هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ذكر موقع "بلومبيرغ"، في تقرير أعدته فيفيان نيريم، أن عملية الملاحقة واعتقال مليارديرات السعودية في فندق "الريتز" لا تزال تخيّم على السعودية الجديدة للأمير محمد بن سلمان.
فلا يزال عدد من معتقلي الريتز العام الماضي رهن الاعتقال، منهم الأمير تركي بن عبدالله، إضافة لعادل الفقيه وزير الاقتصاد السابق، الذي كان شخصية مهمة للمشروع الهادف لتغيير مسار المملكة.
وقالت إن فندق ريتز كارلتون، حيث اعتقل مئات من الأغنياء والشخصيات المؤثرة في السعودية فيما أطلقت عليها الحكومة حملة لمكافحة الفساد، لا يزال أثره عميقا في السعودية الجديدة، فقد استقبل الفندق ولشهور الشخصيات المؤثرة والأمراء ورجال الأعمال، وأطلق سراح عدد منهم، بعد موافقتهم على تسويات مالية، والتخلي عن أرصدتهم.
ونقل الموقع عن بعض المقربين من المعتقلين الباقين قولهم إن الأمير تركي والفقيه لا يزالان ضمن عدد من المعتقلين الذين لم يفرج عنهم، ونقلوا إلى سجن "الحاير"، حيث تعتقل الحكومة المتهمين بالتطرف الإسلامي.
وأضاف الموقع أن من أفرج عنهم كان عليهم دفع مبالغ هائلة في تسويات مالية، فيما منع الكثيرون من السفر، وأجبروا على ارتداء أساور إلكترونية؛ لمراقبة تحركاتهم، ولا يزال مصير عدد منهم غير معروف، مثل الرئيس السابق لهيئة الاستثمار العامة عمرو الدباغ، والمستثمر السعودي- الإثيوبي محمد العامودي.
وخلقت عمليات الاعتقال جوا من الخوف على نحو غطى على التقارير التي تتحدث عن تغييرات يقودها الأمير الشاب الأمير بن سلمان، من مثل افتتاح دور السينما، والسماح بالاختلاط وقيادة المرأة للسيارات.
وقالت التقرير إن الحماسة التي رافقت الإعلان عن خطة التحول "رؤية 2030" قبل عامين حل محلها الإجهاد والخوف من ضياع الرسالة الحقيقية للإصلاح، وذلك بناء على حوارات مع مسؤولين حكوميين ورجال أعمال وناشطين ودبلوماسيين.
وأضاف أن بعض السعوديين يحتفظون بهواتفهم، إما في علب بلاستيكية أو غرف منفصلة؛ خشية من الرقابة عليها والدخول إلى ميكروفوناتها عن بعد. كما أن الكثير من السعوديين يترددون في الحديث عن السياسة في الأماكن العامة. وطلب رجل أعمال قبل فترة من ضيفه أن يخفض صوته عندما كان يناقش مع أصدقائه حملة مكافحة الفساد.
وكانت السلطات السعودية قد اعتقلت الشهر الماضي عددا من الناشطات المعروفات، واتهمتهن بالتواصل مع جهات أجنبية، وتقديم الدعم المادي والمعنوي "للعناصر المعادية للمملكة".
ورأى التقرير أن نسخة ولي العهد عن الحاكم الأوحد لا تدع مجالا للمعارضة أو نسبة أي شخص إنجازات أو تغييرات لنفسه، حسبما قال جيمس دورسي، المتخصص بشؤون الشرق الأوسط بجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة.
وكان ابن سلمان قد تجول لثلاثة أسابيع في الولايات المتحدة، حيث قدم نفسه والوفد المرافق له من رجال الأعمال. ويتعاون مع مجموعة "سوفت بانك" لبناء مدينة حديثة في الصحراء بكلفة 500 مليار دولار. وفي داخل السعودية استبدل ولي العهد بالنظام المطلق، حين كان الأمراء الكبار يقودون وزارات محددة دون أي تدخل، نظاما فرديا يتحكم فيه الأمير بكل مفاصل السلطة بالبلاد.
وقال مسؤولون في السفارات الأجنبية إنهم يستقبلون الكثير من السعوديين من حملة الجنسية المزدوجة، الذين يستعلمون عن كيفية تجديد جوازات سفرهم الثانية، ويتقدمون بطلبات لاستخراج جوازات جديدة لأبنائهم. ووصلت نسبة الاستثمارات القادمة من الخارج، العام الماضي، لخُمس استثمارات عام 2016، أي 1.4 مقابل 7.45 مليار دولار، وهو ما كشف عنه تقرير صادر عن الأمم المتحدة نشر الأسبوع الماضي.
وتكشف بيانات البنك المركزي السعودي عن نقل أموال للخارج. ففي الفترة التي تلت حملة الاعتقالات زادت نسبة نقل الأموال إلى 46% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الذي سبق الحملة.
ولا تزال النسبة عالية حتى نيسان/ أبريل من العام الحالي، بزيادة 27% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام السابق.
وظلت المملكة مكانا يمكن فيه للأمراء الإنفاق ببذخ، فيما تأكدت المؤسسة الدينية من فرض القيود على حركة الناس في المجال الاجتماعي. وأدى تراجع أسعار النفط وبطء في النمو إلى البحث عن سياسات جديدة لتغيير مسار الاقتصاد، وتحريره من الاعتماد على البترودولار.
ويقول دبلوماسيون في الرياض إن ولي العهد ربما استخدم الناشطين وقمعهم كمثال لجماعات ضغط أخرى ربما فكرت بالضغط من أجل الحصول على تنازلات للتغيير.
وقالت كريستين سميث ديوان من معهد دول الخليج العربية بواشنطن: "إنها تحذير للمواطنين السعوديين بأن الدولة هي المتحكم الرئيس في السياسة، والمتحدي أمام الإعلام الأجنبي، وفي أي ظرف من الظروف".
وما يدفع المخاوف داخل السعودية هي الطريقة التي عالجت من خلالها الحكومة مسألة مكافحة الفساد في تشرين الثاني/ نوفمبر.
وتم اعتقال381 مشتبها به وشاهدا في فندق ريتز بالرياض للتحقيق معهم. وتم الإفراج عن معظمهم بعد تحصيل 100 مليار دولار منهم حسب الحكومة، ولم يفرج عن 56 شخصا قالت الحكومة إنها تحفظت عليهم لقضايا لا تزال تحت التحقيق. وكان وزير المالية محمد الجدعان قد قال في منتدى دافوس الاقتصادي إن عملية التطهير ضد رجال الأعمال كانت جيدة للتجارة والأعمال. وهناك قطاعات تزدهر مثل قطاع الترفيه، فيما بدأت العائلات السعودية الكبيرة بالاستثمار من جديد. وأظهر العديد من رجال الأعمال السعوديين رغبة باستثمارات في الدخل والخارج بعد أشهر من عملية القمع. وهم يعرفون أن السنوات المقبلة ستكون صعبة ولأسباب منطقية. ولكن ما حدث أخاف الكثيرين. وتنتشر في المملكة الشائعات والأحاديث عن تعرض المعتقلين للتعذيب، بما في ذلك الصعقات الكهربائية.
وتحدث ثلاثة مقربين من معتقلين وشخص أعلمه طبيب عن الروايات ذاتها عن تعرض المعتقلين للانتهاك الجسدي.
وأنكرت الحكومة الاتهامات. وقال اثنان من المفرج عنهم إنهم عوملوا بعناية خاصة، فقد قال الأمير الوليد بن طلال مؤسس المملكة القابضة إن سجانيه عاملوه جيدا. ومن أجل الإفراج عنهم قدمت لهم الحكومة المطلوب منهم وضغطت عليهم. وفي بعض الأحيان، كانت المبالغ تغطي كل ثروتهم، وذلك حسب أشخاص عارفين. ومنذ الإفراج عنهم اتصلت بهم السلطات مرارا، ومنحتهم مواعيد زمنية لدفع المبالغ.
أما من لم يفرج عنهم، فلا يزالون دون محاكمة بعد ستة أشهر من اعتقالهم. ويقول غريغوري غوس، أستاذ العلاقات الدولية، والخبير في الشؤون السعودية في جامعة تكساس إي أند أم، إنه يتوقع تجنب الحكومة السعودية المحاكمات؛ "لأن الكثير من الوسخ سيخرج". وقال ستيفان هيرتوغ، البرفسور في مدرسة لندن للاقتصاد: "الطريقة التي تم التحضير فيها لعملية التطهير والسرية، والسرعة التي نفذت من خلالها، مثيرة للدهشة"، إلا أن الحملة لم تقدر التحديات المعقدة على السياسة والأضرار غير المتوقعة التي تخلقها".