الغنوشي يحسم موقفه من الترشح لرئاسة الجمهورية (شاهد)

حسم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي موقف من الترشح للانتخابات الرئاسية، لينهي جدلا تواصل بين أنصاره وخصومه، وذلك خلال محاضرة ألقاها اليوم في العاصمة بعنوان: "مسار الثورة بعد حصيلة ثماني سنوات، رؤية واستشراف".

وقال زعيم الحركة أنه "ليست لديه أي طموحات شخصية للوصول إلى كرسي الرئاسة بقصر قرطاج".
ولفت إلى أن "الثورة التونسية جازته جزاءا وفيا وكريما بعد أن ردته إلى وطنه مكرما معززا إلى أهله ووطنه ولا يطلب منها غير ذلك".

ورجح مقابل ذلك، أن تدعم حركته مرشحا توافقيا خلال الانتخابات الرئاسية القادمة، مشددا على حرص النهضة إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده المقرر نهاية 2019.

ويأتي هذا الموقف بعد أيام من تصريح للقيادية في الحركة يمينة الزغلامي، قالت فيه إن "راشد الغنوشي له كل المؤهلات أن يكون رئيسا للجمهورية".

خيار التوافق

وجدد الغنوشي خلال المحاضرة تمسكه بالتوافق كخيار استراتيجي في تونس للحفاظ على مسار الانتقال الديمقراطي في تونس رغم القطيعة التي أعلنها السبسي وحزبه نداء تونس مع النهضة.

وتابع: "نحن من جهتنا لم نعلن يوما أن التوافق انتهى مع رئيس الدولة ونحن متمسكون بها لأن تونس تحتاجها".

وشدد مقابل ذلك، على تمسك الحركة بعدم تغيير حكومة يوسف الشاهد، وهو مطلب أساسي كان دعا له السبسي ونداء تونس ومثل النقطة التي عجلت بالقطيعة بين الحزبين الحاكمين.

وفي هذا الإطار، اعتبر القيادي في نداء تونس رمزي خميس في تصريح لـ"عربي21" أن  الغنوشي واهم حين تحدث عن تواصل التوافق مع الرئيس ومع حزبه نداء تونس.

وأضاف :" لن نلدغ مرتين من ذات الجحر، وقد اضطررنا سابقا لمد يدنا في يد الحركة لأجل مصلحة تونس وأصابنا ما أصابنا من وهن وضعف وتداعيات سلبية نحاول ترميمها بعد القطيعة في خضم استعداداتنا لمؤتمرنا الانتخابي الأول".

وأوضح القيادي في نداء تونس، أن ترشح الغنوشي  للرئاسة من عدمه، أمر يتعلق بالحركة ولا دخل لنداء تونس في ذلك، لافتا إلى أنه حتى لو ترشح للرئاسة فستكون حظوظه ضئيلة جدا.

توظيف سياسي

على صعيد آخر، استنكر الغنوشي خلال المحاضرة التي ألقاها ما أسماه بالتوظيف السياسي لحركة الجبهة الشعبية –تكتل أحزاب يسارية معارضة- لقضية اغتيال القياديين اليسارين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، داعيا خصومه للكف عن توجيه الاتهامات الباطلة والمحاكمات التلفزية.

ورأى الغنوشي أن خصومه في الجبهة يعمدون إلى  التشويش على القضاء والضغط عليه وابتزازه في قضية ما بات يعرف ب"الجهاز السري" لحركة النهضة وتورطها في الاغتيالات السياسية في البلاد.

وحذر مما أسماه "زرع البعض للألغام من أجل تعطيل الانتخابات أو الوصول للانتخابات بدون حركة النهضة  من أحزاب فشلت في منافسة النهضة خلال الانتخابات وليس لديها من برامج تقدمها سوى تشويه الحركة".

واعتبر المحلل السياسي والإعلامي محمد بوعود في تصريح لـ"عربي21" أن الغنوشي لم يقطع الأمل يوما في استمرار التوافق مع السبسي وحزبه لكنه قد يكون أراد في وقت ما أن يراهن على الجواد الرابح حين ظن أن الرئيس قد انتهى سياسيا وبأن البديل القوي هو رئيس الحكومة يوسف الشاهد".

وأوضح بوعود  أن حرص الغنوشي على التوافق في الحكم مع أي حزب هو سياسة متبعة من الحركة رغبة منها في عدم الحكم بمفردهم وتحمل تبعات ذلك، لافتا إلى أن التوافق مع السبسي كان قد أعطى للنهضة نوعا من الحصانة السياسية.

ولفت إلى أنه منذ إعلان السبسي القطيعة مع النهضة بدأ الحديث يتصاعد  عن مابات يعرف ب"الجهاز السري" لحركة النهضة وتورطه في الاغتيالات السياسية وهو ما لم يكن سابقا خلال فترة التوافق.

وأكد أن نفي الغنوشي الترشح للانتخابات الرئاسية ليس تعففا عن السلطة بقدر ما هو خوف من أن يلقى ذات مصير الرئيس المصري المعزول محمد مرسي.

وأقر بأن النهضة هي الحاكم الفعلي لتونس والمتمسك بخيوط اللعبة السياسية لكن من وراء أحزاب أخرى تتصدر الواجهة.

يشار إلى أن تونس تستعد لإحياء الذكرى الثامنة  لاندلاع الثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس المخلوع بن علي وسط موجة من التوتر السياسي والاحتقان الاقتصادي والاجتماعي.