ملفات وتقارير

لماذا تلاحق فرنسا تطورات حراك الجزائر.. أين مصالحها؟

أجمع محللان سياسيان على أن الشعب الجزائري والطبقة السياسية بغالبيتها ترفض التدخل الفرنسي- جيتي
أجمع محللان سياسيان على أن الشعب الجزائري والطبقة السياسية بغالبيتها ترفض التدخل الفرنسي- جيتي

تواصل السلطات الفرنسية متابعتها لتطورات الحراك الشعبي في الجزائر، وهو ما ظهر في بداية الحراك حينما دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "فترة انتقالية لمدة معقولة"، إلى جانب إظهاره الدعم والتأييد لمواقف الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، قبل أن يعلن استقالته في 2 نيسان/ أبريل الجاري.


وسبق لوزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان أن صرح، بأن فرنسا تأمل "في أن يتم سريعا إطلاق دينامية جديدة، من شأنها تلبية التطلعات العميقة للشعب الجزائري".


لكن في المقابل، بادر مئة من الساسة والمسؤولين الفرنسيين من ذوي الأصول الجزائرية، لتوجه رسالة مفتوحة عقب استقالة بوتفليقة، إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، داعين إياه لمراجعة موقف بلاده من الاحتجاجات في الجزائر.

 

نفوذ مستمر


وفي ضوء الاهتمام الفرنسي بالحراك الشعبي بالجزائر، يتبادر إلى الأذهان تساؤلات عدة أبرزها؛ ما أسباب متابعة باريس لتطورات الحراك؟ وما مدى تأثيرها ونفوذها الحالي على بعض القوى الجزائرية؟ وهل هناك مصالح اقتصادية تبرر لها هذا التدخل؟


ويجيب المحلل السياسي الجزائري إدريس ربوح عن هذه الأسئلة، بالقول إن "فرنسا دولة استعمارية ونحن لم نستقل تماما، لأن الاستقلال يعني أن يكون قرارك مئة بالمئة بيدك"، متسائلا: "كيف تقول لي أنك مستقل وأنت تدرس باللغة الفرنسية، وترتبط بالأسواق والبنوك والمستشفيات الفرنسية؟".


ويوضح ربوح خلال حديث لـ"عربي21" أننا "نسمي كل من يشتغل لدعم مصالح باريس سواء الثقافية أو السياسية أو الاقتصادية، هم (حزب فرنسا)"، مضيفا أننا "نعتز أن خطابنا موضوعي مع أنفسنا حتى نذهب للحل، وفرنسا لا يزال لها نفوذ في الجزائر".

 

اقرأ أيضا: بعد رحيل بوتفليقة.. حشود بجمعة "حماية الحراك من الالتفاف"


ويعتقد ربوح أن "الحراك الشعبي يستهدف فرنسا بالتحديد، إلى جانب تميز الجيش الجزائري الحالي بأن قيادته أبعد ما يكون عن فرنسا، في ظل توجهاته نحو العالم العربي والإسلامي"، مستدركا بقوله: "لا نمدح قائد الجيش لكن هذه الحقيقة، والرجل معادي للتوجهات والمصالح الفرنسية".


ويرى المحلل الجزائري أن "النفوذ الفرنسي بدأ يتقلص وأتباع باريس يخرجون من الحكم الجزائري تباعا"، مشددا على أن "التراجع الفرنسي ليس فقط في الجزائر، بل في منطقة غرب أفريقيا ككل".
ويتابع قائلا: "إزاحة أي مصلحة فرنسية تساهم في زيادة استقلال الجزائر، لأن وجود أمريكا مقتصر على الشراكة في قطاع البترول مع الجزائر، وليس نفوذا سياسيا وثقافيا مثل فرنسا"، لافتا إلى أن "حصر الجزائر تتبع لفرنسا وفق النظام العالمي".


ويشير ربوح إلى أن "هناك وعيا عاما بالحراك الشعبي الجزائري بإبعاد النفوذ الفرنسي، وهناك وعي أيضا في الجيش لإبعاد نفوذ باريس"، منوها إلى أن "حديث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن مرحلة انتقالية، يأتي لمصلحة فرنسا في إبقاء نظام بوتفليقة، لأنه قدم لهم ما يريدون"، على حد قوله.

 

فرنسا لن تتنازل وستبقى تشتغل ليل نهار بأدواتها على الأرض


ويؤكد أن "فرنسا لها نفوذ كبير والعمل جار من طرف قيادة الجيش وضباطه والحراك الشعبي والقوى الشعبية لتحجيم الدور الفرنسي، لأن فرنسا لن تتنازل وستبقى تشتغل ليل نهار بأدواتها على الأرض"، بحسب تقدير المحلل الجزائري.


في المقابل، يرى المحلل السياسي المقيم بباريس ماجد نعمة، أنه "من الطبيعي أن تهتم فرنسا بما يجري بالجزائر، خاصة بسبب علاقات التاريخ والعلاقات بين البلدين والشعبين"، لافتا إلى أن "هناك جالية جزائرية كبيرة في فرنسا، وهناك مصالح اقتصادية كبيرة، وتعد فرنسا الشريك الاقتصادي الثاني للجزائر بعد الصين".


ويفسر نعمة خلال حديث لـ"عربي21" أن "ما يجري في الجزائر يهم بالدرجة الأولى فرنسا، لما لذلك من انعكاسات سياسية واقتصادية واجتماعية وحتى أمنية على البلدين"، مشيرا إلى أن "فرنسا استعمرت الجزائر أكثر من 330 عام، واستطاعت الجزائر أن تنتزع استقلالها بعد حرب تحرير طويلة".

 

تأثير فرنسي


ويستدرك بقوله: "المسؤولون الفرنسيون يحرصون على عدم إعلان أي موقف واضح تجاه ما يجري بالجزائر، لأن الحكومة والمعارضة الجزائرية لا تقبل أن تعطي فرنسا تصريحات تبدو وكأنها إعطاء دروس أو توصيات".


ويستكمل رأيه: "الجزائريون حريصون جدا على استقلاليتهم، ويرفضون أي تدخل بأي شكل من الأشكال"، معتبرا في الوقت ذاته أن "هناك تأثير فرنسي على الجزائر بحكم وجود بعض الجمعيات والحركات، والجالية الجزائرية الكبيرة في فرنسا".


ويضيف نعمة أن "العلاقات بين البلدين وثيقة لكن بينها الكثير من نقاط الاحتكاك، خاصة فيما يتعلق بتدخل فرنسا وبريطانيا في ليبيا وأثر ذلك التدخل على الوضع الأمني الجزائري"، موضحا أن "عدم "الاستقرار في ليبيا، يؤدي إلى انتقال التوتر إلى الدول الأفريقية المجاورة للجزائر".

 

اقرأ أيضا: قرار بإقالة مدير جهاز المخابرات الجزائري من منصبه


ويستبعد المحلل السياسي وجود أطراف جزائرية تخدم مصالح فرنسا، مؤكدا أن "الشعب الجزائري والطبقة السياسية الجزائرية بغالبيتها العظمى ترفض التدخل الفرنسي، باستثناء بعض الجمعيات التي لا تأثير لها، وهي مقيمة في فرنسا".


ويشير نعمة إلى أن "هناك مصالح بين الجزائر وفرنسا تدعو البلدين لإبقاء العلاقات الاقتصادية"، مؤكدا أن "الجزائر تمتلك إمكانيات تنويع في علاقاتها، من خلال توطيد علاقاتها النفطية والغازية مع الولايات المتحدة، وتعزيز علاقاتها التجارية مع الصين والهند".


ويردف قائلا: "لذلك أعتقد أن فرنسا من مصلحتها أن تراعي الحساسيات الجزائرية ولا تتدخل، وهذا ما جرى حاليا من كل التصريحات الفرنسية"، مضيفا أن "هناك حرصا من باريس على عدم الظهور وكأنها تتدخل في الشأن الجزائري، لأن هذا لا يخدم المصالح الفرنسية، ويمكن أن يؤدي إلى علاقة توتر بين البلدين".

التعليقات (4)
جزائرية
الأحد، 04-04-2021 04:13 م
يجب ان يستمر الحراك لطرد كل اتباع فرنسا من الجزائر
محمد
الخميس، 28-05-2020 03:15 م
آخر التطورات بين الجزائر و فرنسا
ابوعمر
الجمعة، 05-04-2019 04:37 م
فرنسا مازالت تعتبر الجزائر زوجتها المفضلة على كل مستعمراتها السابقة...فرنسا تعتبر الجزائر ملكية خاصة لاينافسها فيها أحد.وهي مستعدة للتدخل عسكريا ان تأكدت أن الجزائر ستضيع منها .وستصبح خارج مجالها المصلحي...فرنسا تملك الآلاف من كلابها الحاكمين في المناصب السيادية الحساسة في الجيش والمؤسسات المدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية...فرنسا اذا عطست أصاب الزكام كل الجزائر...الواقع المقرف
مصري
الجمعة، 05-04-2019 02:15 م
بالطبع لفرنسا مصالح ضخمة و متعددة قائمة علي مص دماء الشعب الجزائري بحماية العسكر الأوباش بقيادة قايد الجاسوس و العميل كغيره من الأوباش المنتشرين كالجرذان في الدول العربية المنهوبة و المسروقه .