اقتصاد عربي

مصر تتوسع في إصدارات الدين لتمويل عجز كبير بالموازنة

الحكومة المصرية تخطط لطرح سندات دولية في العام المالي الجاري- أرشيفية
الحكومة المصرية تخطط لطرح سندات دولية في العام المالي الجاري- أرشيفية
تعتزم الحكومة المصرية، إصدار أدوات دين محلية ما بين سندات وأذون خزانة، تقدر بنحو 475.5 مليار جنيه (26.7 مليار دولار)، في الربع الأول من العام المالي الجاري لتمويل عجز نفقات جارية غير منتجة.

وبخلاف أدوات الدين المحلية، تخطط الحكومة المصرية لطرح سندات دولية في العام المالي الجاري، بجانب مفاوضات مع مؤسسات دولية للحصول على قروض أخرى.

ومن المنتظر أن تحصل مصر خلال العام الجاري 2018، على شريحة بقيمة 2 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، في إطار قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات.

إسراف في الاستدانة


وأصدرت المالية المصرية أدوات دين بقيمة 371 مليار جنيه (20.8 مليار دولار) في الربع الأول من العام المالي 2017/2018.

وتستدين الحكومة المصرية، من خلال إصدار سندات وأذون الخزانة على آجال زمنية مختلفة؛ وتعتبر البنوك الحكومية أكبر المشترين لها، وذلك في إطار محاولات سد عجز الموازنة.

وحسب مشروع الموازنة العامة، تنوي مصر إصدار أذون وسندات خزانة محليا بقيمة 511 مليار جنيه (28.7 مليار دولار) في العام المالي 2018/2019.

ومؤخرا، أعلن البنك المركزي المصري، ارتفاع إجمالي الدين العام "المحلي" بنسبة 11.8 بالمئة على أساس سنوي، إلى 3.414 تريليونات جنيه (191.7 مليار دولار) في 2017.

ويتوقع مشروع الموازنة المصرية أن يبلغ متوسط سعر الفائدة المستهدف على أدوات الدين الحكومية، في العام المالي 2018-2019، نحو 14.7 بالمئة، مقابل 18.5 بالمائة في العام المالي 2017-2018.

تكلفة الدين

الباحثة الاقتصادية آيات محمد، تقول إن التوسع في إصدار أدوات الدين يؤدي إلى تفاقم تكلفة الدين على الموازنة العامة للدولة في الأجل القصير.

وتقدر الموازنة المصرية فوائد خدمة الدين، بنحو 541 مليار جنيه (30.3 مليار دولار)، لتمثل 10.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2018/2019.

وتعادل فوائد خدمة الدين، 39 بالمئة من إجمالي المصروفات خلال العام المالي الجاري، وتزيد عن مخصصات ثلاثة بنود، وهي: الأجور، وتعويضات العاملين، وشراء السلع والخدمات والاستثمارات.

وتضيف الباحثة الاقتصادية، أن التوسع في إصدار أدوات الدين، "يضغط في الأجل الطويل، على المدخرات وامتصاصها باستمرار، مما ينتج عنه مزاحمة تمويل الاستثمارات فضلا عن استمرار زيادة الدين العام للدولة".

وزادت: "ارتفاع أسعار الفائدة على الاستثمار في أذون الخزانة، تدفع البنوك على الاكتتاب فيها، ما يحمل مخاطر التحول من الاستثمارات في قطاع الإنتاج الحقيقي، إلى الاستثمار قصير الأجل من أجل العائد المرتفع".

تمويل الاستثمار

في نفس السياق، تؤكد الباحثة الاقتصادية هدى سعيد، أن التمادي في إصدار أذون الخزانة لتمويل عجز الموازنة، يؤثر على الاقتصاد المصري.

وتضيف: "إذا استمر استغلال وتوظيف أدوات الدين في سد عجز الموازنة، وتمويل استيراد السلع الأساسية والاستراتيجية، فسيؤدي ذلك لمزاحمة القطاع الخاص في تمويل الاستثمارات".

وتابعت: "مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص في الحصول على موارد السيولة، والمدخرات المحلية المتاحة في الاقتصاد، وإضعاف قدرة البنوك التجارية على منح القروض، يؤدي إلى ضعف حجم الاستثمارات".

ويقدر مشروع الموازنة، قيمة العجز الكلي بالموازنة بنحو 438.5 مليار جنيه (24.6 مليار دولار) في العام المالي الجاري، بما يعادل 8.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتقول إن استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية، "شديدة الحساسية لأي متغيرات خارجية أو داخلية، وسريعة الانسحاب من داخل البلاد لخارجها، ما يؤدي لضغط كبير على سعر صرف الجنيه وعلى الاحتياطيات الدولية".

وفي أعقاب ثورة كانون الثاني / يناير 2011، شهدت مصر خروج نحو 16 مليار دولار، ما أدى إلى تآكل الاحتياطي النقدي من 36 مليار إلى نحو 20 مليار دولار.

وارتفعت استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية منذ تعويم الجنيه، في 3 تشرين الثاني / نوفمبر 2016، من أقل من مليار دولار إلى أكثر من 23 مليار دولار في نهاية آذار / مارس 2018، وفقا لبيانات وزارة المالية المصرية.

وارتفع العائد على أدوات الدين المصرية مؤخرا، بسبب خروج نحو 5 مليارات دولار، وفق تقديرات بنوك استثمار مصرية، في إطار موجة بيع عالمية في الأسواق الناشئة.

وكشفj بيانات معهد التمويل الدولي مقره واشنطن أن المستثمرين الأجانب باعوا سندات وأسهما بقيمة 12.3 مليار دولار في الأسواق الناشئة في أيار / مايو الماضي.

مسارات إصلاح

وترى الباحثة هدى سعيد، أن الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري، ساهم بتعديل بنيته الاقتصادية نحو الاهتمام بالصناعات التحويلية، وخلق فرص استثمارية إنتاجية مربحة، سيخفف من العجز المزمن في الموازنة العامة للدولة.

وقالت إن المسار الثاني، يتمثل في تمويل عجز الموازنة بالصكوك الإسلامية، التي تعتمد على آلية المشاركة في تمويل المشروعات الاستثمارية في الموازنة العامة.

أما المسار الثالث، فهو تطوير آلية الاستثمار في سوق الأوراق المالية، والاستفادة من الأرباح الناجمة في تمويل عجز الموازنة.
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم