ما الذي يعوّل عليه لبنان من مؤتمر بروكسل للاجئين؟

يعدّ ملف اللاجئين السوريين في لبنان من أثقل الملفات التي تحمل وزرها الحكومة برئاسة سعد الحريري، لما يدور حول هذه القضية من سجالات بين مكوناتها المتناقضة سياسيا، لا سيما الخلافات حول مسألة ترتيب عودة اللاجئين من خلال الحوار مع النظام السوري، وهو ما يطالب به حزب الله وحلفاؤه، أو من خلال الحلّ السياسي للمعضلة السورية الذي يطبخ على المستوى الدولي.

وعلى الرغم من إطلاق ما يسمى بالعودة الطوعية للاجئين بدعم من جهاز الأمن العام اللبناني، فإن الأرقام تشير إلى عودة جزء يسير من مجمل اللاجئين الذين تقدر أعدادهم بمليون ومئتي ألف سوري ينتشرون في مخيمات اللجوء أو في مختلف الأراضي اللبنانية.

وتوجه الحريري إلى العاصمة البلجيكية بروكسل للمشاركة في مؤتمر حول اللاجئين، آملا أن يكون الحل الدولي قد نضج كي لا تسبق عودته إلى بيروت دعوات جديدة بضرورة فتح الحوار المباشر مع نظام الأسد لضمان عودة اللاجئين السوريين، في حين يرى مراقبون أن استراتيجية النظام لا تريد أصلا عودة أغلب السوريين اللاجئين الذين يشكلون بسوادهم الأعظم البيئة المعارضة له.

"لعبة التجاذب"

ويرى الكاتب والمحلل السياسي الدكتور عماد شمعون أن "الوجود السوري يلقى تعاطفا من رئيس الحكومة سعد الحريري لما يمثله هذا الموضوع بالنسبة للعبة التجاذب بين الطائفتين السنية والشيعية، وفي ظل طلب فريق سياسي الحوار المباشر مع الحكومة السورية لمعالجة ملف اللاجئين، بينما يعزّز فريق آخر نقيض للسابق الحضور السوري بمواقفه و بذريعة رفض التحاور مع النظام في دمشق".

وقلّل شمعون في تصريحات لـ"عربي21" من جدوى تحذيرات الفاتيكان إلى لبنان لجهة نوايا الدول الأوروبية عدم إعادة اللاجئين إلى ديارهم، وقال: "لم تحمل تحذيرات الفاتيكان أي جديد لأنّ الصورة واضحة للعيان ولا حاجة لإبرازها إلى من يشاهدها بالعين المجردة"، مشيرا إلى أنّ "ما نقلوه إلى المسؤولين اللبنانيين هو نسخة مشابهة لما عبر عنه ساسة أوروبيون في لقاءاتهم واتصالاتهم مع القيادات اللبنانية".

ووصف شمعون التصريح الصادر من البابوية بـ"التافه"، لأنّ لبنان –من وجهة نظره- "لمس جديا عدم تعاون الاتحاد الأوروبي في مسألة إعادة السوريين إلى بلادهم"، مردفا: "المسيحيون مهددون بالانقراض في لبنان في الوقت الذي لا تتحرك فيه البابوية تجاه الأوروبيين أو التعبير عن رفض استراتيجيتهم".

وعن رؤيته لمؤتمر سيدر والمعلومات الواردة عن ربط تقديم القروض برضوخ لبنان للرؤية الأوروبية حول قضية اللاجئين، قال: "لا يمكن التعويل على مؤتمر سيدر لأنه أمني و أقيم لهدف واحد وهو توطين اللاجئين السوريين في لبنان"، مستغربا الطلب من لبنان تأمين 900 ألف وظيفة للاجئين السوريين، وبين أنّ"المؤتمر عنوانه لبناني ومضمونه يتعلق بتغطية الصفقات المرتبطة بحل مسألة اللجوء السوري وفق الاستراتيجية التي تتعارض و مصلحة لبنان".

وعن مدى حضور الحكومة إزاء التحديات التي تواجه البلد، اعتبر أنّ "أقطاب السياسية الذين يتوجب عليهم الشروع في إيجاد الحلول يُعدون جزءا أساسيا من المشكلة، فكل الأخطاء والعثرات والأزمات التي نمرّ بها تسببت بها الطبقة الحاكمة".

"تغيير النظام"

وشدّد القيادي في تيار المستقبل الدكتور مصطفى علوش على أنّ "اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم يتفقون على أنّ اللجوء السوري يشكل عبئا كبيرا يثقل كاهل البلد، خصوصا لجهة التركيبة الاجتماعية، وإن كان الاختلاف حاضرا حول مدى حقيقة العبء الاقتصادي الذي يشكله اللاجئون"، ولفت في تصريجات لـ"عربي21" إلى أنّ "موقف تيار المستقبل حاسم لجهة رغبته في عودة اللاجئين السوريين إلى موطنهم وفق منطقية سليمة".

وانتقد علوش رؤية بعض الأطراف السياسية بضرورة الحوار مع النظام السوري لضمان عودة سريعة للاجئين، وقال: "فتحت بعض القوى قنوات اتصال مع النظام في دمشق ولم ينتج عن ذلك تسريع في وتيرة إعادة اللاجئين أو خطة واقعية تضمن عودتهم، وبالتالي فإن المقاربة الأكثر نجاعة ومنطقية هي التعاون مع المجتمع الدولي لتأمين وسائل العودة، ومن أهمها الحل السياسي وملف إعادة الإعمار وأيضا من خلال إيجاد الحدّ المطلوب من الاستقرار الاجتماعي للسوريين العائدين إلى ديارهم".

وحول مدى واقعية التحذيرات من إطالة فترة اللجوء السوري في لبنان، قال علوش: "التخوفات منطقية قياسا إلى تجارب سابقة ومنها تجربة اللجوء الفلسطيني التي بدأت كحالة مؤقتة وما زالت مستمرة إلى أجل غير مسمى"، مردفا: "نرى أنّ العودة المضمونة للاجئين السوريين تحسم عند التغيير السياسي في دمشق، لأنّ منظومة الأسد هي التي تشكل المعوق الأساس بما تمارسه من قتل وإرهاب بحق الشعب السوري".

ودعا إلى "عدم التلهي في السجالات والتركيز على دعوة المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية"، وعن مدى وجود عنصرية من بعض الأطراف ضد اللاجئين السوريين، قال: "نعاني في لبنان داخليا من عنصرية بين الطوائف وبين قوى وفئات، ولذلك فإنّ اللجوء يعاني باعتباره موجودا على الأراضي اللبنانية من هذا الواقع المؤسف".

اقرأ أيضا: صحيفة لبنانية: عون سيزور الأسد وسيبحث معه هذا الملف