هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أجمع محللون، وخبراء، ونواب فلسطينيون على أن إقدام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على حل المجلس التشريعي، سيؤدي إلى مزيد من الانقسام، وسيعمق فكرة فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، كونه (التشريعي) يمثل تواصلا معنويا بين "شطري الوطن".
وأطلق رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، تصريحا السبت، قال فيه إنه سيعلن "قريبا" حل المجلس التشريعي الفلسطيني.
ورأى الخبير والمحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري، أن هذا التصريح الذي أطلقه عباس سيؤدي إلى تفاقم الانقسام، وسيحوله إلى انفصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأضاف المصري في حديث لـ"عربي21"، أن قرار عباس المرتقب سيدفع إلى ردود فعل متبادلة بين طرفي الانقسام (حماس وفتح)، كأن تقدم حماس على عقد جلسة للتشريعي في غزة، وتسحب عبرها الشرعية من عباس وتقوض صلاحياته، فيما سيرد عباس على هذه هذه الخطوة أيضا باتخذا مزيد من الخطوات العقابية ضد قطاع غزة كإنهاء كافة أشكال العلاقة الاقتصادية بين الضفة غزة في إطار "قفزة إلى الجحيم".
واعتبر الخبير الفلسطيني أن تهديد عباس يعني أن الانقسام وصل إلى لحظة استعصاء شديدة جدا، مشددا على ضرورة الحاجة لطرف ثالث سواء خارجي أو داخلي، لاحداث تغيير على هذه الحالة المتصلبة.
وتابع: "المواقف متعنتة من الطرفين خاصة الرئيس عباس، والذي يطالب حماس بالتسليم الكامل لكل مقاليد الأمور في غزة، وهذا بالطبع مستحيل، لأن حماس في المقابل تريد الحصول على مكاسب، ولا تريد الخروج من المولد بلا حمص".
وحذر المصري من تدعيات القرار المرتقب على مجمل النظام الفلسطيني العام، وقال إن خطوة من هذا النوع ستسرع في تآكل النظام الفلسطيني، والمستفيد من ذلك هو الاحتلال، الذي يعمل على تصفية القضية بكل أريحية، فيما الفلسطينيون غارقون في خلافاتهم الداخلية.
بدوره، قال المحلل السياسي أكرم عطالله إن المجلس لم يعقد قائما فعليا، لكن بقاءه يمثل تعبيرا عن استمرار التواصل المعنوي بين الضفة وغزة، وأضاف: "عندما يقال المجلس التشريعي، فإن ذلك يعني الضفة وغزة، وحله يعني انفصال تام بين الشطرين".
ورأى عطالله في حديث لـ"عربي21" أن قرار عباس متعجل ويحتاج لتأني وإتاحة الفرصة لمساعي المصالحة، لكنه حال تطبيقه، فإنه يمثل استفادة مجانية للاحتلال.
وتابع: "حل المجلس إذا كان في اطار توافق فصائلي، وضمن ترتيبات لإعادة السلطة لغزة، فلا مشكلة في ذلك، ولكن الاقدام على هذه الخطوة في ظل تأزم الانقسام والخلاف في الشارع الفلسطيني، فإن خطوة كهذه ستترك آثارا سلبية على العلاقة بين مكونات الشعب الفلسطيني، وستزيد الفصل بين جناحي الوطن، وهذا يعكس وصول المصالحة إلى طريق مسدود.
من جهته، قال خبير القانون الدولي، وليد الحمامي إن القانون الأساسي الفلسطيني واضح في تحديد فترة المجلس التشريعي والرئاسة والمحددة في 4 سنوات فقط، ولذلك فان الرئاسة والمجلس التشريعي هما الآن في حكم المنتهي بحكم القانون الفلسطيني، لأنه تعذر إجراء الانتخابات بعد انقضاء الفترة المحددة.
اقرأ أيضا: عباس يعلن أنه سيحل المجلس التشريعي "قريبا"
ولفت الحمامي في حديث لـ"عربي21" إلى أن ما يجري هوا انعكاس لتأزم الحالة السياسية بين فتح وحماس، ويأتي كنتيجة للانقسام الذي أصاب جسم المؤسسة الدستوية الفلسطينية.
وأشار إلى أن المجلس التشريعي سيد نفسه فيما يتعلق بمراقبة السلطة التنفيذية، واصدار القوانين بشكل متسلسل، ويعتبر هو المشرع الوحيد، إلا في حالات استثنائية يحق فيها للرئيس إصدار القوانين في حالة عدم انعقاد التشريعي، وهو ما يحصل الآن.
وأوضح الحمامي أن عباس يأخذ على المجلس التشريعي أنه لا يصادق على قرارته التي يتخذها، والتي ينص القانون فيها على ضرورة حصولها على موافقة التشريعي، لافتا إلى أن القانون الفلسطيني يقول أن لرئيس السلطة الحق في اتخاذ القرارات على أن تعرض على المجس التشريعي في أول انعقاد له، ولكن منذ 2007 إلى الآن لم يعقد التشريعي للنظر في كل القرارات التي اتخذها الرئيس عباس، ولذلك هناك تعقيد قانوني في كل ما نتج عن تعطيل دور المجلس التشريعي".
في السياق ذاته، أكد النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي حسن خريشة أنَّ حل المجلس التشريعي سيؤدي بالحالة الفلسطينية لانفصال حقيقي وواقعي، مشيرا إلى أن تصريحات رئيس عباس في هذا الاتجاه "مكررة"، وتأتي في إطار المنكافات السياسية.
وأوضح خريشة في حديث لـ"عربي21" أن الخطوة تفتقد إلى القانونية والشرعية، كون المجلس التشريعي هو سيد نفسه، والقانون الأساسي كفل وجوده حتى انتخاب مجلس تشريعي جديد.
اقرأ أيضا: دويك يحذر من أي قرارات "باطلة" تستهدف التشريعي
ولفت خريشة إلى أن الأصل أن يدعو عباس إلى اجراء انتخابات عامة بدلاً من حل المجلس التشريعي المنتخب، وإذا حصل ونفذ تهديداته فهذا يعني "أننا بتنا نهدم مؤسساتنا الشرعية بأيدينا،خاصة وأن التشريعي تربطه علاقات متينة مع برلمانات العالم كونه الجهة المنتخبة التي تمثل الشعب".