هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "بوليتيكو" تقريرا للصحافي ديريك روبرتسون قال فيه يوم الثامن والعشرين من آب/ أغسطس كان يوما جيدا للرئيس ترامب.
وقال إنه عندما أغلق باب التصويت في الانتخابات الجمهورية النصفية التمهيدية في فلوريدا وأريزونا حيث كان تحالف ترامب يحقق تقدما بما في ذلك حليفه؛ رون دي سانتس، الذي حصل على ترشيح الجمهوري لحكم ولاية فلوريدا.. في تلك الليلة كان بوسع ترامب أن يذهب إلى النوم بهدوء، وقد حصل على فوز صغير، لكنه لم يفعل، بل شعر أنه يجب عليه التعبير عما يختلج في صدره.
عندها بدأ بالتغريد في الدقيقة الحادية عشرة بعد منتصف الليل محققا خلال الأربع وعشرين ساعة القادمة أكبر عدد من التغريدات خلال العام، حيث غرد 22 مرة، فزاد عن 20 و21 تغريدة التي سبق وأن بلغها في يوم واحد.
وقد حقق الرئيس أكثر من نصيبه العادل في التغريدات التي تستحق الانتباه على تويتر هذا العام. فقد استخدمه لإقالة وزراء في حكومته واستخدمه لتهديد الرئيس الإيراني حسن روحاني (بأحرف كبيرة). وتبجح بإمكانية هزيمة نائب الرئيس السابق جو بايدين "بسرعة وبصلابة". وفي ذلك اليوم - بعد ثلاثة أيام فقط من وفاة ماكين وانشغال واشنطن بالتحضير لجنازته التي لم يُدع إليها ترامب - لم يتبجح ترامب بالحديث حول حجم مفتاح التحكم بسلاحه النووي أو عن كونه "عبقريا ومستقرا جدا"، أو عبر الاستخفاف بأحد أعضاء الكونغرس بالحديث "مستوى ذكائه المتدني"، وكل تلك التغريدات على قائمته لعام 2018.
لكن يوم 29 آب/ أغسطس كان يوما وصل فيه ترامب إلى الذروة، إذ أفرغ ما في حقيبته السيكولوجية على تويتر. حيث قام بالطعن بالمؤسسات الأمنية والإعلام والمنافسين التجاريين وهيلاري كلينتون. كما أظهر ذلك اليوم حقيقة أنه عندما يصل الأمر حد التنفيس على منصات التواصل الاجتماعي، فإنه يفقد السيطرة على نفسه.
البعض يلجأ لتناول كأس زهورات أو يأخذ كتابا جيدا ليسترخي قبل النوم. وقد يظن البعض أن ترامب وبعد مهاجمته في وقت متأخر من الليل لبروس أوهر (المسؤول في وزارة العدل) سيسترخي كي يجهز نفسه ليوم جديد من عمله كرئيس، ولكن تلك الفرضية ليست صحيحة، فبعد أقل من نصف ساعة غرّد عن فوز مارثا ماكسالي في الانتخابات الأولية في أريزونا، حيث ضرب عصفورين بحجر حول نتائج تلك الانتخابات بالإضافة لتوجيه ضربة للسيناتور المغادر جيف فليك الذي يعتبره خصما.
وبعد سبع ساعات و16 دقيقة عاد لاستئناف مونولوجه الرئاسي بالحديث لمتابعيه البالغ عددهم 60 مليون متابع تقريبا، فغرد عن فوز رون ديسانتيز في الانتخابات الاولية الجمهورية، وهاجم المرشح الجمهوري لحكم ولاية فلوريدا، أندرو غيلام واصفا إياه بالشيوعي الفاشل.
اقرأ أيضا: ماذا قال ترامب في أول تغريداته بعد رأس السنة؟
وكان برنامج ترامب في ذلك اليوم خفيفا ويتضمن إحاطة من المخابرات الساعة 11:30 صباحا وإعلان عن منحة فيدرالية لـ"مجتمعات خالية من المخدرات" في الساعة 2:30 مساء، واستقبال في البيت الأبيض لجمعية التاريخ في المساء. وبدأ يومه كالعادة مع أصدقائه في قناة "فوكس نيوز".
ثم غرّد حول موضوع تناولته "فوكس نيوز"، ويتعلق بالمصادر المجهولة حيث قال إن تلك المصادر المجهولة تخرّب الإعلام واستشهد بتغريدة للقناة حول أن مصادر مجهولة كثيرة هي في الواقع غير موجودة.
وكانت تلكما التغريدتان 6 و7 من ذلك اليوم، وكان الوقت قبل الساعة التاسعة صباحا.
وبعد مدح ماكسالي مرة أخرى والصمت لمدة ساعة ونصف، ربما لتناول إفطار متأخر، غرّد ترامب في العاشرة والنصف لتأكيد استقالة محامي البيت الأبيض دون ماكغهان، الذي كشف في وقت سابق من ذلك الشهر بأنه تعاون مع المحقق الخاص روبرت مولر.
وفي الساعة 10:56 غرّد عن الوضع الاقتصادي الرائع للبلد، ثم تبع ذلك بهجوم آخر على بروس أوهر وعملية "التصيّد"؛ في إشارة إلى التحقيق في تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وفي الساعة 11:30 صباحا تلقى إحاطة من المخابرات، وقضى بقية وقت ما بعد الظهر في الإعلان عن برنامج مكافحة المخدرات، وسأله الصحفيون عن استقالة ماكغهان، فرد بأنه كان "شخصا جيدا في الحقيقة".
وبعد يوم طويل من التعامل مع "الأخبار الكاذبة"؛ قام بالتنفيس عن نفسه قبل الساعة الخامسة مساء بدقائق بتغريدة من أغرب تغريداته، حيث شارك فيديو غامض يكرر الادعاء بأن غوغل لم تروج لخطابه حول "حالة الاتحاد"، كما فعلت مع خطاب أوباما، وغرّد ترامب بالفيديو ومعه عبارة "توقفوا عن الانحياز". وجاء نشر هذا الفيديو بعد تغريدات في اليوم السابق أعلن فيها الرئيس أن غوغل وغيرها من مصادر الأخبار صممت أنظمتها لنقل الأخبار "السيئة" فقط عن ترامب.
وبعد ذلك الفيديو، شارك ترامب ببيان رسمي غير عادي من البيت الأبيض. وكان ذلك البيان جزءا من جهود ترامب لتخفيف التوتر النووي على شبه الجزيرة الكورية وتخفيف التواجد العسكري الأمريكي هناك، وتحدث عن العلاقات "الدافئة والجيدة جدا" مع دكتاتور كوريا الشمالية كيم جونغ أون.
وقبل موعده الساعة 6:43 مساء لاستقبال جمعية التاريخ؛ قام بمهاجمة المراسل كارل بيرنستاين بسبب تقرير له منذ أكثر من شهر حول تعاون محامي ترامب السابق مايكل كوهين مع المحقق الخاص.
وبعد إنهاء مهامه وفي الساعة 8:30 مساء، عاد ترامب عد 15 دقيقة للحديث عن تقرير "فوكس نيوز" الذي بدأ به صباحه واستشهد بتعليق للصحافي بريت بير (من ذات القناة) على أحد تقارير "سي إن إن"، حيث اعترف لاني ديفيس بأنه المصدر المجهول في التقرير بعد أن كانت "سي إن إن" قد أنكرت كونه المصدر المجهول.
ثم استشهد مطولا بأقوال معلق "فوكس نيوز" غريغ جاريت، على مدى تغريدتين حول "الملف المزور" (في إشارة إلى ملف التصرفات المحرجة التي جمعها عميل المخابرات البريطانية السابق كريستوفر ستيل)، وحول أعمال أوهر الشريرة، قبيل الساعة العاشرة مساء. أما تغريدته رقم 22 في ذلك اليوم فكانت للترويج لمقال في موقع "بريتبارت" يروّج للمديح الذي كاله له مغني الراب الأمريكي كاني ويست.
وبذلك يكون ترامب قد بدأ وأنهى يومه برد فعل على إعلام فوكس نيوز الذي يتغذى منه، والذي يقوّي قاعدة مؤيديه.
ويبقي الحوار جاريا على تويتر (والمداخيل ترتفع). وأصبح الأمر يشبه أحجية البيضة والدجاجة، فهل ترامب هو الذي يؤلف محاور النقاش أم أن محاور النقاش هي التي تؤلفه؟