هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد خروج المعتقلين من السجون المصرية وبعد محاولتهم تجميع شتات أنفسهم، يبدأون تدريجيًا بالرجوع إلى الفضاء الأزرق، ونشر عدد من شهاداتهم على الرعب الذي شهدوه في المعتقلات.
أحد أولئك المعتقلين هو أحمد حسن والشهير بـ"استاكوزا" والذي نشر أحد تلك المواقف عبر حسابه بـ"فيس بوك"، متناولا يومًا واحدًا فقط في استقبال سجن 15 مايو.
استهل أحمد شهادته بقوله: "20 كانون الثاني/ يناير 2016 سيظل يوم من أسوأ وأثقل الأيام على قلبي إن لم يكن أكثرهم سوءًا وثقلًا، ذلك اليوم كل دقيقة فيه محفورة في ذاكرتي بكل تفاصيلها مهما حاولت نسيانها".
وتابع: "في 20 كانون الثاني/ يناير 2016 كنت في قسم عابدين وكان في ذلك اليوم كان رئيس الصين يزور مصر والسيسي كان بيستقبله في قصر عابدين، وقسم عابدين (مكان احتجازنا الذي في ظهر القصر مباشرة) قرر أن ينقلنا إلى سجن 15 مايو كإجراء من إجراءات التأمين مع مجموعة من الجنائين المحبوسين في القسم".
وأضاف "استاكوزا": "هذه الترحيلة كانت أسوأ وأسخف الترحيلات التي رأيناها في وقت حبسنا، رغم إننا شفنا كثيرًا من البلاء، إلا أن هذه الترحيلة بكل تفاصيلها كانت قاسية جدًا، في هذه الترحيلة قعدنا في عربة الترحيلات أكتر من 10 ساعات، 28 شخصا بحقائبهم وفرشهم، وكان في تلك الساعات يقوم ضابط الترحيلة يفاوض مدير السجن لكي ننتقل إليه، وذلك لأنه خايف مننا".
وأردف حسن تفاصيل مما وصفه النشطاء لاحقًا بـ "لمحات الرعب"، فقال: "لما نزلنا من عربة الترحيلات ضربوا رجل كبير اسمه عم عادل كان معنا من قسم عابدين، الرجل لم يسكت على ضربه فصاح فيهم، فمخبري وضباط السجن ضربوه وهرسوه حرفيًا على الأرض وأبرحوه ضربًا بالأقدام و"الشلاليط" والوقوف عليه حتى أن معالم وجهه ضاعت تماما".
اقرأ أيضا: معتقلون مصريون سابقون يتحدثون لـ"عربي21" عن السجون الأسوأ
وتابع: "الضرب كان وحشي لدرجة أن ضابط الترحيلة الذي جاء معنا من قسم عابدين اعترض على ضباط السجن، فضابط مباحث من ضباط السجن قال له أنت ماذا أدخلك هنا بسلاحك؟ اخرج للخارج" وأخرجوه فعلًا وأكملوا ضرب في عم عادل".
وأضاف أيضًا: "ثم وجدنا شخصا قصيرا مرتديا زيا مدنيا (عرفنا بعدها أنه رئيس مباحث السجن) جاء بخطوات سريعة وقوية يقول لهم ماذا هناك؟ فحكوا له، فقال لهم ابتعدوا، للحظات قليلة ظنناه سينقذ الرجل من أيديهم، فوجدناه يقفز على مقعد جوار عم عادل وينزل عليه قافزًا بكل قوته على وجهه، ويلقى مادة الفلفل الحارقة على عينيه ووجهه المليء بالدم لدرجة إننا ظننا أن عينيه فقعتا، ثم وجه لنا الكلام بلهجة بلطجية الأفلام وقال لنا "حد ليه شوق في حاجة؟".
وعن خوفه هو وبقية المعتقلين قال استاكوزا: "خلال كل هذا جميعا كنا ننظر في الأرض بأوامرهم لأن الذي كان يفكر ينظر على حفلة الضرب حتى من غير أن يعترض، كانت الحفلة ستتنقل عليه".
وعن مشاعره آنذاك قال: "هذه كانت من أكتر اللحظات التي أحسست فيها بالعجز في حياتي، يوم الترحيلة ذاك أمي انهارت في الشارع أمام القسم لما عرفت أننا تم ترحيلنا بعد ما كنا غادرنا القسم بحوالي 8 ساعات ورفضوا أن يقولوا إلى أين ذهبوا بنا ليطمئنوا ذوينا".
واختتم شهادته بقوله: "في آخر هذا اليوم لما نادوا على أسماء الذين تم رفضهما من السجن قبل الذين تم قبولهم، وأنا وطاهر وعم عادل كنا منهم، كان سيحدث لي شيء من الرعب حتى قالوا أن من تم النداء على أسمائهم يدير وجهه ناحية الباب وقتها أحسست أني ولدت من جديد، ونحن عائدين على القسم كنا فرحين ونحتفل كأننا أخذنا إخلاء سبيل، ولا كأننا قضينا فوق العشر ساعات في عربة الترحيلات وفوقهم ساعتين داخل مكان من أكثر الأماكن وحشية".
شهادة استاكوزا لاقت تفاعلا بين النشطاء الذين وصفوها بأنها "لمحة من لمحات الرعب داخل السجون المصرية"، بينما طالبه أحد المعتقلين السابقين ويدعى شافعي بالنسيان وقال: "أتمنى إنك تنسي كل هذا يا استاكوزا ، رغم أن النسيان صعب .. سأظل أدعى أنك تنسي وأنسى أنا أيضًا ذكريات سجني ، حاول تستمتع بحياتك ، كل الحُب".
وكان مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان علاء عبد المنصف قد أكد في تصريح خاص لـ"عربي21" أن أعداد المعتقلين في مصر تصل إلى نحو 90 ألف معتقل سياسي مع وجود توثيقات لهؤلاء جميعهم ممن دخل المعتقلات والسجون ومن خرج خلال السنوات السبع السابقة.
اقرأ أيضا: مصر.. معتقلون في طي النسيان و"عربي21" ترصد معاناتهم
وأضاف عبد المنصف أن هناك ضياع تام للحقوق والحريات بشكل ممنهج ومتعمد وواسع الانتشار في مصر منذ انقلاب 3 يوليو/ تموز 2013، وأن حقوق الإنسان في مصر أضحت ترف فكري لدى مؤسسات الدولة.