هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
اعتقلت قوات أمن الانقلاب بعض النشطاء اليساريين والأعضاء بحزب
"الكرامة"، الاثنين، وتم اقتيادهم لمكان غير معلوم، وذلك بعد يوم واحد من
مشاركتهم باحتفال الحزب بالذكرى الثامنة لثورة 25 يناير.
وقالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إن "قوات الأمن مستمرة
بدهس الدستور والقانون، عبر التوسع بالحملات البوليسية، التي كان ضحاياها الأخيرة القبض
على الطبيب اليساري جمال عبد الفتاح، -للمرة الثانية- والمحامي مهاب الإبراشي، والنشطاء
خالد بسيوني، وخالد محمود، ومصطفى فقير، فجر اليوم، واقتيادهم لمكان غير معلوم".
وربطت الشبكة الحقوقية بين حملة الاعتقال تلك وبين مشاركة هؤلاء النشطاء
باحتفال نظمه حزب الكرامة احتفالا بالذكرى الثامنة لثورة 25 يناير بمنطقة الدقي بالجيزة، الذي حاصرته قوات الأمن، وقامت باحتجاز المشاركين
فيه، وتصوير بطاقاتهم الشخصية قبل المغادرة.
وعبر صفحته الشخصية، نشر الناشط اليساري كمال خليل أسماء معتقلي اليسار
وقال: "بالأمس قامت حملة بوليسية، تم فيها اعتقال المناضل الاشتراكي الدكتور جمال
عبد الفتاح، وعدد من القيادات الشابة، أبرزهم عضو المكتب السياسي بحزب تيار الكرامة
عبد العزيز الفضالي، وأعضاء الحزب خالد بسيوني، وخالد محمود، ومهاب الأبراشي، ومصطفى
فقير (مستقل)".
الحملة الأمنية ضد اليسار تدعو للتساؤل حول أسباب توجه النظام للتنكيل
باليسار المصري الآن، وهل الأمر مرتبط فقط بذكرى ثورة يناير أم تستمر الاعتقالات.
خفض درجة الممانعة
وفي إجابته، قال الكاتب الصحفي جمال الجمل، إن "حملة اعتقالات
المحتفلين بثورة يناير ليست جديدة من حيث الأسلوب، فهي استمرار للقمع الأمني، واستهداف
نشطاء الكرامة والتحالف الشعبي تحديدا ينطلق من خبرة أمنية تعتمد على الحراك المعارض
للتنازل عن (تيران وصنافير)، حيث يمثل المقبوض عليهم علامة بارزة بالحراك الميداني
والمظاهرات الصغيرة التي أزعجت النظام كرد فعل على اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية
وما تلاها، وبعضهم سجن لهذا السبب".
الجمل أكد لـ"عربي21"، أن "ما يهمنا اليوم هو المؤشر
الذي تشير إليه حملة الاعتقال، وهو خفض درجة الممانعة لمحاولات تعديل الدستور، والتي
يمثل حزب الكرامة والمتحالفون معه نقطة مركزية بهذا الاتجاه، بعد البيان القوي لـ"الحركة
المدنية"، بما تضمه من أحزاب".
وأضاف: "وبالتالي، فإن آلة تكسير المعارضة المحتملة لتعديل الدستور بدأت بالدوران، وما هذه الحملة إلا بداية خبيثة لها؛ وبالتالي لا بد للمعارضة من
تصعيد وتنظيم درجة المواجهة، وضمان تأمين أفرادها؛ حتى لا تنتهي المعركة بخسارة المعارضة
ومكسب النظام كما حدث بمعركة (تيران وصنافير)".
وحول احتمال أن يدفع ذلك القمع بحق اليسار قادته لتقديم بعض التنازلات
والالتئام مع تيارت الإسلام السياسي، يرى الجمل أن "معظم اليسار التقليدي فسد
وارتبط بالتوجهات الأمنية".
وأكد أن "الرهان اليوم على الشباب الجديد، الذي يدمج اليسار مع
الليبرالية مع التوجهات الوطنية والأخلاقية العامة. أما يسار الراحل رفعت السعيد ويسار
أروقة الأجهزة الأمنية، فقد تعفن ورائحته تزكم الأنوف".
"سلوك ممنهج"
من جانبه، أكد الكاتب اليساري حسن حسين، أن "ما يفعله النظام الحاكم
بمصر ليس مجرد حالة عارضة تخص الاحتفال بثورة 25 يناير، بل هو سلوك ممنهج للقضاء على
أي أصوات معارضة، ومحاولة لتكميم الأفواه بشكل مطلق، وإرهاب المجتمع بأسره، وإغلاق
كامل لفضاء المعارضة الحزبية، وخاصة اليسارية والتقدمية منها، لأنها لم تستسلم حتى
الآن، لا لإغراءات النظام ولا لتهديده".
حسين، يرى بحديثه لـ"عربي21" أن هذه الحملة ضد اليسار أبدا
لن تدفع رموزه لتقديم أي تنازلات، إما للنظام أو بالتقارب مع تيارات أخرى كالإخوان،
قائلا: "لا هذا ولا ذاك، فاليسار نفض يده تماما من الاقتراب من جماعة الإخوان وأي جماعات إسلام سياسي، ولا يستطيع تقديم أي تنازلات لسبب بسيط جدا، هو أنه لا يملك
ما يقدمه".
وأكد أن "حال اليسار لا يختلف كثيرا عن حال كافة مؤسسات المجتمع
المدني، حيث يعاني من ضعف البنية الهيكلية على كل المستويات الفكرية والتنظيمية والسياسية،
ويحتاج إعادة تأسيس بمقومات عصرية وشعبية وتقدمية".
"عبرة السايب والمربوط"
وعلى الجانب الآخر، يرى الكاتب اليساري أشرف الريس، أن "كل شيء
متوقع الحدوث"، مضيفا لـ"عربي21"، أن "النظام يتبع أسلوب ضرب المربوط
ليكون عبرة للسايب، سواء في ذكرى يناير أو أيام أخرى".
وقال: "ربما يضطر اليسار مُرغما في التعاون مع أي تيار حتى لو
كان تيارا شيطانيا، وليس دينيا (سلفيا أو إخوانيا) فحسب"، مضيفا: "وهو ما لا يُحمد
عُقباه وما لا نتمناه مطلقا؛ لأنه محفوف بمخاطر لا حصر لها".
"مصلحة النظام والدولة والشعب"
حملة اعتقالات اليسار دفعت رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الأسبق، أحمد
النجار، للتساؤل قائلا: هل يُعقل القبض على شباب حضروا حفلة فنية للاحتفال بثورة احتفل
بها الرئيس نفسه؟ وهل يعقل اعتقال رجال وطنيين كالسفير معصوم مرزوق، والدكتور رائد
سلامة، والدكتور يحيى القزاز، وشادي الغزالي حرب، وغيرهم الكثيرين، حتى لو كانت آراؤهم
مناقضة لتوجهات النظام؟".
وقال: "مصلحة النظام والدولة والشعب تقتضي أقصى درجة من رحابة
الصدر واحترام الحريات بالتعامل مع المعارضين السلميين؛ لأن تقييد براح الحرية لا يصنع
سوى استقرارا ظاهريا مؤقتا، ويؤدي لتمدد فضاء الاحتقان والعنف".