سياسة عربية

حملات بملايين الجنيهات لجمع التبرعات في مصر تثير جدلا

حملات جمع التبرعات بمصر يشارك فيها عدد كبير من الممثلين والإعلاميين ولاعبي كرة القدم- يوتيوب
حملات جمع التبرعات بمصر يشارك فيها عدد كبير من الممثلين والإعلاميين ولاعبي كرة القدم- يوتيوب

أثار سباق الحملات الإعلانية لجمع التبرعات في مصر، لصالح الجمعيات الخيرية، بمشاركة عدد كبير من الممثلين والإعلاميين ولاعبي كرة القدم، جدلا وتساؤلات عديدة حول تكلفة هذه الإعلانات والرقابة على تلك الأموال والجهات التي تقف خلف هذه الحملات الإعلانية الضخمة.


وتزامنت الحملة الإعلانية لجمع التبرعات مع تصريحات رئيس جمعية الأورمان الخيرية اللواء ممدوح شعبان، أمام قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بمؤتمر الشباب الأربعاء، أنه لا يوجد فقراء بمصر.


وفي المقابل، أكدت دراسة حديثه للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (حكومي) أن نسب من يقعون تحت خط الفقر بالبلاد من 27.7 بالمئة وحتى 35.4 بالمئة للفئة العمرية من 15 وحتى أكثر 25 سنة.


وكشف رئيس جمعية الأورمان، في حضور السيسي، عن زيادة حجم تبرعات المصريين بنسبة 300 بالمئة، وأن جمعيته كانت تتلقى 300 مليون جنيه منذ 3 سنوات، واليوم تقترب من مليار جنيه تبرعات وأنها تقيم مشروعات لـ 83 ألف أسرة.

 

 

وانطلق سباق الإعلانات الداعية للتبرع للجمعيات الخيرية مع بداية شهر رمضان عبر جميع الفضائيات الحكومية والخاصة ومحطات الإذاعة والصحف والمواقع الإليكترونية والطرق والبنوك.


وأنشئت جمعية "الأورمان" غير الحكومية، عام 1993، وتتبنى شعارات مثل "طفل فقير.. أكفل قرية فقيرة"، ويديرها اللواء السابق بالجيش ممدوح شعبان، فيما تأسست مؤسسة "رسالة" عام 1999، وشعارها الآن "رمضان عندنا طول العام"، ويرأسها الأكاديمي بالجامعة الأمريكية شريف عبدالعظيم، أما جمعية "مصر الخير" التي يشرف عليها مفتي مصر السابق علي جمعة، فتعمل هذا العام تحت شعار "إفطار 10 ملايين صائم".


وأظهرت إحصاءات رسمية أن الجمعيات الخيرية حصلت على 80 بالمئة من التبرعات السنوية في رمضان 2017، بنحو 30 مليار جنيه مصري.

 

 

وقالت تقارير إعلامية إن تكلفة إعلان مدته 30 ثانية يعرض لمدة 3 أيام نحو 250 ألف جنيه، حسب الاتفاق مع القنوات التي تقدم في الأغلب تخفيضات لإعلانات تلك الجمعيات يتم خصمها من ضرائب الفضائيات.


وبينما تبلغ نسب إعلانات تلك الجمعيات نحو 40 بالمئة من حجم الإعلانات بالفضائيات؛ تخطت تكلفة الإعلانات 55 مليون جنيه في 2017، ناهيك عن أجور الفنانين ولاعبي كرة القدم والإعلاميين، فيما تردد العام الماضي أن الفنان محمد هنيدي تقاضى مليون جنيه عن إعلان لـ"مصر الخير".

 

 

دعوات التبرع انتقلت إلى بعض البنوك حيث خصص البنك التجاري الدولي, (سي أي بي) تطبيق المحفظة الذكية عبر الهاتف للتبرع لأكثر من 20 مؤسسة خيرية خلال رمضان بإعفاء من الرسوم.


وتزايد الحديث مؤخرا عن أن تلك الجمعيات تعمل بإشراف من الدولة خاصة بطلب السيسي، في آذار/مارس الماضي، منها إدارة بعض المستشفيات الحكومية لعدم وجود ميزانيات كافية، ودعوته الجمعيات لفرش شقق الإسكان الاجتماعي للشباب غير القادر، إلى جانب طلب الحكومة منها الاهتمام بالعملية التعليمية.


وفي تعليقه أكد المحلل السياسي سيد أمين، أنه "لا أحد يعلم على وجه التحديد حجم التبرعات التي تتلقاها الجمعيات الخيرية نظرا للفساد الذي عشش فيها والذي يحول دون معرفة المزيد عن أسرارها".


 وقال لـ"عربي21"، إن "هناك تقديرات بأن نحو 25 ألف جمعية مصرية تتلقى نحو 52 مليار جنيه سنويا", مضيفا: "وبالطبع هو رقم كبير للغاية؛ ومن المتوقع أن يكون الرقم الحقيقي ضعف هذا الرقم"، موضحا أن "الجمعيات ترفض الإفصاح عنه إما لفساد مالي وإما لسوء عدالة بالتوزيع حيث تقوم الجمعيات بتوزيعه على الأقارب والمحاسيب بدعوى القائمين عليها".


وحول وجود رقابة على تلك الجمعيات أوضح أنها "كعادة كل شيء بمصر فالرقابة نفسها نخر فيها الفساد، وبدلا من أن تعاقب المفسد تسعى لضمان حصتها بالفساد ما نجم عنه تنامي ظاهرة فساد الجمعيات لدرجة صارت راسخة بوجدان المصريين أن الجمعية الخيرية هي مجرد سبوبة بوجه آخر لشلة من المنتفعين".


وبين أمين، أن "كثيرا من تلك الجمعيات يقوم بتوجيه رقم كبير جدا من أموالها لحملات الإعلانات وتنجيم القائمين على تلك الجمعيات بما يختلف كليا عن رسالتها كونها عمل خيري إنساني"، معلنا عن أسفه أن "كثيرا من الجمعيات الخيرية- دون ذكر اسمها - تحولت لمنجم ذهب لفئات من المسؤولين التنفيذيين بالدولة ويتم حمايتها من أي مساءلة قانونية".


وعن الضرر الذي خلفه غياب دور الإخوان المسلمين الخيري على فقراء مصر بشهر رمضان، أكد أمين أنه كان يجب أن تقوم تلك الجمعيات بملء الفراغ بعد غياب الإخوان لكن طبعا هي جمعيات غير صادقة بخدمة المجتمع فتفشى فيها الفساد وتخلت عن دورها ولذلك لا يوجد تأثير لها عمليا على الأرض".


وأشار الأستاذ بطب الإسكندرية الدكتور جمال المنشاوي، إلى ما يحصل عليه العاملين بتلك الجمعيات والمستشفيات التي تطلب التبرع، موضحا عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أن "السفه بالإنفاق وصل لدرجة خطيرة؛ فمستشفى كبير للأورام ودعايته مبهرة وتستغل المشاهير، راتب رئيسة التمريض 40 ألف جنيه والطبيب الاستشاري من 60 إلى80 ألف جنيه من أموال التبرعات"، مضيفا أن "تكلفة الإعلان تأتي بأربعة أضعاف تكلفته".


المنشاوي، أكد عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أن "سيطرة اللواءات على هذه الجمعيات وحتى جمعيات المساجد أمر ملموس وواضح؛ فهي سبوبة سمينة".

 

 

وكشف الناشط أشرف الصناديلي، عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أن جمعية الأورمان الخيرية تؤجر مكتبا لها على كورنيش المعادي بالقاهرة بمبلغ 50 ألف جنيه شهريا.

 

التعليقات (0)