صحافة دولية

ما الذي يحدث في الولايات المتحدة: انقلاب أم أزمة دستورية؟

شهدت رئاسة دونالد ترامب منذ بدايتها سلسلة من الفضائح والتطورات- جيتي
شهدت رئاسة دونالد ترامب منذ بدايتها سلسلة من الفضائح والتطورات- جيتي

نشرت صحيفة "الكونفيدونسيال" الإسبانية تقريرا، قالت فيه إن المقال الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز دون ذكر اسم الكاتب، والكتاب الذي أصدره بوب وودورد بعنوان "الخوف"، تسببا باندلاع أزمة غير مسبوقة في الولايات المتحدة، وانقسام المتابعين بين من يحذر من انقلاب وشيك في واشنطن، ومن يرجح حدوث أزمة دستورية حادة، ومن يعتبرون أن كل هذه الفضائح لن تؤدي لتغيير فعلي في البيت الأبيض.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رئاسة دونالد ترامب منذ بدايتها، شهدت سلسلة من الفضائح، والاستقالات، والإقالات، والاعترافات بالذنب، والتسريبات، والتسجيلات السرية، والتغريدات المثيرة للجدل، التي أثارت البلبلة في أروقة السياسة في واشنطن العاصمة.

واعتبرت الصحيفة أن تكرار هذه الأحداث الغريبة والمثيرة، تجعل من رئاسة ترامب تبدو كفترة استثنائية في تاريخ الولايات المتحدة، إلا أن هذا الرئيس رغم كل الضغوط لم يغير أسلوبه الغريب في ممارسة مهامه.

وذكرت الصحيفة أن آخر فصول هذه الرئاسة الغريبة، كان صدور كتاب للصحفي البارز بوب وودورد، إلى جانب نشر مقال في صحيفة نيويورك تايمز منسوب لشخص مجهول في الإدارة الأمريكية. وقد أدت هذه التطورات لتزايد الانقسامات والتكهنات بشأن وجود جبهة مقاومة داخلية في البيت الأبيض، ضد سياسات ترامب.

وأكدت الصحيفة أن الآراء منقسمة، حيث إن أكبر المتشائمين والمؤمنين بنظرية المؤامرة يحذرون من حدوث انقلاب في واشنطن، فيما يعتقد الأقل تشاؤما أن هنالك أزمة ديمقراطية ودستورية تلوح في الأفق، ويرى آخرون أن كل هذه الفضائح والمشاكل سوف تتكدس في مكب النفايات، ولن تفضي إلى أي تغيير.

واعتبرت الصحيفة أن خصوم ترامب يتحدثون دائما عن الفوضى المحيطة به، ولكن يجب طرح أسئلة جدية حول مدى شرعية ما يقوم به هؤلاء المتمردون، من خلال عرقلة تنفيذ قرارات الرئيس، إذ إن ما يفعلونه يمكن اعتباره خداعا للديمقراطية، وتقويضا لمساعي الرئيس المنتخب لتنفيذ وعوده الانتخابية.

وذكرت الصحيفة أن أنصار ترامب، وبالتحديد البسطاء المؤمنين بأسلوبه، لن يتوقفوا عن تصديق خطابه حول وجود مؤامرة ضده، كما أنهم يؤمنون بأن الدولة العميقة تتآمر مع وسائل الإعلام الليبرالية من أجل تقويض جهود رئيسهم.

ونقلت الصحيفة عن ستيف هيلتون، مقدم البرامج في قناة فوكس نيوز المقربة من ترامب قوله: "إن هنالك مؤامرة لتخريب أجندة الرئيس، حيث إن النخب السياسية في واشنطن أصابها الجنون، بسبب النجاح الذي يحققه ترامب في كل مرة يخاطب فيها الناس ويحدثهم عن عدم شعوره بالثقة في من هم حوله".

 

اقرأ أيضا: ترامب يهاجم كاتب المقال في نيويورك تايمز ويدعو لكشفه

وأوردت الصحيفة أنه بعيدا عن الإعلام الموالي لترامب، هنالك مجلة "ذا أتلانتيك"، التي تساءلت عن مدى شرعية الأفعال التي يقوم بها هذا الشخص المجهول، الذي كتب المقال في "نيويورك تايمز".

وأضافت الصحيفة أن ديفيد فروم، الكاتب السابق لخطابات جورج بوش الابن، وصف ما تضمنه المقال من حديث حول الأزمة الدستورية بأنه "انقلاب". وقال فروم: "إذا كان المستشارون المقربون من الرئيس يعتقدون بأنه غير مؤهل أخلاقيا وفكريا لهذا المنصب الرفيع، فإنه من واجبهم أن يفعلوا كل ما في وسعهم لإخراجه من هناك بكل الطرق القانونية".

وحذر فروم أيضا من تبعات نشر ذلك المقال، مؤكدا أن "ما نشرته نيويورك تايمز أظهر للرئيس أن من يقدمون المشورة له في البيت الأبيض لا يفكرون في مصلحته، لذلك فإن أجواء العمل في مؤسسة الرئاسة سوف تصبح أكثر صعوبة وتوترا، وخطورة، ومنافية للدستور".

وأوضحت الصحيفة أن الأسس القانونية التي استند إليها ديفيد فروم في تحذيره مما سيحدث في البيت الأبيض، هي آلية عزل الرئيس من خلال سلسلة استقالات يقوم بها المنتمون "لجبهة المقاومة الداخلية"، ثم يدلون بشهادتهم أمام لجان الكونغرس، حتى يتم اللجوء للتعديل الخامس والعشرين من الدستور.

وقالت الصحيفة إن دستور الولايات المتحدة ينص على أنه إذا توفي الرئيس أو تعرض للقتل، يتم تعويضه بنائب الرئيس. أما إذا كان مصابا أو غير قادر عقليا على ممارسة مهامه، فإن تعديل سنة 1965 يوفر الآليات اللازمة لعزله من مهامه.

ويتم ذلك من خلال قيام أعضاء الحكومة بإعلام الكونغرس باعتقادهم أن الرئيس لم يعد مؤهلا لهذا المنصب، وبعد ذلك يحتاج الكونغرس لموافقة الثلثين في مجلسي النواب والشيوخ، للبدء في إجراءات تعيين نائب الرئيس، وهو مايك بنس في الوقت الحالي، لتولي القيادة. ولكن الرئيس المعزول يمكنه الاعتراض، وفي حالة ترامب يمكن أن يدفع هذا الصراع بالبلاد نحو حالة شلل دستوري غير مسبوقة.

وذكرت الصحيفة أنه في مقابل نظرية الانقلاب فإن هنالك رأيا آخر، عبر عنه الصحفي آدم سيرور، يرى أن المحيطين بترامب يعلمون جيدا أنه غير مؤهل للرئاسة، ولكنهم عوضا عن عزله من منصبه، سوف يبقون عليه في البيت الأبيض، ليس من باب احترام الديمقراطية، بل لأنهم يستطيعون التلاعب به وتحقيق مآربهم، مثل الحصول على تخفيضات ضريبية أو إلغاء برامج الرعاية الاجتماعية والصحية، وتعزيز وجود اليمينيين في القضاء.

ونقلت الصحيفة عن إليزابيث ساندرز، الكاتبة في "واشنطن بوست" وأستاذة العلوم السياسية في جامعة جورج تاون، قولها: "لا أعتقد أن هنالك تطورات درامية سوف تحدث، وكل ما تم الكشف عنه مؤخرا كان معروفا منذ فترة. ولكن هنالك تفاصيل جديدة تستحق الانتباه، إذ إنه من الصادم أن نعلم أن بعض المستشارين كانوا يسحبون الوثائق من فوق مكتب الرئيس لمنعه من التوقيع عليها".

 

اقرأ أيضا: مسؤول أمريكي يكشف عن مقاومة داخل البيت الأبيض.. تفاصيل

وفي الختام، حذرت ساندرز من أن أخطر شيء يحدث في البيت الأبيض الآن هو غياب الكفاءة والخبرة داخل إدارة ترامب، حيث إن أغلب من عينهم بعد تنصيبه هم أشخاص لم يسمع بهم أحد من قبل، وهم الآن يشغلون مناصب حساسة. أما أصحاب الخبرة، الذين عملوا مع الإدارات السابقة، فإنهم يبادلون ترامب الكراهية.

التعليقات (0)