سياسة دولية

انشقاق في الكنيسة المصرية.. هل خرجت الأمور عن السيطرة؟

الحمادي:  الكنيسة المصرية أصبحت دولة داخل الدولة- جيتي
الحمادي: الكنيسة المصرية أصبحت دولة داخل الدولة- جيتي

أزمة جديدة تشهدها الكنيسة القبطية المصرية بعد إعلان الراهب المشلوح يعقوب المقاري انفصاله عن الكنيسة الأم، واتخاذه دير الأنبا كاراس السائح بوادي النطرون مقرا له باعتباره بطريرك للكرازة المرقسية، معلنا في بيان صحفي تداولته وسائل الإعلام المصرية الثلاثاء 4 أيلول/ سبتمبر الجاري عن قيامه بترسيم الأساقفة والرهبان الذين سحبت أو رفضت الكنيسة الأم ترسيمهم.

وطبقا للبيان، فإن الراهب المشلوح أعلن انفصاله عن الكنيسة وعدم الاعتراف بقيادة الأنبا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مؤكدا أن دير الأنبا كاراس بوادي النطرون أصبح منفصلا في الوقت الراهن عن القيادة الحالية للكنيسة، وسيتم الإعلان عن تفاصيل أخرى خلال مؤتمر صحفي سيعقده قريبا.

من جانبه، علق نجيب جبرائيل محامي الكنيسة القبطية بأن يعقوب المقاري غير معترف به على الإطلاق من قبل الكنيسة، ولم يعد يحمل أي صفة كنسية، وليس له أي شرعية، والتعامل معه سيكون مثل أي مواطن قبطي عادي.

واتهم جبرائيل، في تصريحات صحفية، الراهب المشلوح بأنه ينتحل صفة الرهبنة بعد تجريده منها، وأصبح مصيره مثل مصير الراهب السابق ماكسيموس الثاني الذي أعلن انفصاله عن الكنيسة عام 2006، مؤكدا أنه سوف يبدأ في اتخاذ الإجراءات القانونية ضده.

وفي إطار سعيها لضبط الأمور داخل الكنيسة، أصدرت اللجنة المجمعية للرهبنة وشؤون الأديرة قرارا مساء الثلاثاء 4 أيلول/ سبتمبر الجاري، بإيقاف الراهب يوئيل المقاري عن ممارسة الخدمة الكهنوتية لمدة عام بعد كسره قرار عدم الظهور الإعلامي للرهبان، مع التأكيد عليه بعدم إصدار أي منشورات تحمل اسمه أو حروفا من اسمه.

وأعاد بيان اللجنة نشر قرار تجريد الراهب يعقوب المقاري وإعادته لاسمه العلماني بعدما تم إخلاء طرفه من دير الأنبا مقار في مارس عام 2015، حيث قام بإنشاء ما يسمى دير الأنبا كاراس السائح بوادي النطرون دون أي تكليف قانوني من الكنيسة وأنه قدم لها أوراقا مزيفة.

وأكدت اللجنة عدم مسؤولية الكنيسة عن أي شباب طالبين للرهبنة ارتبطوا بالراهب المشلوح، وعدم مسؤوليتها كذلك عن أي تعاملات مالية قام بها، محذرة من الزيارات والرحلات أو أي عطايا توضع في يد محروم كنسيا.

من جانبه، أكد الباحث المتخصص بالشؤون الكنسية جرجس فهمي لـ "عربي21" أن الأيام الماضية شهدت تطورات متصاعدة تشير إلى أن أزمة مقتل رئيس دير أبو مقار لم تنته بعد، وأن قبضة الأنبا تواضروس الثاني على أوضاع الكنيسة ليست بالقوة التي كانت في عهد البابا شنودة الثالث.

وتوقع فهمي أن يلقى إعلان الراهب المشلوح يعقوب المقاري بالانفصال عن الكنيسة الأم استجابة من عدد آخر من الرهبان والأساقفة الذين أوقفت لجنة شئون الرهبنة والأديرة ترسيمهم، وهو عدد كبير كانت الكنيسة تغض الطرف عنهم لتوسيع وجودها في الشارع المصري، ولكن بعد مقتل رئيس دير أبو مقار فإن الأمور اختلفت، وبدأت مجموعة الصقور داخل الكنيسة تفرض قبضتها ضد من اعتبرتهم غير مؤهلين للرهبنة.

ويضيف فهمي أن الراهب المشلوح استطاع أن يجمع 33 مليون جنيه "1.8 مليون دولار" خلال الفترة من 2012 وحتى تجريده قبل أيام، وهو رقم خطير يفتح ملف الاستفادة الاقتصادية والمالية لرهبان الكنائس والأديرة، موضحا أن حالة الراهب يعقوب تختلف عن حالة الأنبا ماكسيموس عام 2006، والذي أعلن انفصاله عن الكنيسة الأم، التي حصلت على أحكام قضائية برفض الاعتراف بكنائسماكسيموس.

ويشير الباحث بشؤون التنظيمات الدينية، عبد الله الحمادي، أن الكنيسة المصرية أصبحت دولة داخل الدولة، وبالتالي فإن توسعها الكبير خلال السنوات العشرين الأخيرة، خاصة ما بعد الانقلاب العسكري في تموز / يوليو 2013، كان له نتائج سلبية لم تلتفت الكنيسة إليها.

ويوضح الحمادي لـ "عربي21" أن بيان لجنة الرهبنة والأديرة عن شلح يعقوب المقاري، وكذلك تحقيقات النيابة مع الراهب المشلوح أشعياء المقاري الذي قتل رئيس دير أبو مقار، تكشف عن إمبراطورية مالية للكنيسة لا تعرف الدولة عنها شيئا، بدليل أن راهبا واحدا جمع في أقل من 6 سنوات 33 مليون جنيه، والراهب القاتل كان متهما من الكنيسة بالاتجار في الآثار والسرقة والفساد واستغلال إمكانيات الدير المالية، وإذا كان هذا هو حال دير واحد، فماذا سيكون الوضع في باقي الأديرة؟

ويضيف الحمادي أن ظهور أزمات الكنيسة بهذا الشكل، يرجع لعدم وجود أزمات خارجية تهددها مثل الاشتباكات الطائفية التي كان تحدث بكثرة في السنوات الماضية، إلا أنها باتت قليلة في الوقت الراهن، ما نتج عنه ظهور هذه المشاكل الداخلية، التي ما زالت تجد منفذا لها بالإعلام رغم القبضة الأمنية المشددة التي تفرض رقابة صارمة على وسائل الإعلام لعدم تناول مشاكل الكنيسة.

ويؤكد الحمادي أن الكنيسة تواجه الآن مشاكل نفسية وأيديولوجية وفسادا ماليا، وصراعات طائفية، وصراعات على النفوذ، وهو ما يمكن أن يؤدي لتصدع الكنيسة، ولكن لن يسمح بالقضاء عليها.

التعليقات (1)
شيء مفرح
الأربعاء، 05-09-2018 08:44 ص
الحمادي يرجع سبب أزمات الكنيسة لعدم وجود أزمات خارجية مثل الإشتباكات الطائفية التي أظهرت أزماتها الداخلية،أعتقد أن المسيحيين المصريون إستفاقوا من لعبة الأزمات الخارجية وعلى رأسها تصوير الأخوان بعبع،والكنيسة مطالبة برؤية هي تفتقدها مع أتباعها وهذا شرخ كبير،وإن شاء الله ينقلب على السيسي،الناس تستوعب الأكاذيب فهنا عبور معظم الطريق.