هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تخطت أسعار المازوت (الغازوال) سقف العشرة دراهم مغربية لأول مرة منذ تحرير قطاع المحروقات، في فاتح كانون الأول/ ديسمبر 2015، بعد أن كانت نفس الحكومة قد اعتمدت نظام المقايسة في 2013.
الارتفاع الذي واجه مستهلكي قطاع الطاقة بدأ من الثلاثاء 16 كانون الثاني/ يناير، تزامن مع قيام المغرب بتعويم سعر الدرهم، ما رفع مخاوف المستهلكين من ارتباط تعويم الدرهم مع ارتفاع أسعار المحروقات التي تنعكس بدورها على باقي المواد الاستهلاكية.
أسباب ارتفاع الاسعار
كشف الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، ما اعتبره أسباب ارتفاع أسعار المحروقات في المغرب خلال اليومين الماضيين، وربط بينها وبين ارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية، رافضا وجود علاقة بين ارتفاع الأسعار وتعويم الدرهم.
وقال لحسن الداودي في تصريح لـ"عربي21"، إن "سعر النفط ارتفع في السوق الدولية، وهو اليوم أقرب من 70 دولارا للبرميل الواحد، فطبيعي أن ينعكس الارتفاع على سعر المحروقات في المغرب".
وتابع الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة: "خاصة أن البترول الذي يوزع حاليا تم اقتناؤه قبل عشرة أيام على الأقل، والمزودون يبيعونه بناء على الثمن الذي اقتنوا به الخام".
المحروقات سلعة محررة
وأضاف الوزير: "وفي حالة استمر الارتفاع دوليا، طبيعي أن تنعكس على السوق، مثلها مثل أي مادة أخرى محررة، لم يعد بإمكانك التدخل في سعرها، فقط مهمتك مراقبة المنافسة، هذا هو دور الحكومة، بعدما تم تحرير هذه السلعة".
وختم الوزير حديثه قائلا: "ما نتمناه هو تراجع الأسعار على المستوى الدولي، لأنه لا وجود لمبرر لهذه الزيادة نهائيا، فقط التوتر مع إيران هو السبب، فالعراق يستعيد حصته في السوق الدولية، وليبيا، وأمريكا تنتج وتستعد للتصدير، والأسعار مرشحة للتراجع لأن العرض مفترض أن يكون أكثر من الطلب في السوق الدولية".
الدرهم بريء
ورفض لحسن الداودي الربط بين ارتفاع أسعار المحروقات في المغرب، وبين قرار الحكومة المغربية تعويم الدرهم، معتبرا أن الدرهم لم يتراجع أمام الدولار، العملة التي يتم بها بيع البترول.
وقال الدوادي: "البترول تم اقتناؤه قبل 10 أيام، والدرهم لم يفقد قيمته مقارنة بالدولار بسبب التعويم".
وأوضح أن "الدرهم ارتفعت قيمته مقارنة مع الدولار بعد التعويم، وسبب الزيادة كما قلت هو ارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية، حيث شهد خلال الأيام القليلة الماضية ارتفاعات متتالية، وحيث تراجع اليوم نسبيا في السوق الدولية".
حديث الوزير المغربي جاء ساعات بعد تصريحات لمسؤولين في "مجموعة النفطيين" (لوبي موزعي المحروقات في المغرب)، للصحافة اعتبروا فيها أن سبب ارتفاع أسعار المازوت والبنزين راجع إلى تراجع قيمة الدرهم في علاقته مع الدولار.
ارتفاع الأسعار وانخفاض الدولار
ورغم إقرار رئيس مجموعة النفطيين، عادل الزيادي، بتراجع قيمة الدولار، إلا أنه شدد "بالمقابل على ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وارتفع سعر برميل المواد المكررة إلى 630 دولارا للطن، أي ما يناهز الـ0.63 دولار للتر".
وأضاف الزيادي في تصريحات صحافية: "يتعين إضافة تكاليف النقل والضريبة الداخلية على الاستهلاك عند الاستيراد، وبعض التكاليف المرتبطة بالتوزيع".
واستدرك بأن "تعويم الدرهم يضع شركات النفط أمام مخاطر تقلبات أسعار النفط، لأن أي تراجع لقيمة الدرهم أمام الدولار سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المحروقات حتى لو ظلت الأسعار مستقرة في السوق".
المهمة الاستطلاعية
ولحساسية ارتفاع أسعار المحروقات في المغرب، فقد أثار هامش ربح الشركات منذ تحرير القطاع جدلا في المجتمع وداخل أروقة البرلمان بمجلسيه، انتهى بعد توافق مجلس النواب (الغرفة الأولى) على إحداث لجنة مهمة استطلاعية في تموز/ يوليو 2017.
وقال رئيس لجنة المهمة الاستطلاعية حول أسعار المحروقات، ورئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، عبد الله بووانو، إن "سؤالنا الأساسي والمحوري هو من استفاد من هذا دعم الحكومة؟".
وتابع عبد الله بووانو في تصريح لـ"عربي 21": "كيف أنه في 2012 كان ثمن برميل النفط 120 دولار للبرميل الواحد، وكان المواطن يشتري اللتر الواحد من المازوت هو 10 دراهم للتر، والآن ثمن البرميل حوالي 60 دولار، يعني نصف المبلغ صحيح أنه في 2012 كان مدعوما، لكن من استفاد من هذا الدعم؟ من أجل هذه السؤال تم إحداث اللجنة الاستطلاعية".
وأضاف بووانو: "قطعنا مراحل جد متقدمة في الصياغة النهائية لتقرير المهمة الاستطلاعية، وكان لقاء مع وزارات الشؤون العامة والحكامة، ووزارة الطاقة والمعادن، مع وزارة الاقتصاد والمالية، مع إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، مع مكتب الصرف، والبارحة كان لقاء مع مجلس المنافسة من أجل تبادل المعطيات حول الموضوع، طبعا رأيه في الموضوع إلى غير ذلك".
وكشف: "نحن بصدد إعداد هذا التقرير الذي سيكون جاهزا في الأسابيع القادمة، وسيجيب على سؤالك عن أسباب هذه الزيادة، هل هي حقيقية أم غير حقيقية، وكل ما يتعلق بهذا الموضوع".
هذا، وشهدت أسعار المحروقات، الثلاثاء، ارتفاعا في قيمة اللتر الواحد من الغازوال والبنزين بالتزامن مع المخاوف من ارتفاع أسعار المحروقات بعد تعويم الدرهم.
وارتفع سعر البنزين من 10 دراهم و78 سنتيما، إلى 11 درهما و5 سنتيمات، والغازوال من 9 دراهم و66 سنتيما، إلى 10 دراهم و80 سنتيما.
ويتوقع أن تشهد أسعار المحروقات ارتفاعا في الأيام المقبلة، بسبب تعويم الدرهم، إلا أن الارتفاع الحالي ليس له أي علاقة بتعويم الدرهم، بل بمراجعة الأسعار التي تعمد إليها الشركات كل 15 يوما، لأن سعر الدرهم إلى يوم أمس الاثنين لم يتغير.
وكان المغرب أعلن يوم الجمعة الماضي، قرار تعويم الدرهم ابتداء من الاثنين، وحدد سعر صرف الدرهم داخل نطاق تقلب بين زائد 2.5 وناقص 2.5 عوض نسبة بين زائد 0.3 وناقص 0.3 التي كان معمولا بها.