صحافة دولية

فورين بوليسي: هل سينتهي زمن نتنياهو؟

فورين بوليسي: نتنياهو يواجه اتهامات الفساد قبل أسابيع من الانتخابات الرئيسية- حيتي
فورين بوليسي: نتنياهو يواجه اتهامات الفساد قبل أسابيع من الانتخابات الرئيسية- حيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للصحافي جوشوا ميتنك، يقول فيه إن المدعي العام الإسرائيلي أعلن بأن لديه نية بتوجيه عدة تهم فساد لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ما يعرض مستقبل الزعيم الإسرائيلي للخطر، في وقت يواجه فيه أصعب تحديات انتخابية في أكثر من عقد.

 

ويشير ميتنك في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن أفيخاي ماندلبليت، الذي عينه نتنياهو، وكان يخدم سابقا سكرتير حكومة، قام بإعلان قائمة اتهام مؤلفة من 60 صفحة، بتهم تلقي رشاوى، وتزوير، وخرق ثقة الشعب، في ثلاث قضايا مختلفة تدور حول تعاملات رئيس الوزراء مع أثرياء إسرائيليين.

 

ويفيد الكاتب بأن "هذه التهم تشكل ذروة تحقيق في الفساد، الذي لاحق الزعيم الإسرائيلي على مدى عامين، ويحق لنتنياهو جلسة استماع قبل أن يتخذ ماندلبليت قرارا نهائيا بتوجيه التهم، لكن التداعيات السياسية من القرار الحالي قد تؤثر على الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية لنتنياهو، وعلى مساومات الائتلاف بعد ظهور النتائج للانتخابات المقررة في 9 نيسان/ أبريل". 

 

ويلفت ميتنك إلى أن إسرائيل شهدت رئيس وزراء سابقا ورئيسا سابقا يدانان ويقضيان عقوبة في السجن، إلا أن نتنياهو هو رئيس الوزراء الأول الذي يواجه تهما وهو في منصبه، مشبرا إلى أن هذا القرار يضع النظام السياسي الإسرائيلي في مهب الريح.

 

وينوه الكاتب إلى أن نتنياهو وحزب الليكود يواجهان رئيس الأركان السابق بني غانتز، الذي يقود حزب أبيض وأزرق، الذي يضم في عضويته رئيسين سابقين للأركان، ويحاول حزب الوسط هذا جذب أصوات الناخبين اليمينيين المترددين.  

 

ويستدرك ميتنك بأن تهم ماندلبليت، التي أعلنها بعد محاولة حزب الليكود، منع نشرها قضائيا، إلا أن المحكمة العليا رفضت تلك المحاولة، لافتا إلى أن هذه التهم قد تكون أشد تهديدا لنتنياهو.

 

ويكشف الكاتب عن أن هناك قضيتين تتعلقان بصفقات للتأثير على طريقة تغطية الإعلام الإسرائيلي لرئيس الوزراء، إحداهما "القضية 4000"، التي يتهم فيها نتنياهو بالارتشاء بتخفيف القوانين على شركة الهواتف الإسرائيلية المحتكرة "بيزك" مقابل قيام مدير الشركة شاؤول إلوفيتش، بتغطية إيجابية لأخبار رئيس الوزراء على موقعه الإخباري "واللا نيوز"، كما تم توجيه تهمة لإيلوفيتش بالرشوة. 

 

ويذكر ميتنك أنه في "قضية 2000" تم تسجيل نتنياهو يناقش صفقة للحصول على تغطية إيجابية من ناشر "يديعوت أحرونوت"، التي يملكها آرون موزيس، ويتهم نتنياهو بعرض مقابل ذلك قوانين تحدد من إمكانية الصحيفة المنافسة الأساسية للصحيفة "إسرائيل توداي"، وهي صحيفة مجانية يملكها الملياردير الأمريكي شلدون أديلسون، والمعروفة بمعاملتها الجيدة لنتنياهو، مشيرا إلى أن تلك الصفقة لم تصل إلى التطبيق، ووجهت تهمة الرشوة لموزيس أيضا.

 

ويفيد الكاتب بأن "قضية 1000" تتعامل مع سيجار وشمبانيا وردية ومجوهرات بمئات آلاف الدولارات، اشتراها قطب الأفلام الإسرائيلي الأمريكي أرنون ميلخان بشكل منتظم، وقدمها لعائلة نتنياهو، لافتا إلى أنه لم يتم توجيه تهمة لميلخان.

 

ويبين ميتنك أنه مع أن كبار محامي الادعاء في الشرطة الإسرائيلية كانوا يعتقدون بأنه يمكن توجيه تهم الارتشاء في قضية "1000" وقضية "2000"، إلا أن ماندلبليت وجه له تهم التزوير وخرق ثقة الشعب، وهما تهمتان تعدان أقل.

 

ويقول الكاتب إن "ماندلبليت، الذي عينه نتنياهو، أصبح منذ عامين المقابل الإسرائيلي للمحقق الأمريكي الخاص روبرت مولر، الذي يحقق في تورط الرئيس دونالد ترامب المحتمل في التلاعب الروسي في الانتخابات عام 2016، وقد واجه ماندلبليت ضغطا من سياسيي المعارضة، ومن رئيس الوزراء، بالإضافة إلى توقعات إعلامية لا نهاية لها حول حجم التهم المتوقعة وتوقيتها".

 

ويفيد ميتنك بأن نتنياهو الذي أعلن أنه بريء من التهم كلها، يقول إن التحقيق مؤامرة للإطاحة به، مشيرا إلى أن حاول في الأسابيع الأخيرة الضغط على ماندلبليت لئلا يصدر التهم؛ بحجة أنها ستتعارض مع الحملة الانتخابية.

 

ويشير الكاتب إلى أن نتنياهو أنكر التهم بعد صدورها، وقال إن ماندلبليت استسلم للضغط السياسي، وأضاف: "لقد ذهب اليسار إلى حملة اصطياد ساحرات للإطاحة بحكم اليمين تحت قيادتي ولتتويج غانتز"، لافتا إلى أن السياسيين في الطرف المقابل يقولون بأن هناك صراع مصالح في عمل ماندلبليت؛ لأنه عمل سكرتيرا لحكومة نتنياهو قبل تعيينه مدعيا عاما.

 

ويجد ميتنك أنه "مع أن نتنياهو يحظى بقاعدة دعم قوية، إلا أن التهم قد تغير الأصوات، وقد يكون هناك تحول من الليكود إلى حزب غانتز، أو غيره من الأحزاب اليمينية، التي قد تنضم إلى حكومة يقودها غانتز، بالإضافة إلى أن هناك احتمالا بأن يقوم السياسيون في حزب الليكود ذاته بعزل نتنياهو عن قيادة الحزب إن كان أداؤه في الانتخابات سيئا".

 

وتنقل المجلة عن المراسل السياسي لموقع "واللا نيوز" تل شالف، قوله قبل الإعلان عن قائمة الاتهام: "لا أحد يعلم كيف سيؤثر هذا على الحملة الانتخابية، لم يحصل هذا الأمر في تاريخ إسرائيل".
ويلفت الكاتب إلى أنه في الأشهر الأخيرة التي أدت إلى القرار، فإن الاستطلاعات كلها أظهرت حزب الليكود أكبر حزب، وأنه سيحصل على 30 مقعدا من 120، ما يشير إلى أن تأييده بين الناخبين اليمينيين الإسرائيليين لا يزال كبيرا، مشيرا إلى أنه مع أن حزب غانتز قفز إلى المرتبة الأولى بعد الاتحاد مع حزب وسط آخر، إلا أن الاستطلاعات تظهر أن ائتلافا من الاحزاب اليمينية والدينية كالائتلاف الذي يقوده نتنياهو الآن سيسيطر على الأغلبية في البرلمان.

 

ويستدرك ميتنك بأن مؤشرا على أداء نتنياهو بعد إعلان المدعي العام ظهر في نتائج استطلاع قامت به صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، عشية الإعلان عن التهم، وهو أن حزب الليكود سيخسر أربعة مقاعد ستذهب لحزب الأزرق والأبيض المنافس، ما سيحول النفوذ في البرلمان من اليمن والمتدينين نحو أحزاب الوسط واليسار.

 

وتورد المجلة نقلا عن محللين، قولهم إن الحسابات السياسية إن كانت تلك الاتهامات ستؤثر على الناخبين المعتدلين المترددين من الليكود إلى الأحزاب اليمينية الأخرى التي ستدخل في ائتلاف مع غانتز فيما بعد، أو أن يصوتوا لحزب غانتز ذاته، مشيرة إلى أنه بحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن 28% من ناخبي الليكود قالوا إنهم لن ينتخبوا الحزب إن كانت هناك توصية بتوجيه تهم لرئيس الوزراء.

 

وينقل الكاتب عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان جوناثان رينولد، قوله بأن لائحة الاتهام تفتح الباب للقول "يمكن الحصول على أمن جيد دون الفساد"، لافتا إلى أن النتيجة قد تكون تحولا في التوازن بين الكتل البرلمانية، "وحتى لو كان التحول لا يزيد على مقعدين فإن ذلك تحول كبير في ديناميكية الائتلاف".

 

وينوه ميتنك إلى أن الكثير من التركيز سيكون على وزير المالية موشيه كحلون من حزب كولانو (يمين- وسط)، مشيرا إلى أن كحلون البالغ من العمر 58 عاما، كان عضوا في الليكود، لكنه اختلف مع نتنياهو، وأسس حزبا خاصا به عام 2015، ودعايته الانتخابية تصف حزبه بأنه حزب "اليمين العاقل".

 

ويقول الكاتب إنه "من ناحية نظرية فإنه يمكن لحزب كحلون أن يميل لائتلاف يقوده غانتز في حالة توجيه تهم، مع أنه يروج لمواقف يمينية متطرفة خلال الحملة الانتخابية، مثل رفض مبادرة ترامب للسلام".

 

ويذكر ميتنك أن هناك سياسيا يمينيا آخر يمكن أن ينقلب على نتنياهو، وهو وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان، الذي استقال من منصبه في وقت متأخر من العام الماضي، مشيرا إلى أن حزب ليبرمان "إسرائيل بيتنا" يحظى بتأييد المهاجرين العلمانيين من الاتحاد السوفييتي السابق.

 

ويستدرك الكاتب بأن العديد من المحللين يعتقدون أنه لا يزال بإمكان نتنياهو كسب الانتخابات، وأن تأثير التهم لن يكون كافيا لإحداث تغيير كبير، فيما يقول مراقبون بأن التهم في الواقع قد يكون مفعولها عكسيا وتقوي الدعم السياسي لنتنياهو.

 

وبحسب المجلة، فإن حزب الليكود أكد في تغريدة نشرها على "تويتر" أن "التحقيقات حول فساد نتنياهو = محاولة اغتيال سياسي"، أما نتنياهو فقد هاجم الشرطة، وقال إنه حظي بمعاملة غير عادلة من محامي ادعاء منحازين، وقال إنه هدف لمؤامرة من اليسار الإسرائيلي والإعلام وجهات تطبيق القانون.

 

ويختم ميتنك مقاله بالقول: "ليس من المتوقع أن ينقلب أي من زعماء الأحزاب اليمينية ضد رئيس الوزراء قبل الانتخابات؛ لأن ذلك قد يؤثر على فرصهم الانتخابية، لكن بعد الانتخابات وعندما يبدأ التفاوض على تشكيل ائتلاف حاكم قد تذهب الأحزاب اليمينية الصغيرة إلى غانتز".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)