هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قدم "المركز المصري للإعلام" تقريرا ورؤية تحليلية حول الفيلم الوثائقي "في سبع سنين"، الذي أذاعته فضائية "الجزيرة" مساء الاثنين الماضي، مُركّزا على المضامين والرسائل التي اجتهد صناع الفيلم في توصيلها، ومنها أن الإلحاد والعنف كانا نتيجة مباشرة لممارسات العسكر بعد ثورة يناير.
ويقول التقرير، الصادر الخميس، والذي حصلت
"عربي21" نسخة منه، إن الانقلاب العسكري وفض اعتصام رابعة بالقوة
المسلحة، واعتماد القتل المباشر والاعتقال والتعذيب كأدوات منهجية لسحق المعارضة
ولّد فقدانا للثقة وانكسارا في اليقين، بحسب مُعد ومُقدم الفيلم الوثائقي، محمد
ماهر عقل.
وضمن استنتاجات المركز المصري للإعلام عن الفيلم،
فقد حمّل الإسلاميين جزءا من المسؤولية عن انحرافات الشباب الفكرية والعقيدية،
مؤكدا أن "الانقسام المجتمعي، وتسلط شق من المجتمع على آخر، في معركة سياسية
أدارها العسكر لصالحهم بقوة السلاح الغاشمة، ولّد شعورا عميقا بالغبن والإحباط
والشعور بالهزيمة، كما عبر عن ذلك أحد الشباب من المتحدثين في الفيلم".
وقال المركز: "بقدر ما أثار وثائقي (في سبع
سنين) من ردود فعل من الناحيتين المهنية والفنية، بقدر ما كشف عن أن نقاط التحول
الجذرية في حياة الشباب الذين حاورهم محمد ماهر عقل، ارتبطت في الأساس بثورة يناير
وما تلاها من أحداث، كان أخطرها على الإطلاق فض اعتصامي رابعة والنهضة".
وأشار المركز المصري للإعلام إلى ما وصفها بالحالة
الكارثية التي "وصل إليها المجتمع المصري نتيجة ممارسات العسكر، حيث كانت
المفارقة واضحة في ثبات بعض الملحدين على موقفهم بل وسعادتهم بهذا"، بحسب ما
تناوله فيلم في سبع سنين.
عوامل التحول
ورأى أن "عوامل التحول المباشرة الواضحة التي
تحدث عنها الشباب، تمثلت في مشهد إعلان الانقلاب في 3 تموز/ يوليو 2013 وما تلاه
من تداعيات سياسية وأمنية ومجتمعية، وتواصل جرائم القتل المريع أثناء أحداث الثورة
وفي فض رابعة وما بعدها، وإلى اليوم، والشعور بالإحباط والهزيمة، بعد مباركة شق من
المجتمع للمذابح التي حدثت بحق الإخوان ومناصريهم.
ومن بين هذه العوامل أيضا: الاعتقال المتبوع
بالتعذيب الوحشي، وسحق كرامة الإنسان لمجرد اعتراضه على ممارسات السلطة، وعدم
مصداقية بعض الدعاة وتخليهم عن مواجهة الظلم وإحقاق الحق، بل واندفاع بعضهم في
مناصرة الباطل، ومن ثم تم فقدان الثقة.
اقرأ أيضا: لماذا يحاول العلمانيون واللادينيون تعرية المصريات؟
وانتقد المركز ما وصفها بازدواجية خطاب الإسلاميين،
بين ما يؤمنون به ويدعون إليه وبين مواجهة الوقائع على الأرض والنظر إليها بشكل
صحيح من منظور ديني وسياسي.
وأكد أن الفيلم الوثائقي يدق أجراس الخطر؛ لتنبيه
قادة الإسلاميين إلى خطورة قراراتهم ومواقفهم السياسية، التي يترتب عليها كم هائل
من النتائج، منها ما يلمس بنية تنظيماتهم، والأخطر هو ما يمس سلامة المعتقدات
والتوجهات الفكرية لمجتمعاتهم.
وحذر المركز من خطورة "التقوقع داخل بعض
المجموعات الإسلامية، وتنميطها للخطاب وقولبتها للأشخاص دون انفتاح على الآخرين،
بل مناصبتهم العداء ووصمهم بالكفر والزندقة".
وأشار إلى أن "الشحن الإعلامي الذي واجه الثورة
ومن يمثلها، خاصة بعد انتخاب الدكتور محمد مرسي رئيسا، تسبّب به في انقسام مجتمعي
غير مسبوق".
ولفت إلى أن الإخوان كانوا على طول الخط قاسما
مشتركا حاضرا في موضوع الفيلم نتيجة أنهم أظهر الجماعات التي استهدفها العسكر
بأعمال القتل والتنكيل، ولكون خطابهم السياسي في بعض الأحيان لم يكن مقنعا، أو غير
مقبول من البعض.
وأضاف: "لا ينبغي بحال الانصراف عن فداحة
المأساة التي كشف الفيلم جانبا منها إلى اتهام صانعيه بالمبالغة والشطط، فالاعتراف
بالمشكلة هو أقصر الطرق للتعامل معها".
ودعا جماعة الإخوان وغيرهم من الإسلاميين للتركيز
على "تعميق العقيدة في نفوس الناشئة والشباب، وتوضيح طبيعة الصراع بين الحق
والباطل من خلال التركيز على الأخذ بالأسباب وفهم السنن الربانية الكونية
ومجاراتها، وتعريف الشباب بواقع المجتمع الذي يعيشون فيه وطبيعة التيارات الفكرية
والسياسية التي تتناوشه، مع الانفتاح أكثر على المجتمع".
وطالب بتجريد الخطاب الإعلامي من العدوانية الخارجة
عن الحدود الأخلاقية وطرح المشاكل بواقعية أكبر، والبحث عن المشترك وتقديم العام
على الخاص، والانحياز للقيم المجردة بعيدا عن المكاسب السياسية، وتكثيف المضمون
التفسيري لخيارات الإخوان السياسية والتكتيكية.
وأوضح المركز المصري للإعلام أن ما طرحه التقرير
بمنزلة خطوط عامة يمكن أن تتحول إلى "برامج تنفيذية من الآن فصاعدا، لتحصين
الشباب من صدمات الحوادث الكبرى وهروبهم إلى عالم التيه".