هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ربما كانت جريرة القوم أنهم حاولوا الاستغناء عن حارس البناية وهي مهمة ليست بالسهولة التي قد تتصورها. القوم يحاولون منذ أكثر من 7 سنوات، والمشكلة صارت أكثر تعقيدا وتدخلت أطراف كثيرة لحلها دون جدوى حتى الآن. في سوريا كما في باقي بلاد الربيع العربي يظل إحساس حارس البناية بذاته يتضخم حتى يصل لدرجات يعتقد فيها أن الكون قد يتوقف بدونه.
وربما كان هذا أمرا طبيعيا، فهؤلاء حكام لم تخترهم الشعوب التي يحكمونها وبالتالي ليست هناك ديون ليسددوها للشعوب بل تراهم جميعا يتعاملون مع الشعوب بشيء من الندية، هم يضعون أنفسهم في كفة والشعوب في الكفة الأخرى، هم في كفة والبلاد والعباد والشجر والدواب في الكفة الأخرى على عكس الرئيس مرسي مثلا والذي كان يدرك دائماً أنه ((مُعين)) من الشعب ولذلك كان هذا يظهر دائماً في كل تصرفاته.
والموضوع باختصار شديد أن أسرة ما من بين مئات آلاف الأسر التي حاولت تغيير حارس البناية في سوريا، نزحت من مدينتها بفعل القصف الروسي الذي لا يتوقف، وهُجِّرت إلى أحد المخيمات، وبينما كانت الأم تطهو وجبة طعام على موقد يستخدم وقودا فاسدا أو غير سليم لم يتوفر لهم سواه نظرا للظروف المعيشية القاسية التي تسبب فيها القصف، انفجر الموقد في وجه طفلتها إلهام عباس التي لم تتجاوز العقد الأول من عمرها، فاحترق وجهها وتشوهت طفولتها في لحظات.
ويبدو أن هناك ما يثير حفيظة الأنظمة تجاه الفتيات، ففي مصر أجبروا زبيدة منذ عدة أسابيع على الظهور على شاشة إحدى القنوات لتنفي أنها معتقلة وحين أكدت والدتها أنها معتقلة، جرى اعتقالها هي الأخرى.
الأمر لا يختلف كثيرا في سوريا، فبخلاف التقارير الحقوقية المريعة عن حالات التعذيب والاغتصاب التي تعرضت لها فتيات سوريات في معتقلات بشار، وبالإضافة إلى أعداد شهداء الثورة السورية حتى الآن، فهناك تلك الحالات المروعة كحالة إلهام عباس. مئات الآلاف من الأطفال يتكالب عليهم الجميع، لينتهي الأمر بأحسنهم حظاً أن ينزحوا من مدنهم ويتركوا بيوتهم خلفهم.
فهناك أولا تلك الطائرات الروسية التي قطعت مئات الكيلومترات لتحط في قاعدة حميميم بسوريا، ولترمي بقنابلها فوق منازل السوريين، ثم هناك عناصر القوات الإيرانية وعناصر حزب الله ثم هناك طائرات بشار التي تلقي فوقهم البراميل المتفجرة. هذه حرب عالمية صغيرة تدور رحاها فوق رأس إلهام.
والحقيقة أنني لا أستطيع أن فهم كيف يمكن يشعر شخص بالغ حين يعلم أنه يقتل أطفالا، وأنه يضغط زرا في طائرته فتهبط منها قنبلة تحطم أكثر من حياة في أقل من ثانية.
ثم كيف يشعر ويفكر أطفال يرون كل هذه المشاهد المريعة وربما يرون أعمدة الدخان تتصاعد من ساحة كانوا يلهون بها أو حين تنتهي غارة، ليكتشفوا أنهم فقدوا رفيقا. هذه أمور رهيبة.
الأخبار القادمة من سوريا ترسم كلها صورة مرعبة لما يتعرض له أطفال سوريا من جحيم لا يرحمهم فيه أحد، فكم إلهام غيرها أزهقت روحها قنابل الطائرات الروسية أو البراميل المتفجرة التي تلقيها طائرات بشار؟
طفلة أخرى فقدت أطرافها فصارت تستخدم الأواني بدلاً من الأطراف الصناعية. تصور أن تلك الطائرات ذات الأسماء المعقدة تنتقل مئات الكيلومترات من روسيا إلى حميميم وتصور أن هناك بيانات عسكرية وقوات وصحف تكتب وشعارات رنانة تتطاير في الهواء ومسؤولين مكفهري الوجوه يجتمعون في عدة عواصم ليعلنوا مؤازرتهم لنظام بشار لتكون النتيجة فتاة تنزح من أسرتها لتنجو من القصف وأخرى تفقد أطرافها وتستخدم بدلاً منها أطرافا صناعية!!
الحقيقة أنني لا أملك إلا أن أدعو الله بأن يفرج كرب سوريا وأطفالها.