أمامنا أي خيارات أخرى.
إقرأ أيضا: محامية دولية لــ"عربي21": نلاحق إسرائيل بسبب عنصريتها (شاهد)
أنا أعتقد أن علينا أن نكون لاعباً فاعلا، فنحن أمام خيارين، إما أن نختار الهامش ونقوم بعمل سياسي لا يعني شيء ولا يؤثر على اي مجموعة انسانية في الداخل ولا الخارج. أو أن نعمل من خلال السياق الذي وجدنا فيه، وهو الدولة الاسرائيلية بمؤسساتها ومشاريعها.
نحن لسنا من يصادر أرضنا ولا من يريد أن يسرق أملاكنا، وإنما نحن ضحايا لسياسات عنصرية تقوم بها دولة اسرائيل، فمن أجل أن ننجز وأن نستطيع أن نوقف هذه السياسات، ومن أجل أن نستطيع التأثير يجب أن يكون عملنا ممنهج ومدروس وعلمي وجاد أمام هذه المؤسسات.
•بالانتقال إلى الملف الأكبر الذي يواجه الفلسطينيين اليوم، وهو "صفقة القرن"، فهل تعتقد أن من الممكن أن تمر أي تسوية أمريكية لا تتضمن القدس واللاجئين؟
-فيما يتعلق بما يسمى "صفقة القرن"، فأنا أرى أنها ليست "صفقة" ولا علاقة لها بالقرن، وإنما هي محاولة رخيصة وبائسة للتعامل مع قضية فلسطين كقضية عقار يريد أن يبيعه ويشتريه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومجرد التعامل مع القضية الفلسطينية كقضية عقارات أو صفقة تجارية وتعويض الفلسطينيين بالمال أو ما شابه هي طريقة مرفوضة لا يمكن أن تؤتي بشيء يقبله أي قائد سياسي فلسطيني، ولو قبله أي قائد في أسوأ الحالات، فلن يقبله أي جزء من أبناء الشعب العربي الفلسطيني. نحن نتعامل مع فلسطين كقضية وطن وقضية شعب وهي اكبر بكثير من تجارة ترامب أو غيره.
قضية فلسطين لن تنتهي إلا بحل عادل وشامل، وكل ما غير ذلك فلن يصمد ولن يكون مقبولاً كحل ولن يستمر حتى لو تم فرضه بالقوة العسكرية، فاذا كان ترامب معنيا بأن يكون له دور تاريخي في حل القضية الفلسطينية، فهذا الحل يجب أن يُبنى على أساس العدالة والاعتراف بحقوقنا كشعب عربي فلسطيني، وكل ما دون ذلك فلا يمكن أن يرضينا أو نقبل به.