واصل مسؤولو
السلطة الفلسطينية التلويح بورقة
إعادة ترسيم العلاقات بينها وبين
إسرائيل، انطلاقا من افتراض أن اتفاق
أوسلو
الموقع بين الجانبين لم يعد قائما، خصوصا بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية
بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وإزالتها من مفاوضات الحل النهائي.
ورغم إقرار المجلسين الوطني والمركزي واللجنة
التنفيذية لمنظمة التحرير بتوصيات تقضي بتوكيل السلطة للمضي في هذا التوجه على
المستوى السياسي والقانوني تمهيدا لتطبيقه على الأرض، ولكن أيا من هذه الاجتماعات
خلت من توضيح طبيعة القرارات المنوي اتخاذها في هذا الصدد.
مسارات التوجه
بدوره أوضح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة
التحرير، واصل أبو يوسف، أن "إعادة ترسيم العلاقات بين السلطة وإسرائيل ينطلق
من ثلاثة مسارات أساسية، أولها رفص السلطة الاعتراف باتفاق أوسلو كمرجعية قانونية
وتشريعية لتنظيم العلاقات مع إسرائيل، انطلاقا من أن هذا الاتفاق لم يعد ساريا ولا
يكتسب أي صيغة قانونية تقضي الالتزام به منذ العام 1999، وهي المرحلة الانتقالية
التي تمتد لخمس سنوات منذ توقيع الاتفاق في العام 1993".
أما المسار الثاني لهذا التوجه هو "التنصل
من أي اتفاقات أبرمت بين السلطة وإسرائيل كنتيجة لاتفاق أوسلو، ومن أبرز أشكاله
سحب الاعتراف بإسرائيل كدولة كاملة السيادة على الأراضي التي احتلها في العام
1967، بالإضافة لإعادة رسم المسار السياسي والاقتصادي والقضائي بين الجانبين، لأن
إسرائيل تمارس البلطجة في هذه العلاقات وتأخذ ما يحلو لها من مقدرات الشعب
الفلسطيني، خصوصا ما يتعلق بأموال المقاصة وسلب الأراضي الفلسطينية لإقامة البؤر
الاستيطانية".
وأضاف أبو يوسف في حديث لـ"
عربي21"
أما "الخطوة الأهم فهي توجه السلطة للمحافل الدولية لإدانة إسرائيل ضد
الانتهاكات التي ترتكبها بحق الفلسطينيين، وتقديم القادة الإسرائيليين للمحاكمة
بتهمة ارتكابهم لجرائم حرب في المحكمتين الجنائية والعدل الدولية، وإلزام المجتمع
الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني ومساعدته كدولة تقع تحت
الاحتلال".
ولإنجاح هذه الجهود وفق أبو يوسف، فإن
"السلطة ستتقدم بطلب رسمي لدى مجلس الأمن والجمعية العامة الشهر القادم
بالاعتراف بها كدولة كاملة العضوية وليس عضوا مراقبا، وما يترتب على هذا من
الالتزامات ستحاول القيادة الفلسطينية استثماره بكل الطرق الملائمة".
بالرغم من أن السلطة نجحت خلال السنوات الماضية
في الدخول بنادي المنظمات الدولية، حيث سجلت وزارة الخارجية بيانات مشاركة فلسطين
في 75 اتفاقية ومعاهدة دولية، إلا أنها لم تستخدم أي من هذه المنظمات في إدانة
إسرائيل، بل قامت بسحب العشرات من الإدانات التي تقدمت بها دول ومنظمات حقوقية
لإدانة إسرائيل، كان أبرزها سحب تقرير غولدستون الذي أدان إسرائيل بارتكاب جرائم
حرب في عدوانها على غزة في العام 2009.
فرص متدنية
إلى ذلك شدد عضو القيادة السياسية للجبهة
الشعبية، ذو الفقار سويرجو، على أن "السلطة تدرك جيدا أن عواقب اتخاذ مثل هذه
الخطوة سيدخلها في تصادم سياسي ودبلوماسي مع إسرائيل، وقد تكون الخاسر الأبرز من
هذه المعركة، بسبب التأييد الذي تحظى به إسرائيل في المحافل الدولية خصوصا من
الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك فإن تلويح السلطة بهذه الورقة هي محاولة يائسة
للضغط على إسرائيل لوقفها عن ممارسة الضغط السياسي والمالي على السلطة".
وأضاف سويرجو في حديث لـ"
عربي21"
"قد تكون السلطة أدركت مؤخرا أن سلوكها السياسي في الإصرار على المفاوضات، قد
كلفها الكثير من الناحية السياسية وأسقط منها أوراق الحل النهائي كالقدس والحدود
وما تبقى من أراضي الضفة الغربية، لذلك فهي تحاول أن تضغط على المجتمع الدولي
لإقرار صيغة جديدة لاتفاق (أوسلو2) ينهي حالة الصراع بينها وبين إسرائيل، للحفاظ
على ما تبقى لها من سيادة على الأرض".
من جانب أخر يرى أستاذ العلوم السياسية، عبد
الستار قاسم، أن "تلويح السلطة بالتنصل من اتفاق أوسلو، لا يتسم بالمنطق من
الناحية العملية، لأن الوقائع على الأرض لا تساعدها في هذا التوجه، فالاستيطان
التهم معظم مناطق الضفة الغربية، واستطاعت إسرائيل أن تدير مناطق السلطة بصورة غير
مباشرة من خلال الإدارة المدنية الإسرائيلية التي تتمتع بنفوذ وصلاحيات تفوق ما
يمتلكه مكتب رئيس السلطة محمود عباس".
وأضاف قاسم في حديث لـ"
عربي21": "لذلك في حال قررت السلطة اتخاذ مثل هذه الخطوة فلن يغير ذلك من الوقائع على
الأرض، وباستطاعة إسرائيل تدارك هذه الخطوة والتقليل من آثارها، إما من خلال تنصيب
شخصيات متعطشة لمنصب الرئاسة تقوم بدور وظيفي يخدم المصلحة الإسرائيلية، أو من
خلال قطع كل المنافذ وقنوات الدعم المالي عن السلطة، وإحداث فوضى عارمة في الشارع
ستضطر خلالها السلطة للعدول عن هذا التوجه".