نشرت مجلة "فوربس" الأمريكية تقريرا تحدثت فيه عن تقنيات
الذكاء الاصطناعي الحديثة، التي تتمتع خوارزمياتها بقدرة فائقة على فهم محتوى الفيديوهات والصور ومختلف أنواع المحتوى الرقمي، وحتى قيادة السيارات.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21" إن البرامج التعليمية لعلوم الكومبيوتر أصبحت تعج بالطلاب المتحمسين ليصبحوا خبراء في مجال الذكاء الاصطناعي. في المقابل، تفتقر الشركات للقدرة على توظيف عدد كاف من المبرمجين المختصين في هذا المجال. ويبدو أن حقبة الذكاء الاصطناعي قد انطلقت بالفعل.
وذكرت المجلة أنه خلال نصف العقد الماضي، ومنذ انطلاق النهضة التي شهدها مجال التعلم العميق، جاء الذكاء الاصطناعي ليحصل على تقديس أسطوري. وكل سنة يعقد الأكاديميون مؤتمرات تتمحور حول "أنظمة الذكاء"، التي تروج لكتيبات تسويق تجعل من الاستعانة بالذكاء الاصطناعي حلا لكل مشكلة.
وأضافت المجلة أن وسائل الإعلام تعلن باستمرار أن كل تطور في هذا المجال يشير إلى نهاية التفوق
البشري، وزيادة مخاوف عامة الناس من ثورة الذكاء الاصطناعي. ولا يمر أسبوع واحد دون نشر ورقة بحثية أكاديمية أو أبحاث مشتركة توثق عملية إطلاق خوارزميات أو تطبيقات أخرى. كما تعمل العديد من الشركات الكبرى على تغيير البنية الأساسية لخوارزمياتها بأنظمة تعلم عميق جديدة.
وأشارت المجلة إلى أنه على الرغم من قوة أنظمة التعلم العميق الحالية، إلا أنها لا تتعدى كونها أنظمة استخراج للأنماط. ويمكن لنظام الرؤية الحاسوبية أن يلتقط مجموعة من صور القطط ويتعلم كيفية التعرف على هذا الحيوان. ويمكنه كذلك استخدام انتقال أثر التعلم للتعرف على الكلاب من خلال مجموعة صغيرة من الصور التدريبية.
لكن هذه الخوارزمية ليست منطقية في التعامل مع ما تراه نظرا لأنها تُقسّم الصورة إلى ألوان وأنماط وأشكال مميزة، وتقوم بربطها بإشارات بصرية معينة مع إضافة تسمية إليها. إلى جانب ذلك، لا يمكن لهذه الخوارزمية تعميم ما تشاهده لتوسيع مفرداتها كي تشمل الثديات، ولا يمكنها استيعاب مفاهيم على غرار "الفرو" و"الكفوف"، حتى عند احتواء الصورة على فرو معين وأربعة أرجل.
وأكدت المجلة أن النقص في الترتيب العالي للتفكير يعد السبب الرئيسي الذي يكمن وراء القدرة على خداع الخوارزميات. ومن خلال القيام ببعض التعديلات الطفيفة على الصورة، يمكنك بسهولة جعل صورة كلب تظهر كصورة حافلة أو علامة توقف. ومن هذا المنطلق، يمكن تحريف معارف الخوارزميات بسهولة بواسطة مدخلات معلومات متحيزة. لكن باستخدام الذكاء الاجتماعي يمكننا توثيق وتصحيح هذه التحيزات كميا، في حال كنا مبدعين بما يكفي حتى نتمكن من معرفتها.
وأضافت المجلة أن السيئ بشأن هذه التقنية، هو أن مجموعة الأدوات والخوارزميات يمكنها أن تتطور بشكل سريع، لدرجة أن النتائج المفيدة التي يتم التوصل إليها خلال الشهر الحالي قد تصبح غير صالحة في الشهر المقبل من خلال إصدار جديد. كما تتغير المناهج والخوارزميات بسرعة مذهلة. ويمكنك جمع عشرة خبراء محنكين في هذا المجال وستحصل على عشرة مناهج مختلفة. وحتى عند الاستعانة بقادة الفكر في مجال الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يقدم هؤلاء نصائح مربكة ومتناقضة، بينما يتنافس الخبراء حول أفضل المناهج.
ونوهت المجلة إلى أن هذا المجال يتقدم بسرعة كبيرة، لدرجة أن الشركات الرائدة فيه لم تعد قادرة على مواكبة هذا التطور السريع. وقد بدأت خوارزميات الذكاء الاصطناعي في اتخاذ قرارات مصيرية بالنسبة إلينا، حتى إن منشئي هذه الخوارزميات لا يمتلكون سوى فكرة ضئيلة حول كيفية اتخاذها لتلك القرارات، أو الأماكن التي قد تخطئ فيها.
ويختلف بناء نموذج حديث للتعلم العميق عن بناء أي نظام تقليدي قائم على تعلم الآلة، من نواح عدة. ويعد تنظيف البيانات وإعداد العينات وترتيبها واختيار الخوارزميات وضبط المعايير من العناصر الحيوية لتعلم الآلة التي سبقت ثورة التعلم العميق بمراحل.
وأشارت المجلة إلى أن مناهج التعلم العميق تمتلك قدرة على تحقيق دقة أكبر بكثير مقارنة بالمناهج السابقة، لكنها لا تتعدى كونها مجرد أنظمة لاستخراج الأنماط في نهاية المطاف. ولا تتجاوز قدرتها فهم وتحديد الأنماط الأساسية وتدوينها، بدلا من تعميم مدخلاتها إلى نموذج عقلي مجرد للعالم من حولها.
وذكرت المجلة أن أنظمة التعلم العميق الحديثة تعتمد على مستخرجات الأنماط الفخمة أكثر من اعتمادها على الذكاء الاصطناعي. وعلى غرار أي نظام تعلم آلة آخر، تتمتع هذه الأنظمة بالقدرة على تحديد الأنماط الأساسية في بيانات تدريباتها بشكل أعمى، ومن ثم تطبيق تلك الأنماط دون إحداث تغييرات عليها في البيانات المستقبلية.