هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حمل الكاتب والخبير العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي، إسرائيل مسؤولية مجازر صبرا وشاتيلا بمخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان عام 1982.
وكشف في مقابلة مطولة مع صحيفة "مكور ريشون" اليمينية، ترجمتها "عربي21"، عن أنه "بعد مقتل الرئيس اللبناني الأسبق بشير الجميل، المتعاون مع إسرائيل، قام الجيش الإسرائيلي بمساعدة المقاتلين المسيحيين للسيطرة على هذه المخيمات، بحيث كان الاتفاق أن يقوم الجيش بتقطيع أوصال المخيمات من الخارج، لتقوم الكتائب والمليشيات المسيحية بتطهيرها من الداخل".
شارون والمجازر
وأضاف بن يشاي: "سمعت من أحد الضباط ما يحصل داخل المخيمات من مجازر، فقررت إجراء مكالمة عاجلة رغم وقت الليل المتأخر مع أريئيل شارون، وزير الحرب في حينه، استمع مني لما يحصل، لكنه لم يبد تأثرا كبيرا".
وقال: "أدليت بشهادتي هذه أمام لجنة كاهان للتحقيق في المجازر من خلال تلك المكالمة، التي بينت أن شارون علم بالمذبحة التي تحصل في المخيمين الفلسطينيين، وكان بإمكانه أن يقلص خسائرها لو استغل عامل الزمن".
وأوضح بن يشاي عشية إصدار كتابه الجديد "مراسل في الجبهة" أنه "الصحفي الأول الذي دخل مخيم صبرا، مضيفا: "رأيت أزقة ملأى بالجثث فوق بعضها البعض، وتبين لاحقا أن المئات من الفلسطينيين قتلوا بيد المليشيات المسيحية، حينها أرسلت برسالة مؤثرة إلى مناحيم بيغن رئيس الحكومة الإسرائيلية عن تسلسل الأحداث في المخيم، وفي أعقاب رسالته قرر بيغن تشكيل لجنة التحقيق".
وأشار إلى أنه "منذ حينها لم يسامحني شارون على الإطلاق، فقد أقيل من موقعه وزيرا للحرب، وخلال 15 عاما انشغل بملفات اقتصادية وتجارية بدل خبرته العسكرية، حتى تشكلت حكومة بنيامين نتنياهو الأولى في 1996 وتم تعيينه وزيرا للخارجية، تمهيدا لتسلمه موقع رئيس الحكومة بعد سنوات قليلة".
وأكد أن "شارون من أفضل قادة وضباط الميدان في الجيش، لكن ضرره أكثر من نفعه، كان محظورا عليه أن يواصل عمله في الجيش، لم يكن مستقيما، كذب على كل من تعامل معهم، دون أن يرف له جفن، وأضر كثيرا بإسرائيل".
صفقات التبادل
بن يشاي تحدث عن صفقات التبادل مع المنظمات المسلحة، فقال إنه لا يبدي ترحيبا بها، "حتى صفقة التبادل الأخيرة مع حماس في 2011 لإطلاق سراح الجندي غلعاد شاليط، تمت تحت تأثير العائلات والمجتمع الإسرائيلي الذي مارس ضغوطه على الحكومة، وجعلها تتخذ قرارات تحت ضغط الرأي العام، والنتيجة الآن أن الضابط الإسرائيلي يبلغ جنوده: فجروا القنبلة في أنفسكم، ولكن لا تقعوا في الأسر، محظور عليكم ذلك".
يتحدث بن يشاي في كتابه قائلا: "دخلت العراق لتغطية مرحلة ما بعد اجتياح القوات الأمريكية، وسبق لي أن التقيت ذات مرة بصدام حسين حين كان مساعدا لرئيس حزب البعث، لم أعرفه حينها، كما أني ذهبت لأفغانستان، والتقيت بالمجاهدين خلال الحرب السوفييتية، وزرت إيران في زمن الشاه حين كانت العلاقات مع إسرائيل قوية وطيبة، وانتقلت إلى منطقة كردستان حيث التقيت مع زعيم الأكراد مصطفى البرزاني".
وتابع: "زرت سوريا بجواز سفر لأحد دول أمريكا اللاتينية، وفي 2011 وصلت إلى ليبيا في ذروة الربيع العربي، حيث زرت منطقة تاغوراء في قلب المعارك الدامية ضد قوات القذافي".
وزعم قائلا: "إننا نقاتل على حياتنا ودولتنا اليهودية، حربنا ضد العرب والفلسطينيين هي حرب الجيدين ضد السيئين، لأنهم لو واجهونا بقوة في حروب 1948 أو 1967 أو 1973 فإنهم ما كانوا ليدعونا نعيش حتى هذه اللحظة، لست خجولا من قول ذلك، حفيدي ينخرط في صفوف الجيش لأننا نقاتل على البيت الذي نسكنه، رغم أن الحروب أمر سيئ، كلها دماء ودموع، وفقدان ومعاناة إنسانية ودمار للأجيال القادمة".
وأضاف أنه "لا يجب الذهاب للحرب مباشرة دون خيارات أخرى، بكلمة أخرى عليك أن تختار حروبك، أبي قتل في حرب 1948 وأنا فخور بذلك، حرب لبنان الأولى 1982 كانت اختيارية، شارون أرادها، ونتيجة لها قتل جنود إسرائيليون كثر، ولذلك دخل بيغن في حالة من الاكتئاب، لأنه عرف أنه تمت خديعته".
حروب غزة
وأضاف أنه "يجب على الجيش الإسرائيلي خوض القتال بكل قوة، دون الرجوع لمحكمة العدل العليا أو توصيات منظمة بيتسيلم لحقوق الإنسان، مع أن معظم الحروب التي غطيتها لم تكن محقة، بل انطلقت من دوافع التحريض الديني أو التنافس الحزبي، فالجيش الروسي اجتاح أفغانستان في 1979 وفق أبعاد استعمارية كولونيالية، وليس للدفاع عن الديمقراطية، وكذلك حرب أمريكا ضد العراق في 2003.. كانت بسبب النفط".
وأردف: "إننا كإسرائيليين باتت لدينا ثقافة غريبة ومستنكرة، وهي أن حياة الجنود أهم من المواطنين، بحيث أن قتل جنود في ناقلة جند تصبح مأساة في المجتمع الإسرائيلي، لا أدري من أين أتينا بهذه الثقافة".
وعن حرب الجرف الصامد بغزة 2014، قال بن يشاي: "وصلت إلى المنطقة الجنوبية، ووقفنا في المنطقة الفاصلة بين جباليا وسديروت، رأينا قذيفة فوق رؤوسنا تنطلق من غزة باتجاه غلاف غزة، لم تستطع القبة الحديدية إسقاطها".
وأضاف: "الحديث عن عدم إخضاع الجيش لحماس طيلة أيام القتال في الجرف الصامد، حوله كلام كثير، هذه ليست مسؤولية الجيش، وإنما المستوى السياسي، الكابينت أرسل الجيش إلى غزة دون هدف محدد، الأوامر كانت بإضعاف حماس، لكن الحكومة لم تعلم ما الذي تريد تحقيقه، ولا كيف تخرج الجيش من غزة".
واستطرد: "اللافت أن المستوى السياسي الإسرائيلي نجح بطريقة غريبة في نقل مسؤولية الفشل إلى الجيش، حتى إن قائده الجنرال بني غانتس لم يكن مثل شارون، بل واءم نفسه مع المستوى السياسي دون أن يقف على رجليه، ويتحمل المسؤولية، والنتيجة أن العديد من الجنود والضباط سقطوا قتلى في معارك غزة".