لاقت زيارة رئيس مجلس
الدولة الليبي، خالد
المشري إلى واشنطن زخما سياسيا وإعلاميا كبيرا، وسط تساؤلات
عن دلالة هذه الزيارة وقوتها في هذا التوقيت، وما إذا كان وراءها دعم أميركي للمشري كمرشح محتمل في الانتخابات المقبلة.
وعقد المشري عدة لقاءات مع أعضاء في الكونغرس الأميركي ومسؤولين في إدارة
الرئيس دونالد ترامب وسفراء سابقين، بعدما ألقى خطابا هناك بعنوان "مستقبل
ليبيا"، وخطابين في مركزين بحثيين.
وخلال أحد الاجتماعات
التي يعقدها رئيس مجلس الدولة، هاجمه عضو البرلمان الليبي، علي التكبالي متهما
إياه بأنه "إرهابي" وينتمي لجماعة تدعم الجماعات الإرهابية في ليبيا،
وأن استقالته من الإخوان كانت فكرية وليست تنظيمية، وسط حالة ذهول وغضب من قبل
المسؤولين الأمريكان".
وأثار هذا الهجوم ردود
فعل غاضبة، كون المشري هو من سمح للنائب التكبالي بالحضور
بعدما كانت اللقاءات خاصة جدا، وكون "النائب" هذا ممن تسربت له صور مخلة
بالآداب وكان حديث صفحات التواصل الاجتماعي فترة من الزمن.
وطرحت الزيارة وما
صاحبها من زخم واهتمام واسعين، تساؤلا يقول: هل حصل المشري على أي
ضمانات أو دعم من قبل واشنطن كأحد الفاعلين في المشهد الليبي؟
زيارة قوية
من جهته، أكد عضو مجلس
الدولة الليبي، إبراهيم صهد أن "زيارة الرئيس إلى واشنطن كانت
موفقة وناجحة كونها أنتجت جملة من الاتصالات واللقاءات استثمرها المشري في توضيح وإبداء رأي في ما يجري في ليبيا وتشريح للمشهد هناك".
وأوضح في تصريحات
لـ"
عربي21" أن "اللقاءات والحوارات التي عقدها رئيس المجلس كانت
موفقة إلى حد كبير وحضرها عدد كبير من المتنفذين في الساحة السياسية والإعلامية في
الولايات المتحدة الأمريكية"، حسب رأيه.
وبخصوص هجوم البرلماني
الليبي على المشري، قال صهد: "ما قام به التكبالي لم
يسئ للمشري ولا للمجلس، لكنه أساء للعضو نفسه كونه تحدث بطريقة مسفة ومشينة، وهو
لم يتحدث عن خلافات في الرؤى مثلا، لكنه تحدث بطريقة شخصية مؤسفة وقدم صورة مشينة
في الخارج"، حسب وصفه.
لا ضمانات
لكن رئيس مؤسسة
الديمقراطية وحقوق الإنسان ومقرها واشنطن عماد الدين المنتصر، رأى أن
"زيارة المشري لم تنتج عن حصول الأخير على أية ضمانات من واشنطن كونه لم يلتق أي شخصية رفيعة يمكن أن تعطي ضمانات من أي نوع".
وأضاف
لـ"
عربي21": "تحاول عدة شخصيات سياسية ليبية أن يكون لها حظ من
اهتمام الإدارة الأمريكية لكن دون نجاح يذكر، وسيزور واشنطن هذا الأسبوع والذي
يليه شخصيات ليبية أخرى ومنهم مثلا وزير الداخلية بحكومة الوفاق، فتحي
باشاغا"، حسب معلوماته.
وتابع الباحث الليبي
المقيم في واشنطن: "التغطية الإعلامية للزيارة في واشنطن غير موجودة بسبب عزوف الأمريكان عن متابعة
تطورات الأحداث في ليبيا وكذلك لافتقار الحكومة الليبية لخبرات إدارة الإعلام
والعلاقات العامة في الساحة الأمريكية، أما هجوم التكبالي فيؤكد
انحطاط المستوى الفكري والأخلاقي لبعض الساسة الليبيين، فواشنطن ليست
الساحة المناسبة لمثل هذه المناكفات السوقية"، وفق تعبيره.
تخوفات المناوئين
وقال الناشط الليبي،
أحمد التواتي إن "هذا الزخم للزيارة يأتي بسبب تخوف التيار المناوئ للإخوان
وللمشري أن ينجح الأخير في التسويق للجماعة في واشنطن بنشر ما قد يرونه هم مغالطات
غير حقيقية".
واستبعد في تصريح لـ"
عربي21"
أن "ترى واشنطن المشري كمرشح محتمل في الانتخابات الليبية يمكن
دعمه أو الرهان عليه، والأمر كله لا يعدو كونه محاولة من قبل واشنطن لمزيد من
الفهم من وجهة نظر مجلس الدولة ممثلا في رئيسه"، حسب كلامه.
ورأى المحلل السياسي
الليبي المقيم في كندا، خالد الغول أن "الزخم الإعلامي حول
الزيارة أغلبه داخلي وموجه لمؤيدي المشري ومجلس الدولة، أما كون المشري حصل دعم من واشنطن كمرشح فذلك أمر بعيد جدا، فأمريكا
ومخابراتها تعرف الوضع جيدا في ليبيا، فلا تحتاج ليذهب الأخير هناك لقبوله أو رفضه".
وتابع: "والهجوم
الذي شنه التكبالي على المشري خلال أحد اللقاءات وضع هذا
العضو وفريقه في حالة مسخرة، فكلامه يمكن أن يبلعه الشارع الليبي. أما
الحاضرون من نخب أمريكية وغيرها فلن يقبلوا مثل هذه الترهات كونهم مطلعين على
الوضع جيدا"، حسب قوله لـ"عربي21".
مخابرات واشنطن
وبدوره رأى المدون
الليبي، فرج فركاش أن "الأمر أعطي حجما أكثر مما يستحق، وأن المشري ذهب
لتلميع صورته أمام الرأي العام الأمريكي وهذا أمر مشروع في السياسة، ويبدو أنه تم
الدفع بالنائب التكبالي لتخريب ذلك التلميع، ومن المؤسف نقل الخصومة
للخارج".
واستدرك قائلا:
"نتفق مع ما جاء في كلام المشري من حيث الدعوة إلى الدولة
المدنية والمصالحة ونبذ عسكرة الدولة، لكنه لم يذكر تدخلات دولية أخرى تدعم الطرف
المنتمي له ضد الطرف الذي يدعم خصومه"، حسب قوله.
وتابع لـ"
عربي21": وموضوع رئاسة المشري لليبيا أمر مستبعد جدا ولا حظوظ له فيه، وعلى كل حال فإن أمريكا لها استخباراتها على الأرض وهي تعلم ماذا يحدث"، كما قال.
مكاسب المشري
لكن عضو حزب
"العدالة والبناء" التابع له المشري، إبراهيم الأصيفر أكد
أن "هذا الزخم هو اعتراف بأهمية الزيارة وأهمية الشخص والمؤسسة التي يمثلها،
وبعضه أمر طبيعي الحدوث عند زيادة أي مسؤول إلى واشنطن كونها قبلة
رجال السياسة ورجال الدولة في العالم".
وأوضح لـ"
عربي21":
"ويأتي هجوم التكبالي كردة فعل صبيانية على الزيارة التي لها
مكاسب سياسية للمشري وتياره في حين كان يعمل هذا العضو ومن معه على تقديم
المشري وحزب العدالة والبناء بصورة الداعمين للإرهاب، والرد عليهم كان
في الزيارة والزخم حولها، كون المشري شريكا رئيسيا في السلطة الليبية،
والانفتاح الأمريكي الخير على ليبيا يحتاج إلى زيارات كهذه"، وفق تقديره.