صحافة دولية

الغارديان: هل ستتعافى العلاقات البريطانية الإماراتية قريبا؟

الغارديان: العلاقات البريطانية الإماراتية تحتاج لوقت لتتعافى من قضية هيجز- تويتر
الغارديان: العلاقات البريطانية الإماراتية تحتاج لوقت لتتعافى من قضية هيجز- تويتر

نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها للشؤون الدبلوماسية باتريك وينتور، يبحث فيه الوقت الذي تحتاجه العلاقات البريطانية الإماراتية لتتعافى من قضية طالب الدكتوراه ماثيو هيجز.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن وزير الخارجية البريطانية جيرمي هانت أعطى نظيره الإيراني في الأسبوع الماضي نسخة من كتاب "الطريق الطويل إلى الحرية" لنيلسون مانديلا؛ ليمنحه للسجينة البريطانية الإيرانية نازنين زغاري- راتكليف، المعتقلة في طهران، لافتا إلى أنه أسلوب التقطه من رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر، التي أعطت كتبا عن الحرية للقادة السوفييت، مثل أندري كروميكو، ليعطيها إلى المعارض أندريه سخاروف، التي كانت تطالب بالإفراج عنه.

ويقول وينتور إن هانت بدأ في منتصف الأسبوع الماضي التفكير بالبحث عن نسخة أخرى ليعطيها للقادة الإماراتيين ليقدموها بدورهم إلى السجين هيجز، الذي حكمت عليه محكمة إماراتية حكما بالسجن المؤبد، فشعرت وزارة الخارجية بالصدمة الحقيقية من الحكم القاسي ضد هيجيز، الذي جاء على خلاف التأكيدات التي تلقاها هانت شخصيا من المسؤولين الإماراتيين. 

 

وتلفت الصحيفة إلى أن هناك خشية داخل وزارة الخارجية من ربط قضية هيجيز بالخلافات المتزايدة بين بريطانيا والتحالف السعودي الإماراتي في اليمن، مشيرة إلى أنه تم الضغط على السعوديين من أجل الموافقة على وقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة، إلا أن مقاومة للمشروع بدت من الرياض وأبو ظبي. 

ويقول الكاتب: "ربما كان الحكم إشارة لرفض المسؤولين في البلدين لمواقف هانت الرافضة استبعاد إمكانية تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، فهل أصبح هيجز الذي اعتقل في أيار/ مايو أداة ضغط سياسية بالطريقة ذاتها التي تحولت فيها زغاري- راتكليف في إيران؟".

ويستدرك التقرير بأنه رغم تأكيد السفير الإماراتي في لندن علي المزروعي، أن القضية ليست بهذه الطريقة، وأن هذه المخاوف ليست في محلها، إلا أن شيئا ما حدث وترك ليتفاقم، وتم تسليط الضوء على النظام القضائي الإماراتي، وطريقة التعامل مع الحرية الأكاديمية، وصورة الإمارات بصفتها قوة ناعمة في منطقة الخليج، التي يمكن لبريطانيا الاعتماد عليها واعتبارها حليفا.

 

وتجد الصحيفة أن هناك حسابات أخرى برزت، فالإمارات لا تزال موالية لولي العهد لمحمد بن سلمان، ورحبت به من خلال إطلاق 21 قنبلة من المدفع عندما زار أبو ظبي نهاية الأسبوع، إلا أن الإمارات أخبرت أنها ستوضع في الصندوق الديكتاتوري ذاته الذي وضعت فيه السعودية إن لم تكن حذرة. 

ويرى وينتور أن المستفيد الأكبر الذي كان ينتظر في الغرفة هو قطر، التي تحولت وبشكل متزايد إلى واحة طبيعية، مقارنة مع الدول الأمنية، مثل الإمارات والسعودية، فكان وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ضيفا على مؤتمر البحر المتوسط الذي ترأسه وزير الخارجية الإيطالي في العاصمة روما نهاية الأسبوع، وبدا أكثر عقلانية وتوازنا من الأصوات الأخرى الصادرة من الخليج.

ويجد التقرير أن هناك حاجة للبحث عن طريق لإخراج الطرفين من الأزمة، وحفظ ماء الوجه لكل منهما، فكانت الإمارات راغبة في حماية نزاهة النظام القضائي ومصداقية الحكم على هيجز بالتجسس، فيما كان هانت يريد الإفراج عن المعتقل البريطاني واستئناف العلاقات.

وتقول الصحيفة إن اليوم الوطني منح، مصادفة، نهاية ومخرجا من الأزمة، فقادة الشرق الأوسط، وليس في الخليج فقط، يستخدمون هذه المناسبات لإظهار شهامتهم وكرمهم، ويصدرون العفو، مشيرة إلى أنه تم إصدار أحكام بالعفو عن 800 شخص، وكان واضحا في نهاية الأسبوع أن المخرج قد وجد، وأن الإعلان سيتم بداية الأسبوع. 

ويلفت الكاتب إلى أنه كانت هناك مخاوف من تصريح زوجة هيجيز دانييلا تيخادا، بما يثير غضب الإماراتيين ويجعلهم يتراجعون، إلا أن هانت لم يعلمها، واتصل يوم الأحد بوزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد للتأكد من أن كل شيء في مكانه، ووافق هانت على دفاع الإمارات عن نظامها القضائي، رغم عدم اعترافه بأن هيجيز كان جاسوسا؛ لأنه لم يكن كذلك في الحقيقة، فيما أصرت الإمارات على أن هيجز كان عميلا للمخابرات البريطانية "أم أي 6"، ولهذا تم الحفاظ على ماء وجه الطرفين. 

وينوه التقرير إلى أن هناك تحقيقا في الخارجية والإمارات حول كيفية حدوث هذه الأزمة، فالمشكلة بالنسبة للخارجية هي عما إذا كانت الحملة علنا للإفراج عن مواطن بريطاني، والتعبير عن مظاهر القلق من حقوق الإنسان، أم أن الحديث الشخصي الخاص هو أنجع، لافتا إلى أن القضية بالنسبة لهانت أنه يواجه معضلة مع ثلث قادة العالم الذين يلتقيهم، ويقومون باتخاذ قرارات بناء على كل حالة، ففي الصين مثلا، يعتقد أن حملة علنية تعني إغلاق الباب في وجهه.

وتستدرك الصحيفة بأن "زوجة هيجز شعرت بأن السفارة البريطانية مالت للين إلى درجة أنها لم تستطع التحرك، ويقال إن لندن ضغطت في الأسبوع الماضي وأخبرت الإمارات أنها ارتكبت خطأ، ولم يكن هذا الضغط ممكنا لولا الحملة الإعلامية وما قامت به زوجة هيجز".

ويذكر وينتور أن "الإمارات ستواجه تحديا لمراجعة العقلية التي دفعتها للتوصل إلى نتيجة أن هيجز كان جاسوسا، فالمعلومات التي جمعت من حاسوب الطالب الشخصي والتحقيق معه ليست قوية، فاحتمال أن يكون هيجز، الذي لا يتحدث اللغة العربية، يجمع معلومات لصالح (أم آي6)، هو أقرب من الصفر، ولا حاجة للمخابرات البريطانية لجواسيس في الخليج، فالقادة العسكريون البريطانيون هم في غرفة القيادة للعمليات في اليمن، وينصحون الطيارين السعوديين بشأن الأهداف، بالإضافة إلى أن بريطانيا هي جزء من مجموعة (كوينت)، التي تلتقي بشكل دوري مع السعودية والإمارات لمناقشة حرب اليمن، فيما يتصل المسؤولون الأمنيون البريطانيون مع الضباط الأمنيين في الخليج وبطريقة منتظمة". 

ويذهب التقرير إلى أن "القيمة الإضافية للمعلومات التي يجمعها طالب دراسات عليا في جامعة درام، وعمره 31 عاما، ليست مهمة، فربما تحدث مع السفارة البريطانية في أبو ظبي، أو سأل شركات أمنية، لكن هذا لا يحوله إلى جاسوس". 

وترى الصحيفة أن "الضرر الذي حدث بسبب الأزمة على العلاقت بين البلدين يعني أنها لن تتعافى إلا بعد وقت، وسيزيد الكثيرون من اليسار من نقدهم للتحالف البريطاني مع الدولة الخليجية المستبدة، فلو تم انتخاب حكومة عمالية بزعامة جيرمي كوربن فإن العلاقة مع هذه الدول ستتغير بطريقة راديكالية".

 

ويبين الكاتب أنه بالنسبة لحكومة المحافظين فإن الحسابات مختلفة، فالقوات البريطانية ترابط في قاعدة المنهاد الجوية، ويتدرب المرشحون الإماراتيون في كلية ساندهيرست، والصفقات التجارية للأسلحة والأمن الإلكتروني في تزايد. 

وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أنه على صعيد القوة الناعمة التي تشمل السياحة والتبادل التجاري وتبادل الأكاديميين فإن العلاقة غنية بالقدر ذاته، وهناك رموز مثل الوزير في الخارجية الإماراتية أنور قرقاش، من الزوار المنتظمين، وكان أول المتحدثين مع الخارجية لحل الأزمة.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)