ملفات وتقارير

تقرير المحروقات بالمغرب.. كيف "يحمي" التحقيق لوبي النفط؟

كشفت مصادر متطابقة أن تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة، خرج تحت الضغط على رئيسها، عبد الله بووانو، - أرشيفية
كشفت مصادر متطابقة أن تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة، خرج تحت الضغط على رئيسها، عبد الله بووانو، - أرشيفية

بعد انتظار أشهر، خرج إلى العلن تقرير اللجنة البرلمانية حول المهمة الاستطلاعية لأسعار المحروقات، الذي طال انتظاره من طرف المغاربة، وبعد شهر من حملة مقاطعة ثلاث علامات تجارية، تستحوذ على سوق المحروقات، والماء، والحليب.

التقرير الذي جرى تسريبه للصحافة مساء الجمعة، أياما قبل عقد لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب (غرفة أولى)، بعد أن عمم رئيس اللجنة دعوة للأعضاء لعقد اجتماع يوم الثلاثاء 15 أيار/مايو المقبل.

تقرير تحت الضغط
كشفت مصادر متطابقة أن تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة، خرج تحت الضغط على رئيسها، عبد الله بووانو، رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، والقيادي في حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة.

 

اقرأ أيضاالحكومة المغربية تدافع عن الشركات وتهدد من يروج أخبارا كاذبة

مصدر مسؤول بإحدى شركات المحروقات الذين التقوا برئيس اللجنة عند إعداد التقرير، قال لـ"عربي21"، إن "رئيس لجنة المهمة الاستطلاعية أقر لهم بتعرضه لضغوطات كبيرة أثناء إعداد التقرير".

وتابع ذات المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن "كان رئيس اللجنة قد أعلن بلسانه أن التقرير خرج تحت الضغط، وأنه لم يستطع أن يفعل أكثر من هذا، فماذا تريد أن يقول الآخرون؟".

 

أعضاء اللجنة رفضوا "إدراج أية إشارة لبنية أسعار المحروقات، بناء على معطيات وزارة الاقتصاد والمالية

ولقد اتصلت "عربي21" برئيس اللجنة، عبد الله بووانو، وتركت له رسالة نصية قصيرة على هاتفه، يخبره فيها بموضوع الاتصال، غير أن رئيس اللجنة لم يرد أو يعيد الاتصال.

سؤال تعرض الرئيس للضغط نقلناه إلى مسؤولي حزب العدالة والتنمية، حيث أكد قيادي في الحزب، أن "مسألة تعرض عبد الله بووانو لضغوطات بادية للجميع".

وأضاف ذات المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، في تصريحه المقتضب لـ"عربي21"، أن "حجم الضغوطات كانت كبيرة، وجاءت من داخل الحزب ومن خارجه". ورفض الحديث عن طبيعة هذه الضغوطات.

الفيتو.. وغياب الأرباح
التقرير كان مفروضا أن يكشف جوانب "مجهولة" عن عالم المحروقات في المغرب، خاصة في ظل اتهامات كثيرة للشركات.

المصدر المسؤول في شركة المحروقات، قال إن "التقرير قفز بشكل غير مفهوم عن أرباح الشركات، كيف تقول إن المهمة الاستطلاعية انتهت، وأنت لم تقل للناس شيئا عن أرباح الشركات؟".  

وتابع ذات المصدر: "التقرير تحدث عن استفادة الدولة وأرباح الأبناك في الجملة، غير أنه سكت عن أرباح الشركات، مع العلم أن الأسعار منذ قرار التحرير كانت في أدنى مستوى لها عالميا، بينما كان السعر عاليا في المغرب".

من جهتها، ذهبت مصادر برلمانية، إلى أن "ممثلي فرق الأحرار والأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية، والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، رفضوا رفضا قاطعا أن يتضمن تقرير اللجنة أية معطيات رسمية مسلمة من طرف الحكومة، حول بنية أسعار المحروقات، داعين إلى الاعتماد على وثائق جمعية النفطيين بالمغرب فقط، على اعتبار أنها تضم جميع شركات التوزيع، وتشتغل بالمجال وتعرف إكراهاته ومعطياته".

وتابعت المصادر القريبة من التقرير، أن أعضاء اللجنة رفضوا "إدراج أية إشارة لبنية أسعار المحروقات، بناء على معطيات وزارة الاقتصاد والمالية، والتي تشرح الجزء الثابت والجزء المتغير في الأسعار التي يُفترض أن تعلن عنها محطات التوزيع والبيع".

وزادت أنهم منعوا "إدراج معطيات صادرة عن وزارة الطاقة والمعادن بتاريخ 18 فبراير 2018، تكشف العلاقة بين أسعار شراء المحروقات من السوق الدولية، والسعر المفترض أن يتم به البيع في المحطات، والذي لا يتجاوز وفق حسب المعطيات المشار إليها، 7 دراهم بالنسبة للبنزين و6 دراهم للغازوال، في وقت تجاوزت فيه أسعار البيع 10 دراهم بالنسبة للغازوال و11 درهم بالنسبة للبنزين".

واعترض أعضاء اللجنة أيضا، "إدراج شبكة المعطيات التي تشير إلى هذه الأرباح والتي تجاوزت 300 في المائة بالنسبة لبعض الشركات في ظرف سنة فقط بعد اعتماد قرار تحرير أسعار المحروقات".

واستغربت تلك المصادر "كيف أن أحزاب الأغلبية والمعارضة في مجلس النواب اتفقوا على تبني وجهة نظر واحدة وموحدة أثناء نقاش التقرير، ما جعل رئيس اللجنة عبد الله بووانو معزولا داخل اللجنة".

"بياضات" لصالح أخنوش 
وتساءلت مصادر "عربي21" عن سر اختفاء وثيقة مهمة من التقرير لها علاقة بوزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والتنمية القروية، عزيز أخنوش، الرجل النافذ ومالك شركة أفريقيا "رائد" قطاع المحروقات في المغرب.

وأفادت ذات المصادر أن من بين الوثائق التي استلمتها لجنة المهمة الاستطلاعية المؤقتة، تتعلق بعملية "التأمين على سعر المحروقات السائلة"، التي أبرمت في 2013.

وذهب موقع "لكم"، إلى أنه اختفت تماما من النسخة النهائية من تقرير اللجنة الاستطلاعية حول المحروقات، فقرة كاملة كانت تحمل رقم (4) في النسخة الأولى من التقرير تحت عنوان "التأمين على سعر المحروقات السائلة".

وتابع موقع "لكم" أن هذه الفقرة "ثم اتخاذ قرار إبرام عقد التأمين الدولي مع (وول ستريت) من طرف البنك المغربي للتجارة الخارجية، وهو القرار الذي يمتع شركات المحروقات بامتيازات عالمية لشراء هذه المادة من السوق الدولي بأثمنة مريحة على حساب الحكومة المغربية والمالية العمومية".

 

اقرأ أيضافوربس: أخنوش 5 أغنى رجل أعمال بشمال أفريقيا وسويرس أولا

وتابعت الفقرات المحذوفة: "بعدما نزلت أسعار المحروقات إلى مستويات قياسية لم تشهدها منذ سنوات السوق الدولية، تساءل مجموعة من الخبراء والمتتبعين في المغرب حول كلفة التأمين على مخاطر ارتفاع أسعار الغازوال، الذي كلف الحكومة 509 ملايين درهم، إذا تجاوز السعر العالمي سقف 120 دولارا للبرميل الواحد، وهو ما لم يحدث بعدما عرفت أسعار المحروقات انخفاضا غير مسبوق".

وزاد الموقع: "إن هذه الصيغة جاءت في ظرفية خيمت عليها توقعات باستمرار ارتفاع أسعار البترول، وعلى خلفية سياسة تحرير أسعار المحروقات؛ حيث مكن هذا التأمين من الاحتياط بسبب خطر تقلبات ارتفاع أسعار البترول في الفترة ما بين 13 أيلول/ سبتمبر و31 كانون الأول/ ديسمبر 2013".

وختم بهذا السؤال، نقلا عن الفقرات المحذوفة: "كيفية فتح اعتمادات أداء لهذا التأمين مع أنها لم تكن مدرجة في قانون المالية لسنة 2013 الذي صادق عليه البرلمان؟".

وتعود النازلة إلى 2013، حين كان عزيز أخنوش، وزيرا للمالية بالنيابة، بعد استقالة نزار بركة بسبب خروج حزب "الاستقلال" من حكومة عبد الإله بن كيران.

خلاصات التقرير
جرى على نطاق واسع من يوم الجمعة 11 أيار/ مايو، ترويج نسخة من تقرير لجنة المهمة الاستطلاعية المؤقتة، حول أسعار المحروقات، الذي جاء خاليا من الأرقام التي تثبت أرباح الشركات، بل قال إن الدولة والأبناك هما المستفيدان الأكبران من عملية تحرير سوق المحروقات. 

"اللجنة الاستطلاعية" التي شكلها مجلس النواب للوقوف على أسعار البيع للعموم وشروط التنافسية في قطاع المحروقات، بعد عملية تحرير السوق، خلصت إلى أن الدولة هي أول مستفيد من قرار التحرير ورفع الدعم عن المواد البترولية.

وقال التقرير الذي سيناقش يوم 15 أيار/مايو الجاري أمام البرلمان قبل أن يعرض على العموم، إن الدولة استفادت من توفير ما يزيد عن 35 مليار درهم سنويا، من نفقات المقاصة والتي بلغت سنة 2012 مستوى قياسيا يقدر بـ 56 مليار درهم.

وخلص التقرير إلى القول بأن كلفة التوزيع والتقسيط كانت تمثل 6% بالنسبة للغازوال أي ما يعادل 0.55 درهم، و7% بالنسبة لثمن البنزين أي ما يقارب 0.69 درهم في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 قبل التحرير، ليسجل أن نمو متوسط الفارق بين الأسعار المحتسبة استنادا إلى تركيبة الأسعار ما قبل التحرير والأسعار المعتمدة بعد التحرير، بزائد 96 سنتيما في اللتر في الغازوال، و76 سنتيما في البنزين.

 

اقرأ أيضاارتفاع سعر المحروقات بالمغرب والحكومة تبرئ "الدرهم"

وقال التقرير، أيضا، إن القطاع البنكي هو الذي استفاد من فترة المقاصة بما أنه كان يقوم بتغطية مديونية الدولة اتجاه الشركات بفوائد عالية.

ونقل التقرير عن مجلس المنافسة قوله إنه "يصعب التأكيد على وجود تواطؤ بين شركات المحروقات في تحديد الأسعار في محطات الوقود من عدمه".

 

ورغم أن المؤشرات تقول بأن التقرير أنهى في لجنة المهمة الاستطلاعية وأنها قدمت كل ما لديها، إلا أن قياديا في حزب العدالة والتنمية قال لـ"عربي21"، لا شيء انتهى ونملك حقنا في المطالبة بكل المعطيات وبسطها في جلسة 15 ايار/ مايو القادم، فلا أحد يملك ان يصادر حقنا في النقاش".

يذكر أن اللجنة الاستطلاعية البرلمانية يرأسها عبد الله بووانو عن حزب "العدالة والتنمية"، وكانت قد تشكلت على خلفية انتقادات وجهت لشركات المحروقات اعتبرت أن الأسعار التي تطبقها مرتفعة مقارنة مع ما يجب أن تكون.

التعليقات (0)