علوم وتكنولوجيا

حين يتحول "الواتساب العائلي" إلى كابوس

تساءل أخصائي عن كيفية تمكن شاب من بناء حياته الخاصة كشخص بالغ، إذا ما انفك أقرباؤه عن تفقد أحواله كل ساعة؟ - جيتي
تساءل أخصائي عن كيفية تمكن شاب من بناء حياته الخاصة كشخص بالغ، إذا ما انفك أقرباؤه عن تفقد أحواله كل ساعة؟ - جيتي

نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على تحول الواتساب العائلي إلى مصدر إزعاج حقيقي، خاصة حين يتلقى أحدنا عددا هائلا من الرسائل النصية القصيرة والإشعارات الكثيرة.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أشخاصا كثرا يُعانون من سلبيات الواتساب العائلي، كما هو الحال بالنسبة للطالب الفرنسي ألكساندر الذي وردته على حسابه على الواتساب حوالي 4585 رسالة نصية خلال أقل من شهر، التي لم يفتحها إلى حد الآن.

وأشار ألكساندر إلى تلقيه ما يتراوح بين 200 أو 300 رسالة بصفة يومية من طرف عائلة والدته. كما أكد على أن تلقي إشعارات كل دقيقة أمر يُسبب له إزعاجا حقيقيا.

 

وقال الطالب البالغ من العمر 23 سنة: "يرغب جميعنا في لقاء أقربائهم وأصدقائهم، لذلك، ليس هناك أي حل لتعزيز التواصل سوى الواتساب".

 

ويستعمل كل فرد من أفراد العائلة تطبيق الواتساب لينقل ما حدث معه خلال يومه ويُوثقه عبر إرسال فيديو، على غرار ذاك الذي يعرض أولى خطوات ابن الأخ، أو صورا أخرى لخروج ابن العم للقيام بنزهة، أو تسجيل صوتي للحفيد الذي تعلم أخيرا نطق كلمة "بابا".

وأردفت الصحيفة أنه حين يتلقى أحد أفراد العائلة طلب إضافة للانضمام إلى المحادثة الجماعية، يجد نفسه مجبرا على المشاركة فيها.

 

وعادة ما يناهز عدد الأعضاء المنخرطين في هذه المحادثة الجماعية 15 شخصا. وفي أغلب الأحيان، يتم إنشاء هذه المحادثات العائلية الجماعية في إطار الاحتفال بمناسبة ما، مثل عيد الميلاد، مع ذلك تستمر هذه المحادثات حتى بعد انقضاء هذه المناسبة.


اقرا أيضا :  "واتس اب" يمنح مديري المجموعات ميزة جديدة.. تعرف عليها


ووفقا لأخصائي علم النفس، ميشال ستورا، هناك نظام خاص على الواتساب يُرغم المرء على التفاعل مع غيره.

 

وحتى لا يشعر بالإزعاج، عمل الطالب ألكساندر على إغلاق الإشعارات التي ترده عقب المحادثات الجماعية التي تراكمت رسائلها منذ بضعة أسابيع، مشيرا إلى أن "هذه الإشعارات تصلني بطريقة متتالية، ولا يمكن للفرد أن يقرأ كل الرسائل الواردة. لقد أصبح الأمر مزعجا للغاية".

ونقلت الصحيفة عن ألكساندر أنه "يُوجه البعض لي اللوم أحيانا بسبب عدم التفاعل مع رسائلهم النصية، ولكنهم يجدون لي الأعذار فيما بعد".

 

في الواقع، يمكن أن تنتج عن هذا التجاهل مشاكل عائلية، مثل عدم الإجابة عن 25 رسالة نصية بعثت بها أم ينتابها القلق، أو تجاهل رسائل العمة الغاضبة التي لم تلق التفاعل المطلوب عندما أشادت بمجهودات ابن أخيها الحاصل على شهادة الثانوية العامة.

وفي الإطار ذاته، أشار ميشال ستورا إلى "الهشاشة النرجسية" التي يعاني منها بعض الآباء، الراغبين في الحفاظ على "رابط أبدي" بينهم وبين أبنائهم، بنيّة "الاطمئنان" عليهم بشكل مستمر.

 

وتساءل هذا الأخصائي قائلا: "كيف سيتمكن شاب من بناء حياته الخاصة كشخص بالغ، إذا ما انفك أقرباؤه عن تفقد أحواله كل ساعة؟ فإلى حد الآن، لا زال هناك أجداد يتصرفون مع أبنائهم البالغين كما لو أنهم لا زالوا أطفالا، عبر التعليق على اختياراتهم بصفة يومية.

 

وإذا تحول هذا الوضع إلى معاناة حقيقية بالنسبة للشاب، فهذا يدل على وجود مشكلة أعمق يستوجب حلها، وتتطلب استشارة طبيب مختص أو أخصائي نفسي".

 

اقرا ايضا :  فيسبوك يضيف أيقونة واتس أب على تطبيقه للهواتف


وتحدثت الصحيفة عن إيلين (اسم مستعار)، البالغة من العمر 24 سنة، التي قررت وضع إشعارات المحادثات العائلية على الواتساب في الوضع الصامت.

 

وفي هذا السياق، أفادت إيلين أنه على الرغم من اتخاذها هذه الخطوة، إلا أنها تتلقى الرسائل النصية القصيرة، في حين أنها لا ترغب حقا في ذلك.

 

وصرحت إيلين أن كل أفراد العائلة يتفاعلون مع بعضهم البعض على تطبيق الواتساب، من خلال الحديث عن مشاكلهم وذكرياتهم المؤلمة.

وفي الختام، تساءلت الصحيفة عما يمنع بعض الأشخاص من الانسحاب من مجموعة المحادثة الجماعية.

 

في الحقيقة، يرى البعض أن محادثات الواتساب هي الوسيلة الوحيدة التي تسهل تواصلهم مع بقية أفراد العائلة.

 

من جهته، يرى ألكساندر أنه "في حال لم أفتح التطبيق، سيفوتني حدث ما في العائلة وسأشعر بالندم الشديد على ذلك فيما بعد".

التعليقات (0)