ملفات وتقارير

"صراع نفوذ" بهيئة انتخابات تونس ورئيسها يتوعد بكشف المستور

 طلب الإعفاء أحيل إلى البرلمان للنظر فيه- جيتي
طلب الإعفاء أحيل إلى البرلمان للنظر فيه- جيتي

أثار القرار المفاجئ لمجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، بإعفاء رئيسها وإحالة الطلب إلى البرلمان، جدلا بين الأوساط الحزبية ومنظمات مراقبة الانتخابات وسط تصاعد المخاوف من تأثير هذه الصراعات الداخلية على مسار الانتقال الديمقراطي في تونس والاستحقاقات الانتخابية في 2019.


ويمنح الفصل 15 من القانون الأساسي المحدث لهيئة الانتخابات حق إعفاء رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أو أحد أعضاء مجلسها، في صورة ارتكابه لخطأ جسيم في القيام بالواجبات المحمولة عليه بمقتضى هذا القانون، أو في صورة الإدانة بمقتضى حكم بات من أجل جنحة قصدية أو جناية، أو في صورة فقدانه لشرط من شروط العضوية بمجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات"

و "يرفع طلب الإعفاء من قبل نصف أعضاء مجلس الهيئة على الأقل، ويعرض على الجلسة العامة للمجلس التشريعي للمصادقة عليه بالأغلبية المطلقة لأعضائه".


تصاعد الخلاف

 
وكان أعضاء هيئة الانتخابات في تونس قد اتهموا رئيسها محمد التليلي المنصري بفقدانه الكفاءة في تسيير الهيئة، وارتكابه لأخطاء انعكست سلبا على مناخ العمل الجماعي داخلها، واعتبر عضو الهيئة عادل البرينصي في حديثه لـ "عربي21" أن "طلب إقالة رئيس الهيئة التي تقدم بها الأعضاء إجراء عادي في ظل التنازع على الصلاحيات وبلوغ الأزمة في صلب الهيئة إلى مرحلة اللاعودة، ما استوجب تدخل البرلمان لحل الإشكال".


البرينصي أكد أن ثمانية أعضاء داخل الهيئة صوتوا على إحالة طلب إعفاء الرئيس إلى مجلس نواب الشعب بعد تصاعد الخلاف القانوني داخلها حول توزيع الصلاحيات، ومحاولات رئيسها الاستفراد بالحكم، نافيا أن يكون للأمر أي تأثير على الاستحقاقات الانتخابية القادمة.


من جانبه، أقر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري في تصريح لـ "عربي21" بوجود صراع داخلي وتنازع على الصلاحيات في صلب الهيئة وبين أعضائها.


وأضاف: "الأمر لا يحتاج أي اجتهاد، أغلب الأعضاء يتصارعون على منصب رئاسة الهيئة ومارسوا شتى أنواع الضغوط على شخصي منذ تولي الرئاسة، لكني رفضت الحديث عن ذلك على حساب صحتي وكرامتي لإنجاح المسار الديمقراطي والانتخابات البلدية، لكنهم مع الأسف مازالوا مصرين على توتير الأجواء وكافؤوني بطلب إعفائي".


المنصري أكد استعداده الذهاب للبرلمان، وتوعد "بالكشف عن الممارسات غير المهنية التي يمارسها أعضاء الهيئة، والتي ساهمت في تعطيل عدة إجراءات في صلبها"، ودعا في الآن نفسه البرلمان للإسراع في تجديد ثلث أعضاء الهيئة وفق ما يمليه القانون المحدث لها.


مسار انتخابي مهدد

 
تصاعد فتيل الأزمة بين رئيس هيئة الانتخابات وأعضائها جعلت عدة منظمات مدنية وجمعيات مراقبة نزاهة الانتخابات تخرج عن صمتها، وتعرب عن قلقها من خطورة ما يجري على استقرار وسلامة المسار الانتخابي بالبلاد، في ظل وجود استحقاقات انتخابية قادمة في 2019 ، حيث نشر "مرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية " بيانا اطلعت "عربي21" على نسخة منه، دعا خلاله البرلمان لفتح تحقيق للوقوف على الحقائق واتخاذ الإجراءات المناسبة".


وبهذا الخصوص، أعرب المدير التنفيذي للمرصد ناصر هرابي عن تخوفه من تأثير ما يجري داخل هيئة الانتخابات، على المناخ الديمقراطي في البلاد وباقي الاستحقاقات الانتخابية، وتابع لـ "عربي21" : "المشكل أن الصراع الداخلي في صلب هيئة الانتخابات على منصب الرئاسة وتمرد أعضائها، الذي عايناه كمنظمات مدنية ليس بالجديد، وكنا حذرنا منه منذ تقديم رئيس الهيئة السابق شفيق صرصار وعضوين آخرين استقالتهم من الهيئة بسبب غياب التوافق في صلبها، وإصرار بعض الأعضاء على التعنت مع الرئيس السابق والحالي ".

 

اقرأ أيضا: "النهضة" تتصدر انتخابات تونس وتهزم "النداء" واليسار (شاهد)

هرابي أكد أن أزمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، تعود أساسا لطبيعة القوانين المنظمة لرئاسة الهيئة على خلاف باقي الهيئات الدستورية الأخرى، حيث يعين البرلمان التونسي رئيس الهيئة في وقت يطالب فيه الأعضاء على أن تكون صلاحيات اختيار الرئيس شأنا داخليا ودون تدخل مؤسسات خارجية.
وختم بالقول: "الصراع بلغ ذروته بعد قرار رئيس الهيئة إجراء قرعة لتجديد ثلث أعضاء الهيئة وفق ما يمليه القانون المنظم لعملها، لكن الأعضاء الثلاثة الذين شملتهم القرعة رفضوا الانصياع لأوامر الرئيس ونتائج القرعة".


من جانبه، أوضح مساعد رئيس مكتب البرلمان والمكلف بالعلاقات مع السلطة القضائية والهيئات الدستورية، النائب الحبيب خضر، في حديثه لـ "عربي21" أن طلب إعفاء رئيس هيئة الانتخابات لم يرد حتى اللحظة لمجلس نواب الشعب، مشددا على أنه في حال تم ذلك، توكل للبرلمان مهمة النظر في هذا الطلب ومدى استيفائه للشروط القانونية، ليتم على إثرها تحديد جلسة عامة للتصويت على إعفاء الرئيس من عدمه، بشرط توفر الأغلبية المطلقة 109 أصوات.


خضر أكد أنّ رئيس هيئة الانتخابات يمارس صلاحياته القانونية الكاملة، ومايزال رسميا في منصبه، على عكس ما يروج عن قرار إقالته، معتبرا أن ما يمكن أن يصدر عن مكتب الهيئة وأعضائها، هو طلب إعفاء وليس إعفاء، وأن القرار الأخير بيد البرلمان.

التعليقات (0)