هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ذا هيل" مقالا للكاتب ساشا توبرتش، يقول فيه إن الجنرال خليفة حفتر لم يعد جزءا من الحل في ليبيا، مشيرا إلى أن الجنرال المارق فاجأ قادة العالم بهجومه على العاصمة الليبية طرابلس في 4 نيسان/ أبريل، وسيكتشف أن هجومه كان خطأ فادحا.
ويشير توبرتش في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هجوم حفتر، الذي مضى عليه أكثر من ثلاثة أسابيع، يواجه إمكانية الدخول في حرب شوارع من مليشيات وحدها الحقد ضد أمير الحرب.
ويلفت الكاتب إلى أن حفتر يواجه تحديا عسكريا وسياسيا ضخما، أي حملة عسكرية باهظة الثمن، ومواجهات من بيت لآخر في مناطق طرابلس ذات الكثافة السكانية العالية، ويقول كل خبير عسكري ومراقب إنه لا يستطيع الانتصار فيه".
ويقول توبرتش إن "الولايات المتحدة والمجتمع الدولي كانوا ينظرون إلى حفتر والجيش الوطني الليبي كجزء من الحل، وبعد هجومه على العاصمة فإنه لا يمكن النظر إليه على أنه موحد للبلاد أو يزعم النصر، وحتى بعد المصادقة الممكنة من الرئيس دونالد ترامب بعد المكالمة بينهما، ومساعدة السعودية والإمارات ومصر".
وينوه الكاتب إلى أن "حفتر فهم جيدا أن الطريقة الوحيدة التي يمكنه فيها حكم ليبيا هي تقديم نفسه على أنه رجل قادر على توفير الاستقرار للبلد، وقام جيشه (الجيش الوطني الليبي) بهزيمة جماعة أنصار الشريعة المصنفة لدى الولايات المتحدة حركة إرهابية من بنغازي، وهو ما رفع مكانته لدى النخب الغربية المهمة، التي رأت فيه شخصا قادرا على توجيه ضربة لتنظيم الدولة".
ويستدرك توبرتش بأن "حفتر كانت لديه خطط أخرى، ومزاعم تدميره لتنظيم الدولة ليست صحيحة، وفي الحقيقة منح حفتر ممرا آمنا لمقاتلي التنظيم من درنة وسرت، وكانت حكومة الوفاق الوطني، التي تعترف بها الأمم المتحدة، هي التي ساعدت الولايات المتحدة على هزيمة تنظيم الدولة عام 2016، وخسر المقاتلون من مصراتة حوالي 700 شخص في أثناء المعارك الضارية لإخراج تنظيم الدولة من معقله القوي في سرت، وفر المقاتلون من التنظيم إلى الصحراء عندما فتح لهم ممرا آمنا".
ويبين الكاتب أن "حفتر أكد صورته وقوته في حزيران/ يونيو، عندما رد هجوما شنه إبراهيم الجضران، قائد مليشيات حرس راس لانوف وسدرة مع حرس شركة النفط بعد الثورة عام 2011، ولم يؤد هجوم الجضران إلى مقتل أعداد من الأشخاص فقط، بل أدى أيضا إلى خسارة الملايين من براميل النفط، وشعر العالم بالراحة عندما استعاد حفتر السيطرة موانئ تصدير النفط، لكنه أثار الغضب عندما حاول بيع النفط من شركة تحت سيطرته لا شركة النفط الوطنية التي تعمل من طرابلس والمعترف بها دوليا، ورغم تراجعه، إلا أن موقفه هذا زاد من المخاوف من تحدي حفتر المجتمع الدولي ومحاولة السيطرة على البلاد بقوة السلاح".
ويقول توبرتش: "واليوم فليس من الصعوبة اكتشاف أن وعود حفتر الأولى لم تكن سوى حملة علاقات عامة (خبطات) للحصول على تعاطف المجتمع المحلي والدولي، أو محاولة مقايضة للسيطرة العسكرية، فسيعالج حفتر الاستقرار والتطرف مقابل زيادة سيطرته على البلد".
ويرى الكاتب أن "تحركاته ضد المتطرفين كانت محسوبة ومؤقتة وبتوازنات عدة، ودعم لوجيستي وسياسي من اللاعبين المهمين: الإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر وفرنسا وروسيا، وكان حفتر بحاجة لمساعدة ضخمة ليجند المقاتلين والمرتزقة من الخارج، خاصة أنه لم يكن قادرا على تجنيد العدد الكافي من الليبيين لجيشه، ويقاتل في صفوف جيشه عناصر من الحركة السلفية التابعة لرجل الدين السعودي ربيع بن هادي المدخلي، وعناصر من حركة العدالة والمساواة في السودان وأولياء الدم، وهي جماعة متشددة تتبع الشيوخ السعوديين الذين تأثر بهم تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة".
ويفيد توبرتش بأن "حفتر، مثل القذافي، عين ابنيه خالد وصدام في مراكز قيادية في الجيش الوطني الليبي، وهما محل للكراهية في الشرق، ويتهم صدام بترتيب أكبر عملية سطو على بنك في تاريخ ليبيا، ويشعر الليبيون بالقلق من نوايا حفتر (75 عاما) وهم يرونه يحول السلطة لابنيه، كما فعل القذافي".
ويقول الكاتب: "لقد دعمت ذات مرة حفتر، كما فعل آخرون، وللأسباب ذاته، واعتقدت أن حفتر، بصفته وزيرا للدفاع، سيؤدي دورا في توحيد الأجهزة العسكرية ويمنح الاستقرار لليبيا".
ويضيف توبرتش: "أملت أن تتجنب ليبيا من دوامة العنف عبر كتابة مسودة للدستور، وعقد انتخابات جديدة، وتثبت أنها قادرة على بناء نظام ديمقراطي، كما فعلت تونس، دون الانزلاق نحو الديكتاتورية والحكم العسكري".
ويقول الكاتب: "فهم حفتر أن الوقت ينفد من يديه قبل أن يسيطر على البلاد، ولهذا قرر خيانة خطة الأمم المتحدة ورئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني المعترف بها فائز السراج، الذي يحاول جمع الأطراف الليبية، وقام، بحسب مصادر ليبية مطلعة، بتقديم عروض سخية لحفتر عندما التقاه في أبو ظبي".
ويشير توبرتش إلى أن "الكثير من السياسيين لم يحققوا توقعات الشعب الليبي منهم، وتصرفوا خدمة لمصالحهم، ولا يمكن التخلص من حكم القذافي بسهولة، وفكرة أن الشعب الليبي ليس جاهزا للتشارك في السلطة والمؤسسات الديمراطية كلام له مصداقيته، لكن الشعب الليبي لا يريد استبدال ديكتاتور بآخر، ولهذا السبب لم يعودوا وبعد 40 عاما من حكم القذافي يثقون في العسكريين ولا السياسيين الذين تقف وراءهم المليشيات، وما تحتاجه ليبيا هو دور أمريكي قوي، وصوتا يقود الجهود الدولية لمساعدة البلاد الوقوف على أقدامها".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "حفتر بالغ في تقديره، وأساء الحسابات بشأن قوة وتصميم قوات مصراتة، ولو استمر في حملته العسكرية فإنه سيخاطر بتدمير المدينة التي يعيش فيها مليون شخص، وقد فشل حتى لو سيطر على مناطق ليبيا كلها، وبعيدا عن آلة العلاقات العامة والدعم السياسي، فلن يغفر له الليبيون تدمير العاصمة، وستفشل خطوته الأخيرة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)