هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية في افتتاحية دعمت فيها موقف الإعلام الأمريكي الرافض للتحريض والإهانة من الرئيس دونالد ترامب، إن حرية الصحافة لم تخترع في الولايات المتحدة، لكن هناك شعوبا قليلة كانت أهمية الصحافة المستقلة لديها منسجمة بشكل وثيق مع تاريخها الطويل.
وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إلى أن هذا التقليد الأمريكي العظيم، القائم على الاحترام المدني للحقيقة وقولها، يتعرض للتهديد.
وتستدرك الصخيفة بأن "دونالد ترامب ليس الرئيس الأمريكي الوحيد الذي يهاجم الإعلام، أو يشعر أنه عومل بطريقة غير عادلة منه، لكنه الأول الذي يحمل على ما يبدو سياسة محسوبة ومتناسقة لتقويض ونزع الشرعية عنها، بل حتى تعريض العمل الصحافي للخطر".
وتلفت الافتتاحية إلى أن أكثر من 350 صحيفة نشرت افتتاحياتها الخاصة حول هذا الموضوع، بناء على مبادرة من صحيفة "بوسطن غلوب".
وترى الصحيفة أن "هناك مخاطر في هذه المبادرة، وستؤدي إلى أفكار متعددة حولها، فمن ناحية فإن ترامب سيغذي فكرته عن وجود حرب (حزبية) بين الرئيس والإعلام، إلا أن الرد الواسع على مبادرة (بوسطن غلوب) وحقيقة كتابة الافتتاحيات، التي كانت في كل صحيفة بطريقة مختلفة، تشير إلى أمر غير هذا، وهو أن هناك قلقا من الذين يقومون بالتقرير والتعليق يوما بيوم وبطريقة موضوعية ومهنية، من تعرض الحقيقة الصحافية والرأي والكياسة لتهديد جديد وحاضر، وهو ما يدفعنا للوقوف أمامه بالقدر الذي نستطيعه، وكما قال أحد المحررين: (نحن لسنا في حرب مع إدارة ترامب، بل نعمل معها)".
وتقول الافتتاحية إن "انتهاك ترامب للإعلام معروف الآن، فوصفه بأنه (عدو الشعب)، واتهمه في أكثر مناسبة بأنه ينشر (أخبارا مزيفة)، وأنه (مثير للاشمئزاز بصراحة)، وقال في الفترة الأخيرة عن الإعلام بأنه (خطير ومريض)، واتهمه بأنه قد (يشعل حربا)، ووصف الصحافيين بأنهم (أدنى الورى)".
وتورد الصحيفة نقلا عن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية (أف بي أي) السابق جيمس كومي، قوله إن ترامب طلب منه قبل عزله التفكير في سجن الصحافيين لنشرهم تسريبات، مشيرة إلى أن إدارته قامت بحذف كل ما يذكر باحترام الصحافة من الكراسات الداخلية، بالإضافة إلى أنه استهدف أربع مؤسسات صحافية، وهي "سي أن أن" و"أم أس أن بي سي" و"نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست"، ووجه الإهانات لها علنا، ومنع قبل فترة مراسلا لـ"سي أن أن" من حضور المناسبات الإعلامية في البيت الأبيض.
وتجد الافتتاحية أن حملته تركت آثارها، فزادت انتقادات الرأي العام، خاصة بين أنصار ترامب، للصحافة، فوجد استطلاع أن نسبة 44% من الناخبين الجمهوريين تعتقد انه يجب على الرئيس أن يكون قادرا على إغلاق المؤسسات الصحافية؛ "بسبب سلوكها السيئ"، فيما قالت غالبية الناخبين الجمهوريين (51%)، في استطلاع جديد جرى هذا الأسبوع، إن الإعلام هو "عدو الشعب".
وتفيد الصحيفة بأن "المزاج المعادي للإعلام في تجمعات ترامب الانتخابية كان مثيرا للخوف، وهناك ذباب إلكتروني على وسائل التواصل الاجتماعي يلاحق الصحافة، وانتهاكات وتهديد للصحافيين (خاصة التهديد بالعنف الجنسي ضد الصحافيات)، الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة".
وتنوه الافتتاحية إلى أن الأمم المتحدة حذرت من أن هجمات ترامب على الإعلام تصل إلى مستوى التحريض على العنف، لافتة إلى أن خمسة من موظفي "كابيتال غازيت" في ميرلاند قتلوا في حزيران/ يونيو، و"ربما لن يكونوا الأخيرين".
وتعتقد الصحيفة أن "مهمة الصحافة ليست حماية أمريكا من دونالد ترامب، لكن وظيفتها هي نشر التقارير والتنقيب والتحليل والتدقيق قدر ما تستطيع دون خوف".
وتعترف الافتتاحية بأن "الإعلام لديه الكثير من الأخطاء، وقد يكون مهتما بنفسه، وفي حالة دونالد ترامب وأمريكا فإن الصحافة قد تكون نوافذ حزبية، ولا يهتم بعضها بالحقيقة، لكن على الصحافة أن تكشف عن الاستفزاز والتحريض عندما يقعان، ويجب أن تعمل جهدها لتأكيد احترام الحقيقة والتوازن في الحكم، وبعبارة أخرى فإن عليها القيام بمهمتها، وبموجب ذلك فإن التحريض والاستفزاز الذي يقوم به ترامب هو خطر محسوب لكل ما تقوم به وللاحترام والكياسة والحوار الذي يجب أن يكون قائما بين الصحيفة وقرائها".
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالإشارة إلى أنها "تقف مع الصحافة الأمريكية للحفاظ على الموضوعية والحدود الأخلاقية التي يقوم هذا الرئيس -في مناطق عدة من العالم- بمحاولة تدميرها".